الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد
الحلقة الرابعة: العرض و الطلب و العلاقة بينهما
ربما يكون مفهوم العرض والطلب واحداً من أهم المفاهيم الأساسية لعلم الاقتصاد، و العمود الفقري لاقتصاد السوق. يشير الطلب إلى كمية المنتج أو الخدمة المرغوبة من قبل المشترين. الكمية المطلوبة هي كمية المنتج التي يرغب الناس بشرائها عند سعر معين. العلاقة بين السعر والكمية المطلوبة تعرف بعلاقة الطلب. العرض يمثل كمية ما يستطيع المنتجون (السوق) عرضه (للمستهلكين). تشير الكمية المعروضة إلى كمية معينة من البضاعة يرغب المنتجون بعرضها عند سعر معين.
العلاقة بين السعر والكمية المعروضة من السلعة أو الخدمة تعرف بعلاقة العرض. و بالتالي فالأسعار هي انعكاس للعرض والطلب.
تكمن العلاقة بين العرض والطلب في القوى وراء توزيع الموارد/ ونظريات اقتصاد السوق، تقوم نظرية العرض والطلب بتوزيع الموارد بأفضل طريقة فعّالة ممكنة، و لكن كيف يتم ذلك؟ لنأخذ نظرة أقرب عن قانون العرض وقانون الطلب:
أ. قانون الطلب :
ينصُّ قانون الطلب على أنه – في حال كانت العوامل الأخرى متساوية- كلما ارتفع سعر منتج ما كان الطلب عليه أقل. بعبارة أخرى: كلما ارتفع السعر كانت الكمية المطلوبة أقل. إن كمية البضائع التي يشتريها المستهلكون عند سعر أعلى تكون أقل، لأنه عندما يرتفع سعر سلعة ما ترتفع أيضاً تكلفة الفرصة البديلة لهذه السلعة. كنتيجة لذلك من الطبيعي أن نتجنب شراء منتج يجبرنا على أن نتخلى عن استهلاك شيء آخر نعطيه قيمة (أهمية) أكبر.
يوضح لنا الرسم البياني التالي أن المنحنى مائل نحو الأسفل:
A،B،C هي ثلاث نقاط على منحنى الطلب. تعكس كل نقطة علاقة مباشرة بين الكمية المطلوبة Q والسعر P. عند النقطة A ستكون الكمية المطلوبة Q1 و سيكون السعر P1 و هكذا. يوضح منحنى الطلب العلاقة العكسية بين السعر والكمية المطلوبة. كلما ارتفع سعر منتج ما قلّ الطلب عليه كالنقطة A، و كلما قلَّ سعر منتج ما ارتفع الطلب عليه كالنقطة C.
ب.قانون العرض :
بطريقة مشابهة لقانون الطلب يوضح قانون العرض الكميات التي ستباع عند سعر معين. و لكن على العكس من قانون الطلب، يرينا قانون العرض منحنى مائل نحو الأعلى، و هذا يعني أنه كلما ارتفع السعر ارتفعت الكمية المعروضة. يعرض المنتجون أكثر عندما تكون الأسعار مرتفعة لأن البيع بكمية وسعر أعلى يزيد من مدخولهم.
A،B،C هي ثلاثة نقاط على منحنى العرض. تعكس كل نقطة على المنحنى علاقة مباشرة بين الكمية المعروضة Qو السعر P. عند النقطة B تكون الكمية المعروضة Q2 و السعر P2 و هكذا.
العرض وعامل الوقت :
على عكس علاقة الطلب، فإن علاقة العرض هي عامل وقت.
يعتبر الوقت مهماً للعرض لأنه يتوجب على المنتجين – و لكنهم لا يستطيعون دائماً- أن يتصرفوا بسرعة تجاه التغيرات في الطلب أو السعر. و لذلك فمن المهم تحديد ما إذا كان تغير السعر نتيجة الطلب سيكون مؤقتاً أو دائماً.
فلنفترض مثلاً أن هناك زيادة مفاجئة في السعر و الطلب على المظلات بسبب أمطار لم تكن متوقعة. سيقوم المنتجون بتلبية الطلب ببساطة بتشغيل معداتهم بشكل مركز أكثر. و لكن إذا حدث تغير مناخي، و سيحتاج الناس إلى مظلات على مدار العام، فسيكون عندئذ من المتوقع أن يستمر التغير في الطلب والسعر لفترة طويلة، و سيكون على المنتجين أن يغيروا معداتهم و وسائل إنتاجهم لتلبية مستويات طويلة الأجل من الطلب.
ج.العلاقة بين العرض والطلب :
بعد أن تعرفنا على قانوني العرض والطلب فلنطرح مثالاً يرينا كيف يؤثر العرض والطلب على السعر.
تخيل أن الفرقة الموسيقية المفضلة لديك قد أصدرت نسخة خاصة من أغانيها على أقراص مضغوطة مقابل 20 دولار. و نظراً لكون تحليل سجل الشركة السابق قد أظهر بأن الزبائن لن يشتروا الأقراص بسعر أعلى من 20 دولار فقد تم إطلاق 10 أقراص فقط لأن تكلفة الفرصة البديلة مرتفعة جداً بالنسبة للمنتجين لإنتاج كميات أكبر. و لكن إذا تم طلب هذه الأقراص من قبل 20 شخصاً، سيرتفع السعر بالتالي وفقاً لقانون الطلب (عندما يزداد الطلب يزداد السعر) و بالتالي سيشجع الارتفاع في السعر يجشع على إصدار أقراص جديدة وفقاً لقانون العرض الذي يرينا بأنه كلما ارتفع السعر ازدادت الكمية المعروضة.
ولكن إذا تم إنتاج 30 قرصاً وكانت الكمية المطلوبة هي 20 فإن السعر لن يرتفع لأن العرض أكبر من الطلب. في الحقيقة بعد أن يشتري المستهلكون الأقراص العشرين التي تم إنتاجها، ستنخفض أسعار الكمية المتبقية من الأقراص عندما يحاول المنتجون بيع الأقراص العشر المتبقية. إن انخفاض السعر سيجعل الأقراص متاحة بشكل أكبر للأشخاص الذين كانوا قد قرروا سابقاً بأن تكلفة الفرصة البديلة لشراء القرص عند سعر 20 دولار كانت مرتفعة جداً.
د.التوازن(بين العرض والطلب):
عندما يتساوى العرض والطلب (يتقاطعان بيانياً) يقال بأن الاقتصاد يكون في حالة توازن. يكون توزيع الموارد عند هذه النقطة بأكفأ صورة ممكنة، لأن كمية البضاعة التي تم عرضها مساوية تماماً للكمية المطلوبة. و هكذا يسود شعور من الرضا لدى الجميع (الأفراد و الشركات و الدول) حول الحالة الاقتصادية الحالية. وعند سعر التوازن يبيع المنتجون جميع السلع التي أنتجوها والمستهلكون يحصلون على كل السلع التي يطلبونها.
وكما نرى في الرسم البياني السابق، يحدث التوازن عند نقطة تقاطع منحنى العرض مع منحنى الطلب وهذا يدل على عدم وجود توزيع غير كفء للموارد. وعند هذه النقطة سيكون سعر البضائع*P وكمية البضائع ستكون Q*. و يشار إلى هذين الرقمين على أنهما سعر التوازن وكمية التوازن على التوالي.
يمكن أن نرى التوازن الحقيقي للسوق بشكل نظري فقط، فعلى أرض الواقع تتغير أسعار البضائع والخدمات بشكل مستمر وفقاً لتقلبات العرض والطلب.
عدم التوازن :
تحدث حالة عدم التوازن عندما يكون السعر أو الكمية ليسا مساويين لـ P* و Q*:
1.فائض العرض :
إذا تم تحديد سعر مرتفع للغاية ستكون هنالك حالة فائض عرض في الاقتصاد و سيكون هناك توزيع غير كفء للموارد.
عند السعر P1 تكون كمية البضائع التي يريد المنتجون إنتاجها Q2 و لكن عند السعر P1 تكون الكمية التي يطلبها المستهلكون في الواقع هي Q1 و هي أقل بكثير من Q2، و بما أن Q2 أكبر من Q1، فهذا يعني أنه قد تم إنتاج كميات كبيرة و استهلاك كميات أقل. يحاول المنتجون إنتاج بضائع أكثر أملاً في بيعها لكي يزيدوا من أرباحهم، و لكن أولئك الذين يستهلكون هذه البضائع سيجدون أنها أقل جاذبية وسيشترون كميات أقل لأن سعرها مرتفع جداً.
2.فائض الطلب :
ينشأ فائض الطلب عندما يكون السعر تحت سعر التوازن. و نظراً لأن السعر منخفض جداً فإن عدداً كبيراً من المستهلكين سيطلب البضاعة في حين لا يقوم المنتجون بإنتاج كميات كافية منها(لأن ربحها قليل).
في هذه الحالة،عند السعر P1 ستكون كمية البضاعة المطلوبة من المستهلكين هي Q2. بالمقابل، ستكون كمية البضاعة التي يرغب المنتجون بإنتاجها عند هذا السعر هي Q1. إذاً هناك كمية من البضائع المنتجة لا تكفي لتلبية طلبات جميع المستهلكين. و سيكون على المستهلكين التنافس بين بعضهم لشراء البضاعة عند هذا السعر، و سيؤدي هذا الطلب إلى زيادة السعر مما يدفع المنتجين إلى إنتاج بضائع أكثر مقربين بذلك السعر لحالة التوازن.
التحركات والانتقالات:
وفقاً لعلم الاقتصاد، تمثل التحركات والانتقالات المتعلقة بمنحنيات العرض و الطلب ظواهر مختلفة جداً تحدث في السوق.
1.التحركات(على طول المنحنى):
يشير التحرك إلى تغير على طول المنحنى. يدل التحرك على منحنى الطلب على تغير في كل من السعر والكمية المطلوبة من نقطة إلى أخرى على المنحنى. يعني التحرك أن علاقة الطلب تبقى ثابتة، لذلك يحدث التحرك على طول منحنى الطلب عندما يتغير سعر البضائع و تتغير معه الكمية المطلوبة وفقاً لعلاقة الطلب الأساسية. بعبارة أخرى، يحدث التحرك عندما يكون سبب التغير في الكمية المطلوبة هو فقط السعر و العكس بالعكس.
تماماً كما هو الحال في التحرك على منحنى الطلب، يعني التحرك على منحنى العرض بأن علاقة العرض تبقى ثابتة. لذلك يحدث التحرك على منحنى العرض عندما يتغير كل من سعر البضاعة والكمية المعروضة وفقاً لعلاقة الطلب الأساسية. بعبارة أخرى، يحدث التحرك عندما يكون سبب التغير في الكمية المعروضة هو فقط التغير في السعر، و العكس بالعكس.
الانتقالات :
يحدث الانتقال في منحنى العرض أو الطلب عندما تتغير الكمية المطلوبة أو المعروضة حتى ولو بقي السعر نفسه. مثلاً إذا كان سعر زجاجة المرطبات دولارين، و زادت كمية المرطبات المطلوبة من Q1 إلى Q2، يحدث انتقال في منحنى الطلب على المرطبات. يعني انتقال منحنى الطلب أن علاقة الطلب الأساسية قد تغيرت. الأمر الذي يشير إلى أن الكمية المطلوبة من المرطبات قد تغيرت بفعل عامل آخر غير السعر. يحدث الانتقال في علاقة الطلب مثلاً إذا أصبحت المرطبات فجأة هي المشروب الوحيد المتاح للمستهلك.
بالمقابل، إذا كان سعر زجاجة المرطبات دولارين و انخفضت الكمية المعروضة من Q1 إلى Q2، يحدث عندئذ انتقال في منحنى عرض المرطبات. و كما هو الحالي في الانتقال في منحنى الطلب، يشير الانتقال في منحنى العرض إلى أن منحى العرض الأصلي قد تغير، و هذا يعني بأن الكمية المعروضة قد تأثرت بعامل آخر غير السعر. على سبيل المثال، يحدث الانتقال في منحى العرض إذا تسببت الكوارث الطبيعية بنقص كبير في محصول الفواكه، عندئذ تجد مصانع المرطبات نفسها مجبرةً على عرض كمية أقل من المرطبات بالسعر نفسه.
المصدر: هنا
مصدر الصورة : هنا