“La mer” بين الماضي والحاضر

La Mer L.109 عمل أوركسترالي من نمط ABA على سلم ري بيمول ماجور D flat Major ولكن على الرغم من امتلاكه جميعَ العناصر التي تجعله يندرج تحت تسمية “symphony”، لكنَّ مؤلفه Claude Debussy يفضل أن يشير إليه بمجموعة من المشاهد التصويرية السيمفونية “a set of symphonic sketches”.

وكانت من أهم أعماله عملًا سمّاه "La Mer" أي "البحر" باللغة الفرنسية، إذ راح يعكس خصائص البحر المختلفة فهو يحمل في ثناياه العديد من المشاهد والتصويرات والسمات التي تميز كلاً من ديبوسي و الsymbolism، ويتألف هذا العمل من ثلاث حركات وهي:

الحركة الأولى "De l'aube à midi sur la mer" من الفجر إلى الظهيرة على البحر: يبدأ ديبوسي هذا العمل بخلق الجو الذي يصور تطور النهار على الماء من التغيرات الدرامية تارة والرقيقة تارة أخرى لكل من الضوء والجو، وهنا نتعرف اللحن الرئيسي theme في الميزور التاسع تحمله آلة ال core anglais.

الحركة الثانية "Jeux de vagues" لعب الأمواج: هنا يزرع ديبوسي في خيالنا صورة ارتطام الأمواج بالصخور والتغيرات غير المتوقعة في التيارات المائية وعمق الحياة الغامض الذي شبهه بعمق البحر.

الحركة الثالثة"Dialogue du vent et de la mer" حوار بين الريح والبحر: يختم هذا العمل بأن يشعرنا بهول البحر ومخاطره؛ إذ تهدأ الأوركسترا قبل أن تملأ الجو بأصوات جيَّاشة بالتصعد الأخير الذي يسلط الضوء على البحر الهائج.

يُعَدُّ Claude Debussy من أهم المؤلفين الفرنسيين في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ويخطئ الكثيرون بوضع ديبوسي تحت قائمة المؤلفين الانطباعيين “impressionists”، وهو بالحقيقة يُعدُّ من مؤلفي الرمزية  “symbolists”.

استوحى ديبوسي هذا العمل من لوحة  The great wave off kanagawa للفنان الياباني Katsushika Hokusai وأصرَّ على أن تكون هذه اللوحة الغلاف الخارجي ل Score La Mer.

عرف ديبوسي بعشقه البحر فقد أبصرت عيناه البحر المرة الأولى عندما كان في الثامنة من العمر، وذلك قبل الحرب الفرنسية-البروسية Franco-Prussian. في عام 1870 أخذت فيكتوريا ديبوسي (والدته) أطفالها لزيارة زوجة أخيها Clementine في Cannes ولم تفارق صور البحر ذاكرته منذ ذلك الوقت وقد كان والده بحارًا وكان يحدّثه دومًا عن مغامراته في البحر، فلطالما أراد ديبوسي أن يكون بحارًا مثله، وفي رواية أخرى أراد ديبوسي أن يصبح رسامًا؛ إذ كان يحدّث أصدقاءه في صغره عن هذه الرغبة الموجودة في داخله لكنَّ أصابعه تعلّمت التعامل مع النوط الموسيقية لا مع فراشي الألوان.

بدأ بكتابة هذا العمل في عام 1903 بعيدًا عن البحر في Bourgogne في Bichain وفي مدة عامين أنهى هذا العمل عام 1905، وأقيم أول عرض له في 15 من تشرين الأول من العام نفسه في باريس بقيادة Camille Chevillard وقد سبَّب" La Mer" الجدل والفضول ولم يكن النقاد على قدر من الرأفة، بل عانى هذا العمل الكثير من النقد من كونه غير مفهوم، ووصموه بافتقاره العظمة؛ وذلك بسبب الوزن والإيقاع والدايناميكس “dynamics”  المفاجئة، ولكن هناك من تطرق إلى الجانب الإيجابي من هذا العمل مثل Jean Marnold الذي وصفه بعمل بوليفوني مرموق وأوركسترا تمتلك قوة صوتية غير متوقعة.

اتسم هذا العمل ببعض اللحظات التي نرى فيها وحدة ديبوسي التي عكست تراجع علاقته مع زوجته Rosalie Texier التي لم تبدي اهتمامًا واضحًا بأعمال زوجها، إضافةً إلى تزامن إطلاق العمل مع انتشار خبر إقامته علاقة جديدة مع إحدى أمهات طلابه Emma Bardac، فانتهى أمره بخسارة جميع أصدقائه ووحدته التي عبّر عنها بأعماله.

رابط الفيديو: هنا

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا