الكيمياء والصيدلة > تأثير أدوية
صراع العروش( الباراسيتامول والإيبوبروفين)
إن ضيفي مسابقة اليوم من أشهر الشخصيات على الإطلاق، وستكون المنافسة حامية بالتأكيد، فلنبدأ بالتعرف إليهما..
الباراسيتامول:
من مسكنات الألم اللاأفيونية، ويعرف باسم الأسيتامينوفين، يعطى فمويًّا لعلاج الألم الخفيف إلى المتوسط والحمى، بجرعة تقدر بـ 0.5-1غ كل 4-6 ساعات يوميًّا، وجرعة قصوى تبلغ 4غ، وتختلف هذه الجرعة عند إعطائه وريديًّا، ويمكن أن يعطى عن طريق الشرج بجرعة مماثلة للإعطاء الفموي أيضًا.
ويجب الانتباه إلى أن بعض المرضى قد يتعرضون للتسمم به حتى ضمن الجرعات العلاجية، خاصة أولئك الذين تقل أوزانهم عن 50 كغ، والذين يمتلكون عوامل خطورة لحدوث سمية كبدية، ولذلك تجب المراقبة السريرية لتحديد الجرعات المناسبة لهؤلاء المرضى.
وتعد معظم الآثار الجانبية لهذا الدواء نادرة الحدوث، وهو آمن في الحمل، وفي الرضاعة أيضًا؛ إذ إن الكميات الواصلة منه إلى رضيع تكون زهيدة جدًّا فلا تشكل خطرًا يُذكر.(صفحة 438-439 BNF)(المصدر1)
الإيبوبروفين:
ينتمي الإيبوبروفين إلى مجموعة من الأدوية تدعى بمضادات الالتهاب اللاستيروئيدية (Non Steroidal Anti Inflammatory Drugs"NSAIDS")، فيعمل مسكنًا للألم ومضادًّا للالتهاب أيضًا، وقد يوجد منفردًا أو ضمن مزائج مع أدوية أخرى.
ويعمل عن طريق حجب رسائل الألم الواردة إلى الدماغ، ويساعد على تخفيف الوذمات (الالتهابات) التي تضغط على الأعصاب.(2)
ويستخدم في تسكين الألم وتخفيف الالتهاب في الأمراض الرثوية والاضطرابات العضلية الهيكلية، وفي تدبير الآلام الخفيفة إلى المتوسطة، والتسكين بعد العمليات الجراحية، إضافة إلى تسكين آلام الشقيقة والآلام السنية.(المصدر1 BNF صفحة 1106)
ويمتلك هذا الدواء مضادات عدة للاستطباب أهمها:
النزف المعدي المعوي والقرحة، ووجود تاريخ لنزف معدي معوي سابق ناجم عن استخدام الـ NSAIDs، وفشل القلب الحاد، ويجب التنبيه لأن الأعراض الجانبية الأكثر شيوعًا تظهر عند إعطائه وريديًّا، فقد يسبب احتباس سوائل إضافة إلى الاضطرابات الهضمية والعديد من الأعراض الأخرى.(المصذر1 صفحة 1107)
أما لدى استخدامه في الحمل، فتجب استشارة الطبيب عن استخدامه في الثلثين الأولين، ويحذر من أخذه في الثلث الأخير كونه قد يؤذي الجنين.(2)ويمكن للمرضع أخذه فمويًّا بحذر كون الكميات الواصلة إلى الطفل تكون زهيدة وغير مؤذية، ولكن يحذر من تطبيق مستحضراته الموضعية في أثناء الرضاعة.
والآن بعد أن تعرفنا إلى المتنافسَين؛ ستبدأ جولات السباق، لتكون الجولة الأولى تحت عنوان الآثار العلاجية، متضمنةً خمس فئات فرعية: الحمى، وتسكين الألم، وتخفيف الالتهاب، ومعالجة الحنجرة المتقرحة، والتكلفة المادية.
- الحمى: يأخذ الإيبوبروفين نقطة هذه الجولة؛ إذ تقترح الدراسات كون الإيبوبروفين أفضل لهذه الحالة.
- تسكين الألم: ينتصر الباراسيتامول على الإيبوبروفين في الشطر الأول كونه الأفضل في تسكين الصداع وآلام التهاب المفاصل، ليعود الإيبوبروفين إلى التألق كونه الأفضل في تسكين آلام الدورة الشهرية.
- تخفيف الالتهاب: يُساعد الإيبوبروفين في حالات التهاب الجيوب، وآلام الظهر وتصلب العضلات، وألم الآذان والأسنان،(3) في حين يعد الباراسيتامول هنا خارج المنافسة، فهو على عكس الـ NSAIDs لا يعد مضادًّا للالتهاب أصلًا. ويتعادل الدواءان في قدرتهما على تخفيف ألم الحنجرة المتقرحة، وفي أنهما رخيصَا السعر.وتستمر الجولة الثانية من السباق عن الآثار السلبية لكل من ضيفَي الليلة، متضمنة ثلاث فئات فرعية: السمية، والآثار الجانبية، والأخطار المخفية.
- السمية: يسبب تناول كمية كبيرة من الباراسيتامول على دفعة واحدة أذية للكبد، وقد تكون هذه الأذية دائمة، في حين أن الاستخدام المطول للإيبوبروفين يقود إلى أذية كلوية، وحدوث نوبات قلبية، وسكتات.
- الآثار الجانبية: يرتاح الباراسيتامول قليلًا في هذا القسم؛ إذ إنه قليل الآثار الجانبية باستثناء حالة تفاعلات جلدية مميتة تحدث نادرًا، في حين أن متسابقنا الآخر قد يسبب نزفًا شديدًا في المعدة (قرحة)، واضطرابات هضمية وإمساك، إضافة إلى الحرقة بوصفها آثارًا جانبية شائعة.
- الأخطار المخفية: يوجد الباراسيتامول في أكثر من 150 منتج، يستخدم بعضها في علاج السعال والرشح، وبعضها في حالات التحسس والألم، فضلًا عن اضطرابات النوم، لذا يجب مراجعة كل القوائم التي تحتويه، من ناحية أخرى؛ يجب تجنب استخدام الإيبوبروفين قبل العمليات الجراحية القلبية وبعدها، وعدم استخدامه عند وجود حساسية للأسبرين أو النابروكسين، أو أيٍّ من الNSAIDs.
ومن جانب المأمونية فإن الباراسيتامول أكثر أمانًا من الإيبوبروفين في معظم الحالات، إن لم يؤخذ بصورة خاطئة وكميات كبيرة.
وفي كل الأحوال؛ فإن النتيجة العادلة لصراع الليلة هي التعادل بين الدوائين، ففضلًا عن أن لكل منهما مميزاته، ويمكن التفضيل بينهما حسب الحالة المطروحة، إلا أن الطريقة الأكثر فعايلة لتقليل المخاطر وزيادة الفوائد هي التبديل بينهما باستمرار إن أمكن، خاصة أن لكل منهما طريقة استقلاب مختلفة عن الآخر، ويجب دائمًا أن نحاول اتباع قاعدة "الأقل هو الأفضل" فنأخذ أقل جرعة فعالة ممكنة ولأقصر وقت ممكن من الزمن.(3)
المصادر:
1- BNF76 هنا
2- هنا
3- هنا