المعلوماتية > برمجيات
أول تطبيق ذكي لكشف التهاب الأذن عند الأطفال
تُعدّ التهابات الأذن المرض الأكثر شيوعًا الذي يأخذ الآباء بسببه أبناءهم إلى عيادات الأطباء، وذلك وفقًا لمعهد الصحة الوطني NIH.
إن التهاب الأذن يحدث نتيجة تراكم السوائل في الأذن الوسطى خلف غشاء الطبل، ومن ثم إصابة السوائل بالخمج، كذلك يحدث تراكم السوائل في التهاب الأذن الوسطى مع انصباب.
ويكون أي نوع من تجمع السوائل مؤلمًا جدًّا، وقد يؤثر في الأطفال مسببًا صعوبة في السمع؛ مما قد يؤثر سلبًا في مرحلة تعلم الكلام.
إضافة إلى ذلك، يكون التشخيص صعبًا بسبب الأعراض المبهمة لدى الأطفال؛ فقد يضع الأطفال أيديهم في آذانهم وقد يصابون بالحمى أحيانًا، في حين قد تغيب الأعراض أحيانًا أخرى، ولذلك؛ يجب أخذ عدم قدرة الأطفال على تحديد موضع الألم على نحو واضح بعين النظر.
يجد التطبيق المثبَّت على الهواتف الذكية حلًّا لهذه المشكلة باستخدام قطعة ورقية مطوية على شكل قمع ومكبر الصوت والميكروفون الموجودَين في الهاتف الذكي؛ إذ يكشف عن تجمع السوائل في الأذن الوسطى عن طريق تقييم قابلية طبلة الأذن لسماع الصوت وارتداده.
أُجرِيت الدراسة السريرية على 98 أذنَ مريض في مركز جراحي للأطفال، وحصل الباحثون باستخدام الخوارزمية الذكية (LOOCV) على منطقة تحت المنحنى (area under the curve)* بقيمة 0.898 لخوارزمية تعلم الآلة والذكاء الصنعي الموجودة على الهاتف الذكي، وذلك مقابل قيمة 0.776 للأجهزة التجارية التقليدية المستخدمة التي تتطلب معدات خاصة والمخصصة لذلك.
وكانت قيمة الحساسية 85٪ والنوعية 82٪، علمًا أن هذه القيم تقارب تلك القيم المنشورة باستخدام مقياس الطبل وتنظير الأذن الهوائي، وقد حُصِل على نتائج مماثلة عند الاختبار باستخدام الهواتف الذكية المتعددة.
وتظهر هذه النتائج إمكانية أن يكون الهاتف الذكي أداةَ فحص منخفضة التكلفة وسهلة الاستخدام وفعالة في الكشف عن تجمع السائل في الأذن الوسطى.
آلية عمل هذا التطبيق:
يرسل الهاتف الذكي موجات صوتية خفيفة (زقزقة) بواسطة قمع ورقي صغير، واعتمادًا على الطريقة التي تنعكس بها هذه الزقزقة على الهاتف يحدد التطبيق احتمال وجود السوائل مع احتمال كشف يصل إلى 85٪.
ويكون ذلك بالأساليب الحالية نفسها التي يستخدمها المتخصصون للكشف عن السوائل في الأذن الوسطى والمُعتمِدة على أدوات متخصصة تستخدم الصوت أو نفخ الهواء وانتظار الارتداد.
يعمل هذا التطبيق عن طريق إرسال الموجات (الزقزقة) إلى الأذن وقياس كيفية تغير تلك الموجات الصوتية في أثناء ارتدادها عن طبلة الأذن؛ إذ يقطع الطبيب أو الأب قطعةً ورقية ويطويها على شكل قمع، ثم يُوضَع القمع في الأذن الخارجية وتوجّه الموجات إلى الداخل.
وعندما يشغل الهاتف صوتًا مستمرًّا يبلغ طوله 150 مللي ثانية ويبدو كأنه صوت طائر، ينتقل هذا الصوت عبر القمع، ومن ثم ترتد موجات الصوت من طبلة الأذن وتنتقل مرة أخرى عبر القمع ليلتقطها ميكروفون الهاتف الذكي مع الصوت الأصلي.
وبناءً على ما إذا كان هناك سائل في الداخل؛ فإن تداخل موجات الصوت المنعكسة مع موجات الصوت الأصلية يكون على نحو مختلف.
وقد قال المؤلف جاستن تشان Justin Chan طالب الدكتوراه في مدرسة ألين: "إنه يشبه النقر على كأس يحوي أيَّ سائل، وبناءً على مقدار السائل الموجود في الكأس يمكننا الحصول على عدة أصوات مختلفة، ومن ثم يمكننا اكتشاف وجود السائل بتطبيق الخوارزمية على هذه الأصوات".
وفي حال عدم وجود سوائل خلف طبلة الأذن فإن طبلة الأذن تهتز وترسل مجموعة متنوعة من الموجات الصوتية إلى الخلف؛ أي تجاه الأذن الوسطى، ومن ثم تتداخل هذه الموجات مع الصوت الأصلي قليلًا مولدة انخفاضًا واسعًا وسطحيًّا في الإشارة الكليّة.
أما في حال وجود سائل خلف طبلة الأذن، فلا تهتز طبلة الأذن وتنعكس موجات الصوت الأصلية مرة أخرى.
وقد قال جاستن تشان Justin Chan: "قد تعود هذه التقنية الدقيقة في الكشف عن الالتهاب بنفع كبير ولاسيّما على الأهالي في المناطق النائية. وتكمن سهولة هذه التقنية في كونها متوفرة على الهاتف الموجود في كل مكان في العالم ولا تحتاج إلا إلى هاتف وقطعة ورقية صغيرة دون أي أجهزة أخرى".
