الفنون البصرية > أيقونات فنية خالدة
عالم الفن الموازي لعالم الطبيعة ولوحة سلة التفاح
كانت الطبيعة الصامتة تُعدُّ أقل الموضوعات الفنية جذبًا للانتباه في فترة الكلاسيكية الحديثة (1770-1830م)؛ فقد أوجدت تلك الفترة تسلسلًا هرميًّا للموضوعات بحسب أهميتها، وعلى قمة ذلك الهرم نجد الموضوعات التاريخية والدينية، فغالبًا ما تكون لوحات تلك المواضيع بحجم كبير لتصل -بأهميتها وقدسيتها- إلى المشاهد على نحو أفضل، ثم يأتي رسم الوجوه (البورتريه) بعده لوحات المناظر الطبيعية، وعادة ما تكون هذه اللوحات متواضعة الحجم، وأخيرًا موضوع الطبيعة الصامتة التي عُدَّت الأقل أهميةً، أما لوحاتها فكانت صغيرة الحجم.
إلا أنه كان هناك استثناء تاريخي واحد، ففي القرن السابع عشر في شمال أوروبا وخاصة في هولندا، كانت لوحات الطبيعة الصامتة لا تزال رائجة ومزدهرة.
ومن المعروف أن الفنان الفرنسي بول سيزان (Paul Cézanne) (1839-1906) كان في كثير من الأحيان يرسم الطبيعة الصامتة؛ ما يجعلنا نتساءل: لمَ اختار فنان -بمثل أهميته- هذا الموضوع على الرغم من عدم رواجه؟
بقيت الطبيعة الصامتة تجذب سيزان فكان بواسطة ريشته يُعيد إحياء العناصر الموضوعة؛ مما ألهم كثيرًا من الفنانين من بعده مثل بابلو بيكاسو وهنري ماتيس وغيرهم الكثير.
فقد تبدو لوحة بابلو بيكاسو (طبيعة صامتة مع الخشاف والزجاج) بسيطة بما فيه الكفاية، بما فيها من زجاجة نبيذ، وسلة مائلة للكشف عما تحتويه من الفاكهة في الداخل، لا شيء ملفت للنظر، على الأقل ليس حتى يبدأ الشخص بملاحظة الخطوط الغريبة في منظور الرسم. على سبيل المثال: الخطوط التي تمثل حواف الطاولة.
إن لوحة سلة التفاح (The Basket of Apples) واحدة من أشهر لوحات الطبيعة الصامتة لبول سيزان،؛ فعادة ما كان فنان عصر النهضة يرسم الحياة لتتحول إلى صورة ثابتة غير متحركة، فيضع الفنان نفسَه مقابل الموضوع في نقطة محددة ويبدأ بجمع مشاعره مع ما يراه أمامه في إطار لوحته، فيبقى كل خط متعامدًا ثابتًا ومستقيمًا.
لكن من الواضح أن تلك لم تكن وجهة نظر سيزان؛ فقد كان يهتم بتمثيل التجربة الحقيقة للبصر وهو الذي يشبه حركة التقاط الكاميرات للمشاهد بآلية التقاط عدة صور في الثانية الواحدة. فهل يمكن أن يكون المنظور الغريب في العناصر نتيجة لتحرك نقطة نظر الفنان هو السبب؟
كانت هذه إحدى وجهات نظر أحد النقَّاد؛ فقد كان سيزان يقول بأن الفن هو "تناغم يسير بالتوازي مع تناغم الطبيعة"، وليس تقليدًا للطبيعة، وكان مدركًا أن الفنان ليس ملتزمًا بتمثيل الأشياء الحقيقة كما هي في الواقع.
وكانت لوحة سلة التفاح من اللوحات النادرة الموقعة بخط الفنان، وقد عُرضت هذه اللوحة في معرض فني للعامة عام 1895م، وكانت الفرصة الأولى للجمهور لمشاهدة أعمال بول سيزان بوصفه الأب الروحي للرسم الحديث.
معلومات اللوحة:
ألوان زيتية على قماش
الأبعاد: 80 سم × 65 سم
المكان: معهد شيكاغو للفنون - الولايات المتحدة الأمريكية
المصادر:
1- هنا
2- هنا