التعليم واللغات > اللغويات
الفقر وثنائية اللغة.. مكوِّنان أساسيان لجرعة النجاح!
وجدت دراسات عديدة أن الأطفال الذين يَنشؤون ضمن أُسرٍ ذات دخل محدود يحرزون نقاطًا أقل من أقرانهم الأغنى في الاختبارات المعرفية والمقاييس الأخرى للنجاح الدراسي، وهناك الآن مزيد من الأدلة على طريقةٍ من أجل التخفيف من هذا النقص، ألا وهي تعلُّم لغة أخرى، ففي تحليلٍ نُشِرَ في مجلة Child Development درس باحثون من جامعة سنغافورة للإدارة المعلومات الديمغرافية (المتعلقة بعلم إحصاء السكان) والتقديرات الفكرية من مجموعة فرعية تتألف مما يزيد على 18000 طفلًا في مرحلتي الروضة والصف الأول في الولايات المتحدة الأمريكية، وكما توقعوا فقد وجدوا أن الأطفال الذين يعيشون ضمن أُسرٍ ذات وضعٍ اقتصادي اجتماعي منخفض (جاء التوقع بناء على عوامل مثل دخل الأسرة ومهنة الوالدين والمستوى التعليمي) قد أحرزوا نقاطًا أقل في الاختبارات المعرفية، ولكن من ضمن هذه المجموعة أحرز الأطفال الذين تتكلم عائلاتهم لغةً ثانية في المنزل نقاطًا أكثر من الأطفال الذين يتكلمون لغةً واحدة، ولكن لا أدلة حاسمة حتى الآن على وجود ما يسمى بميزة ثنائية اللغة القائلة بأن التحدث بأكثر من لغة يحسِّن المهارات العقلية -مثل التحكم بالانتباه أو القدرة على الانتقال بين المهمات؛ إذ تناولت الدراسات معظمها بضع عشرات فقط من المشاركين من خلفيات تتدرج من طبقات اجتماعية اقتصادية متوسطة إلى عالية وهم ينفذون مهمات مخبرية.
يقول (أندريه هارتانتو) Andree Hartanto، وهو طالب دكتوراه في جامعة سنغافورة للإدارة ومؤلف الدراسة، إنه سعى للحصول على معلومات من آلاف الأطفال الذين يمثلون السكان في الولايات المتحدة ديمغرافيًّا، فهي أكبر دراسة عن ميزة ثنائية اللغة، وتحتوي على تنوع اجتماعي اقتصادي أكبر من الدراسات الأخرى، ويتضمن التحليل أيضًا مقياسًا حقيقيًّا لمهارات الأطفال المعرفية، ألا وهو التقييم من قِبل المعلمين.
ويقول (جون أندوني دونيابييتا) Jon Andoni Duñabeitia، وهو بروفسور في جامعة (نيبريخا) في مدريد ولم يكن مشاركًا في البحث، إن استخدام هذا الكم الهائل من المعلومات يشكل منهجًا بارزًا، ولكنه يلاحظ أيضًا أن هذه المعلومات لا تتضمن تفاصيل مثل متى تعلَّم ثنائيو اللغة كل لغة أو مدى تحدثهم بها، ويعترف (هارتانتو) أنه من دون هذه المعلومات من الصعب استخلاص استنتاجات عن كيفية استطاعة ثنائيي اللغة أن يتمتعوا بالمزايا المعرفية.
يفكر (كينيث باب) Kenneth Paap، وهو عالم نفس في جامعة ولاية سان فرانسيسكو، بعوامل أخرى ربما تفسر الأداء العالي عند الأطفال ثنائيي اللغة، فعلى سبيل المثال هم غالبًا ما يكونون من المهاجرين، ويقول (باب) إن دراساتٍ سابقة عن الأوبئة كشفت عمَّا يسمى بتأثيرٍ صحيٍّ للمهاجرين وذلك في إشارةٍ إلى النتائج التي تقول بأن لدى المهاجرين وسطيًّا صحةٌ جسدية أفضل ومعدلاتُ وفيات أقل من السكان الأصليين المولودين في الولايات المتحدة الأمريكية، وأن هذه الميزة يمكن أن تمتد لتشمل المقدرة المعرفية.
يتفق (هارتانتو) بأن هذه الدراسة تتطلب عملًا أكثر من أجل فهم العلاقات المعقدة بين ثنائية اللغة والوضع الاجتماعي الاقتصادي والتطور المعرفي، ويقول بأن النتائج الجديدة تُظهر لنا أن الجواب عن المزايا المعرفية لدى ثنائيي اللغة يجب ألَّا يكون ببساطة نعم أو لا.
المصدر: