الكيمياء والصيدلة > الإنسان والإدمان
سجائر، وشيشة، وسجائر إلكترونيّة؛ أيها الأكثر أمانًا؟
تقدّر منظّمة الصّحّة العالميّة (WHO) أنّ 7.2 مليون شخص يموت سنويًّا نتيجةً مباشرةً لعواقب التدخين الصحيّة السلبيّة متضمنة سرطان الرّئة وغيره من أنواع السّرطان، وتتوقّع أنّ مليار شخص سيموتون بسبب الأمراض المرتبطة بالتّبغ في خلال القرن الحالي؛ إن لم يُبذل المزيد من الجهد لمنع التّدخين عالميًّا.
· الإقلاع عن التّدخين:
لعلّ الخطوة الأولى في طريق الإقلاع عن التّدخين تتمثَّل بفهم روتين المدخنين اليومي، فهناك حاجة ملحّة إلى فهم سبب بَدء التدخين أساسًا، والعوائق والأمور التي تحول دون الإقلاع، وإيجاد طريقة لتحفيز مليار مدخِّن في أنحاء العالم للإقلاع عن التدخين، والحدّ من المخاطر الصحيّة.
وقد تبيَّن نتيجةً لمسحٍ أجرته مؤسّسة (for a Smoke-Free World) على ما يزيد على 17000 مدخّن حالي وسابق حول 13 بلدًا، أنّ التّركيز على جوانب الإدمان الفيزيولوجية وحدها، لم يثبت نجاحًا كبيرًا في إنهاء التّدخين.
ومع ذلك فقد أكّد David Hammond (الذي عمل مستشارًا لاتفاقية منظّمة الصّحّة العالميّة بشأن مكافحة التبغ) أنّ النيكوتين يظلُّ العامل الأساسي في تعزيز الإدمان على التّدخين والمحافظة عليه.
ونظرًَا إلى أنّ السّجائر الإلكترونيّة أصبحت واحدة من أكثر الطّرائق شعبيّة في محاولة الإقلاع عن التّدخين في العديد من الدول الغربيّة، فيجب أن يتوقّع الأطبّاء أن يُسألوا عنها، وأن يكونوا مستعدّين لمناقشتها مع مرضاهم، ولا بدّ من أنّ هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتحديد ما إذا كان يجب دمج السّجائر الإلكترونيّة في إرشادات الممارسة السريريّة. علمًا أنّ العديد من الوكالات الصّحيّة الرّائدة، (متضمنة مراكز السّيطرة على الأمراض والوقاية منها، وجمعية السّرطان الأمريكيّة) أجمعت على أنّ السّجائر الإلكترونيّة أقل ضررًا من السّجائر القابلة للاحتراق.
· لكن ما السجائر الإلكترونيّة (vaping)؟ وما الفرق بينها وبين الشيشة (Hookah)؟
الشيشة هي جهاز مختلف عن السّيجارة الإلكترونيّة (vaping)؛ فالسيجارة الإلكترونيّة عبارة عن جهاز أصغر من الشيشة يستخدم فرديًّا، يحرق الموادَّ عند درجات حرارة عالية ليحولها إلى بخار.
أمّا الشيشة فهي أنابيب ضمن مياه تستخدم لتدخين التبغ المصنوع خصّيصًا لها، وعادةً ما يأتي التّبغ بنكهات مختلفة، كالنعناع، والكرز، والّليمون، وغيرها من خلطات الفواكه. تختلف أجهزة الشيشة في الحجم والشّكل، فيتضمّن جهاز الشيشة عادةً وعاءَ فحم وتبغ، وخرطومًا يمرّ به الدّخان، ووعاءَ ماء لتبريد دخان التّبغ وترطيبه. غالبًا ما يكون تدخين الشيشة نشاطًا اجتماعيًّا، لا سيّما في فئة الشّباب؛ إذ يُمرِّر المستخدمون الخرطومَ ذاته فيما بينهم.
في حين يعتقد كثير من الناس أنّ تدخين الشيشة أكثر أمانًا من تدخين السّجائر، إلّا أنّه في الواقع خطيرٌ أيضًا على الصّحّة، إن لم يكن أكثر خطرًا حتى. وقد أشارت الأدلّة إلى أنّ السّجائر الإلكترونيّة يمكن أن تساعد على الإقلاع عن التدخين، على الرغم من أنّنا لا نعرف ما إذا كانت أكثر أو أقل فعاليّة من الأشكال الأخرى للعلاج ببدائل النّيكوتين.
· كم تعادل ساعة من تدخين الشيشة من السّجائر؟
يمكن أن يحتوي دخان الشيشة الذي نستنشقه على مادّة القطران أكثر بـ 36 مرّة من دخان السّجائر، و15 مرّة من أول أكسيد الكربون (CO)، و70٪ أكثر من مادّة النيكوتين مقارنةً بسيجارة واحدة.