ويمكن معالجة هذا المرض بسهولة في حال تشخيصه، وذلك إما عن طريق أن يصف الطبيب بعض الأدوية مثل مضادات الالتهاب والمضادات الحيوية وإما بزيارة الطبيب؛ إذ يُجري الطبيب عملية جراحية بسيطة ليضع أنبوبًا في غشاء طبلة الأذن من أجل تفريغ السوائل المتجمعة من الأذن الوسطى تجاه الأذن الخارجية والتخفيف من الآلام المرافقة، أو لتحسين حالة السمع في حال فقدانها بسبب هذه السوائل.
وبذلك؛ يساعد التشخيص المبدئي الذي يعطيه التطبيق الأهلَ على معرفة ما إذا كان الطفل بحاجة إلى الذهاب إلى الطبيب أم لا.
ومن أجل تعليم الخوارزمية وتدريبها على اكتشاف التغيرات في الإشارة وتشخيص حالة الأذنين؛ أجرى الفريق الاختبار على أطفال تتراوح أعمارهم بين 18 شهرًا و17 عامًا في مستشفى سياتل للأطفال.
وقد شُخِّص نصف الأطفال بأنهم يحتاجون عملًا جراحيًّا لوضع أنبوب في الأذن، وهي عملية شائعة بين المرضى الذين يعانون تجمع السوائل المزمن أو المتكرر، في حين خضع النصف الآخر لعملية جراحية مختلفة لا علاقة لها بالأذنين؛ مثل استئصال اللوزات.
وقال د. شارات راجو Sharat Raju الطبيب المقيم في قسم جراحة الأنف والأذن والحنجرة في كلية الطب في جامعة ويسكونسن: "إن ما يميز هذه الدراسة حقًا هو أننا نستخدم المعيار الذهبي لتشخيص التهابات الأذن؛ فعندما نضع أنبوبًا في الأذن نجري شقًّا في طبلة الأذن ونخرج أي سائل موجود، وهذه هي أفضل طريقة لمعرفة ما إذا كان هناك سوائل خلف طبلة الأذن، لذا؛ وفرت هذه العمليات الجراحية المناخ المثالي لهذه الدراسة.
كذلك سجلنا الموجات الصوتية المرتدة من آذان الأطفال -بعد الحصول على موافقة الأهل- قبل العمل الجراحي مباشرة".
ومن بين الأطفال الذين خضعوا للجراحة ووضعوا أنابيب الأذن؛ كشفت الجراحة عن وجود تجمع سوائل خلف طبلة الأذن لدى 24 طفلًا، في حين كانت آذان 24 طفلًا آخرين سليمة.
أما فيما يخص الأشخاص الذين خضعوا لجراحات أخرى، فقد كان هناك شخصان فقط لديهما اندفاع في طبلة الأذن وصفي لإنتان الأذن، في حين كان 48 شخصًا بحالة جيدة.
وقد نجحت الخوارزمية في تحديد احتمال تجمع السوائل بنسبة 85٪ على نحو صحيح، وهي تشبه نسبة الطرائق التقليدية التي يستخدمها الأطباء المتخصصون لتشخيص تجمع السوائل في الأذن الوسطى.
كذلك اختبر الفريق هذه الخوارزمية على 15 أذنًا لأطفال أصغر تتراوح أعمارهم بين 9 أشهر و 18 شهرًا. وصنفت الخوارزمية على نحو صحيح الآذان الخمسة جميعها التي كانت إيجابية لتجمع السوائل، في حين كانت 9 من أصل 10 آذان (90 ٪) سليمة؛ أي لم يكن فيها تجمع سوائل.
ونظرًا إلى رغبة الباحثين في أن يتمكنَ الآباء من استخدام هذه التقنية في المنزل؛ درّب فريقٌ الأهل على كيفية استخدام التطبيق على أولادهم، فقد طوى كلٌّ من الأهل والأطباء الورقة وجربوها على 25 أذنًا وقارنوا النتائج.
واتفق الأطباء والأهل على وجود 6 آذان مصابة بتجمع السوائل، وعلى أنّ 18 من أصل 19 أذنًا سليمة ولا يوجد فيها سوائل.
وفي المحصلة كانت الموجات الناتجة عن الأهل متشابهة مع الموجات الناتجة عن الأطباء.
واختُبِرت الخوارزمية على مجموعة مختلفة من الهواتف الذكية أيضًا، واستُخدِمت أنواع مختلفة من الورق لصنع القمع، وقد كانت النتائج متطابقة بغض النظر عن نوع الهاتف أو الورق.
ويخطط الباحثون لتسويق هذه التقنية عن طريق شركة Edus Health، ثم إتاحة التطبيق للعموم. فهل تفكر في تثبيت التطبيق على جهازك عند توفره؟
وفي الختام؛ يمكنكم رؤية آلية عمل التطبيق في هذا الفيديو هنا
*هامش:
المنطقة تحت المنحنى AUC) area under the curve): تُستخدَم المنطقة تحت المنحنى مقياسًا لدقة اختبار ما في تشخيص مرض معين، وينتج المنحنى هنا عن مخطط بياني تشكل فيه الحساسية محور Y، في حين يمثل محور X قيم (1-النوعية)، وتتراوح قيمة كل منهما بين 0 و 1.
ويُعدّ الاختبار مثاليًّا عندما تكون قيمة AUC مساوية لـ 1؛ أي تبلغ حساسية الاختبار 100% ونوعيته 100%، في حين يكون غير مجدٍ إذا كانت قيمة AUC مساوية لـ 0.5، وبذلك يكون الاختبار أفضل كلما اقتربت قيمة AUC من 1.
المصادر: