الكيمياء والصيدلة > علاجات صيدلانية جديدة
بعد عقود من الانتظار؛ الاكتئاب تحت رحمة عقار جديد!
يسعى الخبراء والباحثون إلى فهم أعمق وأدق لهذه الحالات المرضية ومحاولة إيجاد حلول آمنة وفعالة لها منذ عقود؛ إذ تختلف طرائق علاج الاكتئاب بين سلوكية ودوائية، ويصرف كثيرٌ من العقاقير الخاصة بحالات الاكتئاب ولآلاف المرضى يومياً في أنحاء العالم، ويكون بعضها فعالاً بوضوح عند بعض المرضى في حين لا نجد الأثر نفسه لدى بقية المرضى؛ إذ إن معظم العقاقير المتوفرة حالياً تتّبع الأسلوب العلاجي للاكتئاب نفسه. وقد وصلنا إلى وقت أصبحت به معظم مضادات الاكتئاب غير نافعة نفعاً كبيراً لدى المرضى جميعهم.
في مقالنا اليوم سنتكلم عن أمل جديد في الحرب ضد الاكتئاب، فقد وجدت دراسة حديثة أجراها باحثون في كلية الطب في Mount Sinai في نيويورك أن مرضى الاكتئاب الشديد أو ما يُعرف بالإنكليزية (Major Depressive Disorder (MDD أظهروا انخفاضاً بنسبة 45% في أعراض الاكتئاب لديهم بعد أن عولجوا بعقار Ezogabine الذي وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA في عام 2011 علاجاً للصرع.
يؤثر الاكتئاب الشديد أو الحاد (MDD) في أكثر من 15 مليون مواطناً أمريكياً.
ويكون عمل هذه الأدوية الرئيس على زيادة نسبة هرمون السيروتونين (أحد النواقل العصبية في المخ) بوصفه عقارَ Prozac وعقارَ Paxil؛ مما أدى إلى تبني توجه علاجي جديد ناجم عن زيادة فهمنا للتأقلم الطبيعي أو ما يُعرف بالإنكليزية Natural Resilience بوصفها عملية نشطة للتأقلم مع التوتر، ومن المعروف أن قنوات البوتاسيوم في "مسار الجائزة المخي" تمتلك دوراً نشطاً في عملية التأقلم.
يعمل عقار الإيزوجابين Ezogabine المعروف باسم رتينوجابين Retigabine أيضاً على زيادة نشاط منطقة المخ التي تتحكم بالبوتاسيوم فاتحاً بواباتها؛ إذ تُشير الدراسة إلى أن الاكتئاب يعمل على تقليل نشاط هذه المنطقة مما شجع الخبراء والباحثين على دراسة مدى تأثير عقار Ezogabine ودوره عند استخدامه في المرضى الذين يُعانون اكتئاباً حاداً. وقبل بدء تجربته على البشر؛ اختبر الباحثون هذا العقار على الفئران وأظهرت النتائج قدرته على خفض الاكتئاب لدى الفئران، وتجسد ذلك بزيادة النشاطات الاجتماعية والرغبة في المكافآت الطبيعية لدى الفئران.
وفي الدراسة التي أُجريت على 18 مريضاً مشخصاً بالاكتئاب الحاد ولا يتناول أية أدوية إطلاقاً؛ أُعطي المرضى 900 ملغ من عقار الإيزوجابين Ezogabine على مدار 10 أسابيع، وصُوِّرَت أدمغتهم باستخدام جهاز الرنين المغناطيسي قبل الانتهاء من إعطاء الدواء وبعده لرؤية مدى الترابط والنشاط بين أجزاء "مسار الجائزة الذاتي" في المخ. وقد أظهرت النتائج انخفاضاً واضحاً في أعراض الاكتئاب بعد انتهاء فترة التجربة، وتجلى ذلك بتغييرات ترابطية واضحة في مسار الجائزة الذاتي في المخ.
ويعمل الفريق البحثي في كلية الطب في Mount Sinai في نيويورك على إجراء دراسة أكبر وأوسع في عدة مراكز ليختبروا مدى فعالية العلاج الجديد على مرضى الاكتئاب الحاد، فالوصول إلى صنف جديد من الأدوية يعني فرصة حصول المرضى على علاج بحسب المسبب الرئيس للمرض تحديداً".
المصادر: