الهندسة والآليات > الطاقة
برج عملاق يَستخدم الطوب في تخزين الطاقة .. هل هو الحل لأهم مشكلات الطاقة المتجددة؟
تُعدُّ تكلفة بناء مزرعة للطاقة الشمسية أو طاقة الرياح أقل بكثير من بناء محطة للطاقة تعتمد على الفحم الحجري، لكن عندما لا تهب الرياح ولا تشرق الشمس تصبح تكلفة الطاقة المتجددة باهظة جدًّا وتخزينها مرتفع التكلفة كذلك، على الرغم من انخفاض تكلفة البطاريات. لتوضيح المشكلة أكثر، فإنه يكفي أن نقول إنَّ تحوُّل العالم اليوم إلى استخدام الطاقة المتجددة بالكامل يعني أننا سندفع فواتير كهرباء أعلى.
يبحث العديد من الباحثين عن طريقة لحلِّ هذه المشكلة، وهذا ما دعا شركة ناشئة تُدعى (إنرجي فولت) Energy Vault تقع في كاليفورنيا وسويسرا إلى ابتداع حلٍّ يعتمد على أبسط قوانين الفيزياء، ونقصد هنا الطاقة الكامنة. سمَّت الشركة نظامها الجديد باسم "برج الطوب العملاق"، ومن المحتمل أن تنخفض تكلفة التخزين إلى النصف أو بنسبة تصل إلى 80 في المئة على مدار عمرِ النظام الإجماليِّ، إذ ستصبح تكلفة الطاقة المتجددة أقل من الوقود الأحفوري في كل أيام السنة وفي أي مكان.
آلية عمل برج الطوب العملاق:
استمدت الشركة المصنِّعة إلهامها من الطريقة التي تخزِّن بها بعض السدود الطاقة، وذلك بأن تضخَّ محطاتُ الطاقة المائية المياهَ صعودًا عندما يكون الطلب على الطاقة منخفضًا، وبذلك يكتسب الماء طاقة كامنة، وتُنتج السدود الطاقة مجددًا عن طريق تدوير التوربينات عندما تتدفق المياه من جديد عبرها نزولًا.
يعتمد الحلُّ الجديد -المؤلف من برج بارتفاع 35 طابقًا- مثل السدود على الجاذبية الأرضية والطاقة الكامنة، لكنه لا يتطلب المياه؛ فعندما تنتِج مزرعة الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح طاقةً أكثر من حاجة الشبكة الكهربائية تُستخدم الطاقة الزائدة لرفع الطوب العملاق الذي يزن 35 طنًّا عن طريق الرافعات الأتوماتيكية إلى قمة البرج، وبرفع الطوب إلى الأعلى وتكديسه فهي تخزن الطاقة الكامنة، وعند حاجة الشبكة الكهربائية إلى الطاقة تخفِّض الرافعة تلقائيًّا الطوبَ نحو الأسفل وتَستغل تحوُّلَ الطاقة الكامنة إلى طاقة حركية، وتُستخدم هذه الطاقة لتدوير مولِّد كهربائي وكل هذا يحدث فورًا.
يقول (روبرت بيكوني)، المدير التنفيذي لشركة (إنرجي فولت): "يمكننا تحقيق زمن استجابة من فئة الميلي ثانية، ويأخذ برنامج النظام إشاراتٍ من الشبكة للتحكم التلقائي في الرافعات التي ترفع الطوب العملاق وتخفضه بعناية مع مراعاة الرياح والطقس، وتخفض الرافعاتُ الطوبَ بسرعة محسوبة لتوفير الكهرباء باستمرار، إذ تَستخدم الأبراج العملاقة حلًّا منخفض التقنية لتخزن الطاقة التي تنشأ عندما تهب الرياح أو تشرق الشمس لاستخدامها لاحقًا".
تكلفة بناء هذا البرج العملاق:
تكلفة بناء برج الطوب العملاق أرخص من بناء البطاريات العملاقة مثل بطارية (تِسلا) المُركبَّة في جنوب أستراليا وأماكن أخرى، وذلك لأن الطوب يمكن صنعه من الأسمنت المهدور. يتعين مثلًا على موقع بناء في كاليفورنيا دفعُ 55 دولارًا لكل 0،84 م2 من هذا الأسمنت للتخلص منه، وعلى عكس بطاريات الليثيوم أيون لا يتطلب صنع الطوب مصنعًا مخصصًا بملايين الدولارات، وتأتي الرافعة المستقلة من جهة تصنيع أخرى بالإضافة إلى أن استخراج الليثيوم يستهلك كميات كبيرة من المياه ويمكن أن يؤدي إلى خطر تسرب المواد السامة إلى البحيرات.
الأنموذج الأولي لبرج الطوب العملاق:
بنت شركة (إنرجي فولت) في بلدة صغيرة بالقرب من مقرها في سويسرا أنموذجًا أوليًّا للجهاز بارتفاع 21،95 م بدلًا من الارتفاع المعتاد 119،79 م، ويعمل النظام بمقياس صغير أيضًا لكن بكفاءة وتكلفة أقل. وتبني الشركة الآن أولى وحداتها حول العالم وتتواصل أيضًا مع المستهلكين الذين يدرسون بناء سدود ضخمة جديدة، يقول بيكوني: "يمكننا إنجاز ذلك بربع التكلفة وبدون المشكلات البيئية مع تحقيق الأداء المطلوب وأكثر، ونحن لا نحتاج إلى الاعتماد على الصناعات التحويلية أو الاستثمارات الضخمة".
فكِّروا بهذا البرج العملاق على أنه بطارية كبيرة بدون أية جوانب سلبية على البيئة، وهو يُشكِّل خطوة عملاقة نحو اعتماد الطاقة المتجددة بالكامل. فما رأيكم؟ هل ترون في هذا البرج حلًّا ناجعًا أم ما زال الطريق طويلًا؟
المصادر:
1- هنا