الفلسفة وعلم الاجتماع > علم المنطق والأبستمولوجيا
مغالطة الرنجة الحمراء Red Herring
تشير الرنجة الحمراء إلى أسماك مملحة ومُدَخَّنة جيدًا ليتحول لونها إلى الأحمر أو البني الغامق وتصبح رائحتها نفاذة. وبسبب رائحتها القوية؛ كان يستخدمها المجرمون الهاربون لجذب انتباه كلاب الصيد وصرفه عن رائحة الطريدة الأصلية، ثم بدأ يُستخدَم هذا المصطلح للإشارة إلى أي شيء يحرف الانتباه عن القضية المطروحة.
وبذلك تعني مغالطة الرنجة الحمراء Red Herring: تحويل مسار الحديث وتبديد النقاش بطرح مسألة لافتة خارجة عن الموضوع لصرف انتباه المستمعين وتحويله إلى اتجاه آخر، وهي صورة من صور انقطاع الصلة بين المسألة المطروحة ومسار الحوار التي تدفع الغافل إلى السير في الطريق الخاطئ، وهي حيلة فعالة للغاية؛ إذ لا تبدو إنها تحرف مسار النقاش في البداية، وتختلف عن مغالطة تجاهل المطلوب (الحيد عن المسألة) هنا في أنَّ الثانية خطأ في الاستدلال، ويتجاهل المحاور فيها الشيء الذي يجب عليه إثباته ويثبت شيئًا آخر؛ أي إنه ثمَّة نتيجة محددة توصَّل إليها لكنها غير النتيجة المطلوبة، في حين أنّه في مغالطة الرنجة الحمراء تنحرف الحجة عن مسارها ولا تصل إلى شيء، وهي إما خروج عن الموضوع إلى موضوع آخر مثير انفعاليًّا فحسب، وإما تمويه وتعتيم لا يُفضي إلى شيء مهم.
وقد تتخذ بعض القضايا ترتيبًا هرميًّا لحسم المسائل التي تسبقها مثل ما جاء في محاورات أفلاطون، ويُعدُّ هذا التحول عن الموضوع تمهيدًا لتوضيح المسألة المعنية ويفضي إليها، أما في الرنجة الحمراء؛ فإن التحول يقضي على الموضوع الأساس ويمحوه؛ فيتجاهل المحاور البرهنة عليه.
مثال (1):
- لا أوافقك، أعتقد أن القتال في الحروب هو أمر غير أخلاقي.
- وما الأخلاق؟
- هي مجموعة من القواعد اللازمة لضبط سلوك الإنسان.. إلخ.
- حسنًا، ومن وضع هذه القواعد؟
قولك لي بأنني يجب أن ألتزم بالرياضة وبنظام غذائي صحي يعني أنني ممتلئ، وهذا لا أقبله لأن جميع من حولي يرونني وسيمًا هكذا، ويجب على كل شخص أن يثق بذاته مهما كانت.
مثال (3):
- هل تعاونت شركتكم مع منظمات إرهابية مسبقًا؟
- لأكون واضحًا معك؛ فإن شركتنا ساهمت في العديد من الأعمال الخيرية وتعاونت مع عدة جمعيات تُعنى بحقوق الأطفال وخاصة العاملين منهم.
المصادر:
1- مصطفى، عادل. المغالطات المنطقية (فصول في المنطق غير الصوري)، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، ط1، 2007. ص63 إلى ص65
2- واربرتون، نايجل. التفكير من الألف إلى الياء، ترجمة: هالة عباس وأسامة عباس، مركز نماء للبحوث والدراسات، بيروت، ط1، 2018. ص153 وص154
3- هنا