علم النفس > الأطفال والمراهقين
الطلاق؛ رحلة عناء على الأبناء
بطريقة ما؛ يُشبِه وَقْعُ الطَّلاق تَشْخِيص مرض السرطان؛ إذ إنك تعلم أن سنوات طويلة من الكفاح تنتظرك وأنَّ هناك ألمًا لا بُدَّ منه، ويُعرَّف الطلاق أنه الإنهاء القانوني للزواج، وعلى الرغم من أن حدوثه قد يكون أمرًا ضروريًّا لا مَفَرَّ منه، لكن طلاق الآباء يترك أثرًا عميقًا في نفوس الأبناء.
آثار الطلاق في الطفل عند كل مرحلة عمرية:
الطلاق له وَقْع حزين ومجهد ومربك لدى الأطفال في أي عمر، ومع ذلك تختلف ردود فعل الأطفال على الطلاق تبعًا للعمر:
- يعاني الأطفال دون سن الثانية سرعة الانفعال والتشبث واضطرابات في النوم وتوقًا إلى الوالد غير الوصي.
- في سن ما قبل المدرسة: يتوهم معظم الأطفال أنهم السبب في الطلاق فيصبح الأولاد عدوانيين أو متحدِّين تجاه أمهاتهم، وتشعر الفتيات بانعدام الأمان والثقة إزاء الرجال.
- الأطفال في سن المدرسة: يُعبِّر الطفل في هذا السن عن غضبه بنحو أكبر ويميل إلى توجيه اللوم، ويشعر بالقلق بشأن ما سيحدث لوالديه ويحمل آمالًا بعودتهما معًا.
- الأطفال في سن المراهقة: تتضمن ردود أفعال المراهقين الاكتئاب الحاد والسلوك العدواني والعنيف والتفكير في الانتحار، وقد يُشكِّك المراهق في معتقداته ويشعر بالقلق من أنه سيُطلِّق أيضًا يومًا ما.
يُعبِّر الأطفال في الفترة الأولى للطلاق عن حزنهم بصراحة ووضوح ويحملون أمانيَّ بإعادة لَمِّ شمل العائلة، أما في الفترات اللاحقة فيكون الغضب والعجز أكثر بروزًا.
ومن الجدير بالذكر أنَّ آثار الخلافات الزوجية على الأطفال أشد وطأة من آثار الطلاق نفسه، وتتناقص هذه الخلافات غالبًا مع حدوث الطلاق على الرغم من أن الطلاق يحمل للطفل خسائر متعددة -فقدان الحب الأبوي والدعم والكيان والمنزل والأصدقاء. ويرجح أنَّ للعوامل البيئية دورًا مهمًّا في تحفيز المشكلات السلوكية التي يعانيها الطفل بعد الطلاق (كتعاطي المخدرات)، أما مشكلات الجانب الاجتماعي والتحصيل الأكاديمي فالمسؤول عنها هو الجينات.
التخفيف من آثاره
من الطبيعي أن يحزن الطفل على تفكك الأسرة، لكنْ بإمكان الوالدين جعل العملية أقل إيلامًا للطفل، ومساعدته ليخرج منها بمزيد من المرونة والفهم عن طريق إعطائه الوقت والحب والأمان.
ضع مصلحة طفلك أولًا!
- قد يكون التعامل مع زوجتك هو آخر شيء تَوَدُّ فعلَه عند الطلاق، لكنه أمر ضروري لأن طفلك بحاجة إليكما.
- فيما يخص ترتيبات الحضانة، ضع احتياجات طفلك قبل رغباتك واحتياجاتك، وإذا وجدت نفسك في معركة مع زوجتك السابقة مرارًا وتكرارًا في تفاصيل الأبوة والأمومة، فحاول التراجع وتذكر الهدف الأهم.
- ساعد طفلك على الحفاظ على علاقة قوية مع زوجك، لأن ذلك يصب في تحقيق أهداف الأبوة المشتركة. طفلك بحاجة إلى الدعم المقدم من كلا الوالدين ليتجاوز محنة الطلاق.
- ومن أجل الحفاظ على هدوئك فكر في المستقبل، إذا تمكنت من وضع أهداف بعيدة المدى في الحسبان -الصحة الجسدية والعقلية لأطفالك واستقلاليتك- ستتمكن حتمًا من تجنب الخلافات في التفاصيل اليومية.
أبقيه بعيدا عن الصراع
- إنَّ الصراع الأبوي المستمر يزيد من خطر تعرض الأطفال إلى مشكلات نفسية واجتماعية، وتجنب وضع أطفالك في منتصف معاركك، أو جعلهم يشعرون أنه يتعين عليهم الاختيار بينكما.
- لا تجادل زوجك أمام الطفل سواء كان ذلك وجها لوجه أم عن طريق الهاتف، يمكنك طلب التحدث في وقت لاحق أو إنهاء المحادثة.
أخبره بالتغييرات القادمة
قد يكون من المفيد تقليل التغييرات قدر الإمكان في الأشهر والسنوات التي تلي الطلاق، فضع خطة بالتغييرات القادمة واعرضها على أبنائك، وأَجْرِ حوارًا صادقًا معهم عن التغييرات التي تمر بها أسرتهم، إذا أمكن ذلك أخبرهم قبل أسابيع قليلة من نقلهم إلى منزل جديد أو انتقال أحد الأبوين .
طمئنه أن؛ هذا ليس خطؤك
يعتقد كثير من الأطفال أن لديهم علاقة بالطلاق، ويتذكرون الأوقات التي جادلوا فيها آبائهم، أو حصلوا على علامات سيئة، أو واجهوا مشكلة، فلمساعدة طفلك على التخلي عن هذا المفهوم الخاطئ أخبره بالسبب الحقيقي وراء الطلاق. والأهم في مساعدته في تخفيف شعوره بالذنب والألم أن تقول له برسالة واضحة: هذا ليس خطؤك.
حافظ على الروتين
على الرغم أنَّ من الجيد أن يتعلم الأطفال المرونة، لكن التكيف مع عديد من الظروف الجديدة في وقت واحد قد يكون أمرًا صعبًا للغاية، فساعد طفلك على التكيف مع التغييرعن طريق توفير أكبر قدر ممكن من الاستقرار في حياته اليومية. وهذا لا يعني أنك بحاجة إلى جداول زمنية صارمة أو أنَّ روتين حياة كل من الأب والأم يجب أن يكون ذاته. ولكن وضع بعض العادات الروتينية عند كلا الأبوين وإخبار الطفل على نحو مستمر بما يتوقعه من تغييرات سيوفر له شعورًا بالأمان والهدوء والاستقرار.
استمع إليه
قد لا يكون بإمكانك حل مشكلات طفلك وتحويل حزنه إلى فرح لكن من المهم اعترافك بمشاعره بدلًا من تجاهلها، ويمكنك عن طريق إظهار تفهمك بناء الثقة بينكما، ويمكن لصبرك وطمأنتك واستماعك أن يقلل من حدة توتر طفلك مع دعمك له، لن يتجاوز طفلك هذه المحنة بنجاح فقط بل سيخرج منها بفيض من مشاعر الحب والثقة والقوة.
حافظ على علاقة جيدة مع زوجك
لكي تجنّب طفلك التوتر والكَرْب الذي ينشأ من مشاهدة الوالدين في حالة صراع، اسعَ إلى إقامة علاقة ودية مع زوجتك السابقة في أسرع وقت ممكن. رؤية طفلك لهذا يمكن أن يطمئنه ويعلمه مهارات حل المشكلات. كن لطيفًا و مهذبًا في علاقتك مع زوجك السابق، فيمكن أن يشجع هذا زوجك ليكون لطيفًا في الاستجابة. . وإذا لم يكن لديك شيء لطيف لتقوله عن زوجك، فلا تقل شيئًا على الإطلاق
كن صريحًا معه
من حق طفلك أن يعرف السبب الذي أدى إلى الطلاق، اختر سببًا بسيطًا وصادقًا مثل "لم يعد بإمكاننا المضي قدمًا" لأن الأسباب طويلة الأمد لن تفعل سوى إرباكه. ويمكنك جعل المحادثة أسهل على نفسك وعلى طفلك عن طريق تحضير ما ستقوله قبل الجلوس للتحدث. عندما يتحدث طفلك عن مخاوفه وقلقه إزاء تغيرات وأمور تخص الطلاق استجب بصدق. وعندما لا تعرف الإجابة، قل برفق أنا لست متأكدًا في الوقت الحالي، لكنني سأكتشف ذلك وستكون الأمور على ما يرام.
أخبره أنك تحبه
- إنَّ إقناع طفلك أنَّ حبك له لم يتغير يمثل تحديًا صعبًا، ذكِّرْه أنه في بعض الأحيان لا يجتمع الآباء والأبناء دائمًا تحت سقف واحد، إلا أن الآباء والأبناء لا يتوقفون عن حب بعضهم، وأخبره بأنك ستواصل الاعتناء به دائمًا.
- إنَّ إخباره أن كل شيء سيكون على ما يرام قد يعطي حافزًا لطفلك لمنح الوضع الجديد فرصة، ويمكنك عن طريق القرب الجسدي -كالعناق والتربيت على الكتف- طمأنة طفلك عن ثبات حبك
تجنب اللوم
- إنه من المهم أن تكون أمينًا مع طفلك (ولكن دون أن تنتقد زوجك). قد يكون هذا أمرًا صعبًا وخاصة عندما تكون هناك أحداث مؤذية مثل الخيانة الزوجية، ولكن مع القليل من الدبلوماسية يمكنك تجنب الوقوع في دائرة الملامة..
- خطط للتحدث مع طفلك بحضور الزوج والتزم بضبط النفس واحترام الزوج عند إعطاء أسباب الانفصال
ساعده في التعبير عن مشاعره
- إذا لم يتمكن الطفل من مشاركة مشاعره بصدق، سيواجه صعوبة في التعامل مع هذه المشاعر. قد يشعر طفلك بالإحباط بسبب تفاصيل لم تكن تتوقعها! وقد يخشى إيذاء مشاعرك. استمع إليه، وساعده ليتحدث بصدق، وشجعه على مشاركة مشاعره. وساعد طفلك في العثور على الكلمات التي تعبر عن مشاعره فمن الطبيعي أن يجد صعوبة في ذلك.
اجعل الحديث عن الطلاق عملية مستمرة. فمع تقدم الأطفال في السن والنضج، يكون لديهم في الغالب أسئلة ومشاعر ومخاوف جديدة بشأن ما حدث، لذا قد ترغب في العودة إلى هذا الموضوع مرارًا وتكرارًا.
كن صبورًا
قد تجد طفلك متفهمًا للطلاق في يوم وضائع في اليوم الذي يليه، فتعامل مع ارتباك طفلك وسوء فهمه بالصبر.
اعتن بنفسك
إن أُولى تعليمات السلامة في حالة الطوارئ للطائرات تقتضي بوضع قناع الأكسجين لنفسك قبل وضعه لطفلك. وكذلك الحال عندما يتعلق الأمر بمساعدة أطفالك عند الطلاق، ما عليك فعله هو: الاعتناء بنفسك حتى تتمكن من الاعتناء بأطفالك.
عندما تتغلب على آلام الانفصال أو الطلاق بطرائق صحية، ستكون أكثر قدرة على التزام الهدوء ومساعدة أطفالك على تخطي المحنة.
ما الذي يحتاجه الأطفال من آبائهم عند الطلاق
أبي.. أمي..
أحتاج إلى كليكما في حياتي
أرجوكما اتصلا بي وراسلاني واستفسرا عن أحوالي، فعندما تبتعدان أشعر أنني غير مهم وأنكما لا تحبانني حقًّا..
توقفا عن الشجار وحاولا الاتفاق بشأن الأمور المتعلقة بي، عندما تتشاجران بسببي أعتقد أنني ربما قد ارتكبت خطأً ما فأشعر بالذنب.
أريد أن أحبكما معًا وأن أستمتع بالوقت الذي أقضيه مع كل منكما.
عندما أراكما تشعران بالغيرة والضيق أشعر أنه يجب علي أن أكون متحيزًا لأحدكما وأن أحب أحدكما على حساب الآخر
تواصلا مع بعضكما تراسلًا مباشرًا ولا تجعلانني مرسالًا بينكما
من فضلك عندما تود التحدث عن الطرف الآخر قل أشياء لطيفة فقط أو لا تَقُل شيئًا على الإطلاق
ابنكما المحب..
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا
5- هنا
6- هنا