الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد
الحلقة الثالثة: لماذا ينمو اقتصاد معين في حين ينكمش اقتصاد آخر!؟
سنتعرف في هذا الجزء على كل من :
منحنى إمكانية الإنتاج (PPF)، لماذا ينمو اقتصاد معين في حين ينكمش اقتصاد آخر!؟، تكلفة الفرصة البديلة و فكرة نظرية التجارة الدولية:
لنبدأ بمنحنى إمكانية الإنتاج ((PPF :
ضمن مجال الاقتصاد الكلي، يعبر منحنى ال PPF عن النقطة التي يحقق عندها الاقتصاد أعلى مستوى ممكن من الكفاءة بإنتاجه للسلع و الخدمات، و بالتالي توزيع موارده (المحدودة) عند هذه النقطة بأفضل طريقة ممكنة. إذا كان الاقتصاد لا يقوم بإنتاج الكميات المشار إليها في منحنى ال PPF فإن موارد هذا الاقتصاد لا تستثمر بالكفاءة المطلوبة و سوف يتضاءل الإنتاج. يرينا منحنى الPFF بأن هناك حدوداً للإنتاج، و بالتالي لكي يعمل الاقتصاد بالكفاءة المطلوبة يجب أن يقرر ما هي تركيبة السلع والخدمات التي يمكن أن يتم إنتاجها.
لننتقل إلى الرسم البياني التالي: تخيل بأن اقتصاداً ما يمكن أن ينتج فقط نبيذاً وقطناً. وفقاً لل PPF فإن النقاط A وB و C تظهر جميعها على المنحنى، و تعبر هذه النقاط عن الاستخدام الأفضل للموارد من قبل هذا الاقتصاد. تمثل النقطة X استخداماً غير فعَّال للموارد، بينما تمثل النقطة Y الأهداف التي لا يستطيع الاقتصاد الوصول إليها بموارده الحالية .
كما نرى، لكي يقوم هذا البلد بإنتاج نبيذ أكثر، يجب أن يتخلى عن بعض موارده التي يستخدمها لإنتاج القطن (النقطة A). و إذا أراد هذا البلد إنتاج قطن أكثر (سننتقل إلى النقطتين B و C) عليه عندئذ أن يحول الموارد من صنع النبيذ إلى صنع القطن، و بالتالي سينتج كمية نبيذ أقل من الكمية التي كان ينتجها عند النقطة A. و كما يرينا الرسم البياني بانتقال الإنتاج من النقطة A إلى النقطة B، سيخفض الاقتصاد إنتاج النبيذ بكمية صغيرة بالمقارنة بالكمية الكبيرة التي سيزيد فيها إنتاج القطن، و إذا انتقل الاقتصاد من النقطة B إلى النقطة C، يتم تخفيض الإنتاج من النبيذ بكمية كبيرة جداً بينما تكون الزيادة في إنتاج القطن أقل من ذلك بكثير. تذكروا أصدقائي أن النقاط ِA،B،C تمثل التوزيع الأمثل للموارد في هذا الاقتصاد، و على الدولة أن تختار و تقرر كيف تستخدم ال PFF و أية تركيبة من المنتجات ستختار. إذا كان الطلب على النبيذ أكثر فإن تكلفة زيادة إنتاجها ستكون متناسبة مع تكلفة تخفيض إنتاج القطن.
تعني النقطة X أن موارد هذا البلد لا يتم استخدامها بشكل كفء، وبتعبير أدق، هذا يعني أن هذا البلد لا ينتج كميات كافية من القطن أو النبيذ بالنسبة لإمكانيات موارده، تشير النقطة Y كما ذكرنا في الأعلى إلى كمية الإنتاج التي لا يمكن الوصول إليها حالياً من قبل اقتصاد هذا البلد، و لكن إذا حدث تغير تكنولوجي ما بينما ظل مستوى القوى العاملة والأرض ورأس المال هو نفسه، فإن الوقت اللازم لإنتاج القطن والنبيذ سيصبح أقل، و ستكون هناك زيادة في الإنتاج و سينتقل منحنى ال PFF بكامله إلى الأعلى ويتشكل منحنى جديد، و سيكون لدينا في المنحنى الجديد النقطة Y، و التي ستمثل التوزيع الجديد للموارد الأكثر كفاءة.
عندما ينتقل منحنى ال PPF إلى الأعلى، نستطيع أن نستنتج عندئذ أن الاقتصاد يشهد نمواً، و بالمقابل عندما ينتقل المنحنى إلى الأسفل فهذا يعني أن الاقتصاد ينكمش كنتيجة للانخفاض في توزيعه الأمثل للموارد و القدرة الأمثل على الإنتاج. قد يكون الانكماش الحاصل في الاقتصاد نتيجةً لانخفاض العرض أو لنقص في التكنولوجيا .
يكون إنتاج اقتصاد معين واقعاً على منحنى الPPF من الناحية النظرية فقط. في الواقع يسعى كل اقتصاد باستمرار للوصول إلى القدرة الأمثل على الإنتاج. و بسبب الندرة التي يواجهها الاقتصادعليه أن يتخلى عن خيار مقابل خيار آخر. يكون انحدار ال PPF سلبياً دائماً: إذاً إذا ازدادت كمية إنتاج المنتج A فإن إنتاج المنتج B سوف ينخفض تبعاً لذلك.
2.تكلفة الفرصة البديلة :
وهي قيمة ما سيتم التخلي عنه مقابل الحصول على شيء آخر. و هي تختلف من شخص لآخر، فمثلاً يمكن أن تتخلى عن الآيس كريم لتحصل على كمية إضافية من البيتزا. بالنسبة لك تعتبر قيمة البيتزا أكبر من الحلويات، و لكن يمكنك دائماً أن تغير رأيك في المستقبل لأنه في بعض الحالات لن تكون البيتزا كالآيس كريم. و بالتالي يتم تحديد تكلفة الفرصة البديلة لقرارات الفرد من خلال احتياجاته و رغباته و الوقت و الموارد (الدخل).
إن تكلفة الفرصة البديلة مهمة لل PFFلأنه يتوجب على الدولة أن تقرر كيف توزع مواردها بأفضل طريقة وفقاً لهذه التكلفة، لذلك يرينا المثال السابق عن القطن والنبيذ كيف أنه إذا اختارت الدولة أن تنتج كمية من النبيذ أكبر من القطن فإن تكلفة الفرصة البديلة هنا سوف تكون التخلي عن إنتاج الكمية المطلوبة نفسها التي كانت تنتجها من القطن .
لنأخذ مثالاً آخر يوضح كيف أن تكلفة الفرصة البديلة تثبت بأن الفرد سيشتري السلعة الأقل تكلفة من سلعتين متماثلتين عندما يتاح له الخيار، فمثلاً: بفرض أنه لدى الفرد الخيار بين اثنتين من خدمات الهاتف، إذا اختار الفرد الخدمة الأغلى فسوف يقلل ذلك من عدد مرات ذهابه لمشاهدة الأفلام شهرياً. و قد يشكل التخلي عن هذه الفرص للذهاب لحضور فيلم تكلفة كبيرة بالنسبة لهذا الشخص مما سيدفعه لاختيار الخدمة الأقل تكلفة.
تذكر بأن الفرصة البديلة تختلف من شخص لآخر ومن دولة لأخرى وبالتالي ما ستكون قيمته أعلى من قيمة شيء آخر، سوف يختلف تقييمه بين الناس والبلدان عند اتخاذ القرارات حول كيفية تخصيص الموارد.
3.التجارة والميزة النسبية والميزة المطلقة :
التخصص والميزة النسبية :
يمكن للاقتصاد أن يركز على إنتاج كل السلع والخدمات التي يحتاجها للعمل، و لكن قد يؤدي ذلك إلى توزيع غير كفء للموارد و سيعيق النمو مستقبلاً. باستخدامنا للتخصص، يمكن لبلد معين أن يركز على منتج واحد، و يحاول أن ينتجه بأفضل طريقة بدلاً من أن يشتت موارده .
على سبيل المثال: لنفترض أن العالم يحتوي بلدين فقط هما A و B، و هناك منتجان فقط هما القطن والسيارات. كل بلد يستطيع أن يصنع أحد المنتجَين أو كليهما. لنفترض الآن بأن الدولة A لديها أراضي خصبة قليلة جداً و لديها كمية كبيرة من المعدن لإنتاج السيارات، و أن الدولة B لديها وفرة من الأراضي الخصبة وكميات قليلة من المعدن.
إذا حاول البلد A إنتاج السيارات و القطن معاً فعليه أن يقسم موارده، لأن ذلك يتطلب الكثير من الجهد لإنتاج القطن (وذلك لري الأرضي)، و على البلد A أن يضحي بإنتاج السيارات. إن تكلفة الفرصة البديلة لإنتاج السيارات والقطن ستكون كبيرة بالنسبة للبلد Aحيث سيستغني عن الكثير من رأس المال لكي ينتجهما. و كذلك الأمر بالنسبة للبلد B. و ستكون الفرصة البديلة لإنتاج كلا المنتجين كبيرة لأن الجهد المطلوب لإنتاج السيارات أكبر بكثير من الجهد اللازم لإنتاج القطن.
يمكن لكلا البلدين أن ينتج أحد المنتجَين بكفاءة أكبر(بتكلفة أقل من البلد الآخر). سيتخلى البلد A الذي يمتلك كمية كبيرة من المعدن عن كميات أكبر(من الكميات التي سيتخلى عنها البلد B ) من إنتاج السيارات لإنتاج كمية القطن نفسها التي ينتجها البلد B (والعكس بالنسبة للبلد (B، و بالتالي لدى البلد B ميزة نسبية في إنتاج القطن، و للبلد A ميزة نسبية على البلد B في إنتاج السيارات.
لنفترض أن كلاً من البلدين قد تخصص في إنتاج البضائع التي يملك بها ميزة نسبية. إذا قام هذان البلدان بالتجارة بهذه البضائع التي ينتجانها مقابل بضائع أخرى لا يملكان ميزة نسبية بها، فإن كلا البلدين سيكون قادراً على التمتع بالمنتجات بتكلفة فرصة بديلة أقل. علاوة على ذلك كل بلد سيقوم بمبادلة أفضل المنتجات التي يمكنه أن ينتجها مقابل خدمة أو منتج آخر من بلد آخر (وهو أيضا أفضل ما يمكن أن ينتجه ذلك البلد).
يعمل التخصص والتجارة عندما تكون هناك عدة دول مختلفة. فمثلا إذا تخصص البلد C في إنتاج الذرة فبإمكانه أن يبادل الذرة مقابل السيارات من البلد A والقطن من البلد B .
يشكل تحديد كيفية تبادل السلع التي تنتجها البلدان بميزة نسبية (الأفضل مقابل الأفضل) العمود الفقري لنظرية التجارة الدولية. و تعتبر هذه الطريقة من التبادل هي الطريقة الأفضل لتوزيع الموارد، حيث لن يفتقر أي اقتصاد -من الناحية النظرية- لأي شيء يحتاجه.
يمكن تطبيق التخصص والميزة النسبية - شأنهما شأن تكلفة الفرصة البديلة - على الطريقة التي يتعامل بها الأفراد داخل أي اقتصاد.
الميزة المطلقة :
في بعض الأحيان يمكن لدولة أو فرد أن تنتج أكثر من دولة أخرى و فردآخر حتى و لو كانت كلتا الدولتان تمتلكان الكمية نفسها من المدخلات. فمثلاً يمكن أن يملك البلد A ميزات تكنولوجية تمكنها مع الكمية نفسها من المدخلات (أراضي صالحة للزراعة، معادن، قوى عاملة) من صنع كمية أكبر من السيارات و القطن من البلد B. يقال أن البلد الذي يمكن أن ينتج كميات كبيرة من كل من القطن والسيارات(في مثالنا) بأنه يمتلك ميزة مطلقة. يمكن للموارد ذات الجودة الأفضل أن تعطي لبلد معين الميزة المطلقة بالطريقة نفسها التي يمكن للتعليم والمستوى التكنولوجي المتقدم أن يفعله.
على وجه العموم، ليس من الممكن لبلد أن يمتلك ميزة نسبية في كل شيء ينتجه، و لذلك سيكون بمقدوره دائماً أن يستفيد من التجارة.
المصدر :
مصدر الصورة : هنا