وأيضًا قد يمتصُّ مدخّنو الشّيشة المزيدَ من السّموم والمواد الكيميائيّة المسببّة للسّرطان أكثر من مدخني السّجائر؛ إذ إنّ ساعةً من تدخين الشيشة تُعادل تدخين 40 إلى 400 سيجارة، وذلك الاختلاف يعتمد على تكرار النّفخ، وعمق الاستنشاق، وطول مدّة جلسة الشيشة.
· هل الشيشة تسبِّب الإدمان كما السّجائر؟
يعتقد كثيرٌ من النّاس أنّ تدخين الشيشة أكثر أمانًا من تدخين السّجائر، ولكنّها في الواقع ليست كذلك.
تحتوي كل من الشيشة والسّجائر على مادة النيكوتين من التبغ، وهي مادّة تسبّب الإدمان. واستنشاق دخان الشيشة له الخصائص الإدمانيّة نفسها كما استنشاق دخان السّجائر.
هناك العديد من مستويات الإدمان، منها العصبيّة والنّفسيّة والاجتماعيّة وغيرها. وأحد الأمور الّتي وجدت عند دراسة الإدمان على الشيشة أنّ الجانب الاجتماعي لتدخين الشيشة قد أدى دورًا مهمًّا في جذب الأشخاص لتدخينها؛ إذ إنّ قرابة 90٪ من المشاركين في الدّراسة يدخّنون الشيشة مع الآخرين.
فلا بدّ من مزيد من العمل لكسر الأعراف الاجتماعية لتدخين الشيشة، وتحسين سياسات مكافحة التّبغ.
· ما المخاطر الصحية للشيشة وتدخين السّجائر (متضمنة التدخين السلبي)؟
مدخّنو الشيشة ومدخّنو السّجائر كلاهما معرّضان لخطر الإصابة ببعض الأمراض والمشكلات الصّحّيّة نفسها، متضمنة:
سرطان الرّئة، سرطان الفم، سرطان المعدة، سرطان المريء، سرطان المثانة، تدنّي وظائف الرّئة مما يؤدي إلى أمراض الرّئة المزمنة، أمراض القلب، أمراض الأوعية الدمويّة الطّرفيّة، أمراض الّلثة، انخفاض الخصوبة، وخطر التعرّض للإنتانات في حال مشاركة خرطوم الشيشة بين عدّة أشخاص.
ثم إن التعرض لأول أكسيد الكربون (CO) الناتج عن احتراق التبغ يُسبِّب الصداع، والدّوخة، والغثيان، والارتباك وغيرها.
· هل العلاج التقليدي للإقلاع عن التّدخين يؤدّي أيضًا إلى الإقلاع عن إدمان الشيشة؟
أظهر باحثون في جامعة York أنّ أي دواء يستخدم عادةً لمساعدة المدخِّنين للتغلّب على إدمان السّجائر لا يكون له التّأثير نفسه في مدخني الشّيشة. فـمثلًا دواء الفارينكلين ((varenicline المُستخدم للمساعدة في الإقلاع عن تدخين السّجائر لم يحدث فرقًا في مساعدة مدخّني الشيشة للإقلاع عن هذه العادة. في دراسة بحثيّة أُجريت على مجموعة من الرجال والنّساء في الباكستان؛ أُعطِي نصف الأشخاص دواء فارينيكلين (varenicline)، أمّا النّصف الآخر فقد أُعطوا دواءً وهميًّا. وخضعت المجموعتان كلتيهما لاستكمال برنامج العلاج بتقديم نصائح عن تغيير السّلوكيات لمعالجة بعض الجوانب النفسيّة للإدمان. أظهرت الّنتائج أنّ دواء الفارينيكلين (varenicline) لم يكن أكثر فعاليّة من العلاج الوهمي. وأشار الباحثون إلى أنَّ السبب قد لا يكون عائدًا إلى عدم فعالية الدواء على مدخني الشيشة، وإنما إلى إرادة المشاركين في الإقلاع عن التدخين.
· كيف يعمل دواء فارينيكلين (varenicline)؟
قال الدّكتور Omar Dogar -من قسم العلوم الصحيّة بجامعة York-: "إنّ دواء الفارينيكلين (varenicline) يرتبط بمستقبلات النيكوتين في الدّماغ، فيمنع ارتباط النيكوتين بها؛ مما يخفّف من أعراض رغبة التدخين الشديدة.
إنّ اتّباع نهج شبيه بما اتُّخذ ضدّ تدخين السّجائر في أنحاء العالم، وزيادة الوعي بمخاطر الشيشة -خاصة لفئة الشّباب- والتّحكّم والحدّ من استخدامها في الأماكن العامّة، سيكون خطوة إلى الأمام، تؤازر التّدخّلات التقليديّة للحدّ من الإدمان عليها.
المصادر: