الطبيعة والعلوم البيئية > عجائب الأحياء
أسنانُ القرش
يعد القرش من أشهر المفترسات ويمتاز بأسلحة فتاكة متمثِّلة في أسنانه؛ دعونا نتعرف إليها أكثر في هذا المقال.
ساهمت الأسنان في التعرف إلى أسماك القرش التي تعود إلى عصر ما قبل التاريخ، ونظرًا إلى أنَّ أسماك القرش أسماك غضروفيّة، فسيتحلّل هيكلها مع الزمن في مياه المحيط المالحة، لتبقى أسنانها -غالبًا- الجزء الوحيد من أجسامها الذي يترسّب ويُشَكِّل المستحاثات، ونظرًا إلى أنَّ أسنانها عبارة عن حراشف بلاكويديّة متحوّرة (حراشف شبيهة بالأسنان مُكوّنة من العاج مع بروزٍ خلفيٍّ مُستدِقّ من المينا)، التي تشبه أسنان البشر في تكوينها من تجويف لبٍّ مركزيّ مُحاط بالعاج وبسطح صُلْبٍ من المينا.
وتستقرّ هذه الأسنان في قاع المحيط بعد موت الأسماك وتُغطّى بالرّواسب الرمليّة التي تمنع الأوكسجين والجراثيم المفكِّكة من الوصول إلى السنّ، فيتحجّر على مدى آلاف السنين؛ ولهذا السبب لا تتلوّن معظم الأسنان التي يُعثَر عليها باللون الأبيض، بل بلونِ الرواسب الرّمادي أو الأسود أو البنيّ. تمتصّ الأسنان المعادن الموجودة في الرواسب، وتحلُّ محل العاج والمينا، ويُجمِّعها الصيادون في النهاية قرب الشاطئ وخاصّةً على شواطئ البندقية وفلوريدا، وعلى خليج المكسيك لتُباع لاحقًا بأسعارٍ تختلفُ تبعًا لحجمها وشكلها ومكانِ جمعها. وتُستخدَم أسنانُ القرش حصريًّا -تقريبًا- في تصنيف الأنواع القديمة من أسماك القرش. وقد عرفَ العلماء بعض أسماك قرش ما قبل التاريخ عن طريق شكل أسنانها وحجمها.
تُرتَّب الأسنان في صفوفٍ يختلف عددها من فصيلة إلى أخرى، ويُسمّى أقرب صفٍّ إلى مُقدمة الفم صفَّ الأسنان "العامل" (على الرغم من أن بعض أسماك القرش قد تستخدِم أوّل 8 صفوف منها)، وهي أكبر الأسنان في فم أسماك القرش، وتَكُون أسنان الصف الثاني أصغر من أسنان الصف الأول، وأسنان الصف الثالث أصغر من أسنان الصف الرابع، وهكذا. وفي كل مرة تفقد سمكة القرش سنًا، يتحرّك السنّ الموجود في الصفّ الخلفيّ لأخذ مكان السن المفقود. وذلك لأنّ أسنان أسماك القرش لا تملك جذوراً وليست مُضمَّنة في الفكّ، بل تكون مُتصلةً بالجلد الذي يغطّيه.
تنمو الأسنان الجديدة باستمرار ضمن أخدود في فم القرش ويعمل الجلد "كحزامٍ متحرِّكٍ" لتحريك الأسنان إلى الأمام في أماكن جديدة. وقد سمحت قدرة استبدال الأسنان السريعة على تطوّر فكّ القرش ليقضم فرائسه بقوّة.
يختلف الوقت المُستغرَق في استخدام القرش لكلّ سنّ وفقدانه تبعًا للنوع والعمر؛ إذ تستبدل أسماك القرش الأصغر سنًّا أسنانها أكثر من مرة، وتُشير بعض الأدلّة بوضوحٍ إلى أنّها تفقد وتستبدل أسنانها صيفًا أكثر منه شتاءً، وهو الوقت الذي يزداد في نشاطها وتغذيتها. في حين تستبدِل معظم أسماك القرش أسنانها استبدالًا فرديًّا، وتستبدلُ أسماك القرش الأخرى كلّ أسنانها في وقتٍ واحد. ويمكن أن تستخدم بعضها أكثر من 30000 سنٍّ في حياتها (بمعدّل مرة كلّ ثمانية أيام إلى مرة كل شهر)، قرابة 937 أضعاف عدد الأسنان لدى الإنسان العادي.
وعلى الرغم من اشتراك أسنان أسماك القرش في السمات الشائعة السابقة، لكنها تختلفُ في أشكالها واستخداماتها؛ فهناك أربعة أنواع أساسية من الأسنان متناسبة مع أربع مجموعات أساسيّة من الوجبات الغذائية لها، هي:
1-تتمتع أسماك القرش التي تتغذّى عادةً على الأسماك بأسنانٍ طويلةٍ ضّيقةٍ إبريّة، وهي مثالية للالتصاق بسطوح الأسماك الزلِقة.
2-تتغذّى أسماك القرش القاعيّة على الرخويّات ثنائيّة المصراع والقشريّات، فتملكُ أسنانًا صفيحيّةً سميكةً مثاليّة لطحن قواقعِ فرائسها.
3-تملك أسماك القرش النمريّة وأسماك القرش البيضاء الضخمة التي تتغذّى على نحو رئيسٍ على الفقمة والثديّات الأخرى أسنانًا حادّةً مسنّنةً لتمزيق قطع اللحم.
4-تتغذّى أسماك القرش العملاقة على صغار القشريّات وأشكالٍ أخرى من العوالق. وعلى الرغم من امتلاكها عديدًا من الأسنان، لكنها تكون صغيرةً وعديمة الفائدة؛ إذ تتغذى على العوالق التي تُصفّى من المياه عن طريق الغلاصم.
المصادر: