المعلوماتية > الذكاء الصنعي
Gen؛ لغة برمجة جديدة تتجاوز التعليم العميق في تطبيقات الذكاء الصنعي
يسهّل فريق من الباحثين في معهد MIT المَهمة على المبتدئين للدخول في مجال الذكاء الصنعي، وهم يساعدون المختصين في هذا المجال أيضًا؛ ففي ورقة بحثية قُدِّمت في مؤتمر لتصميم لغات البرمجة وتنفيذها في شهر حزيران لعام 2019م تحدث الباحثون عن نظام برمجي للغة برمجة احتمالية تسمى (Gen).
قُدِّمت الورقة البحثية في مؤتمر لتصميم لغات البرمجة وتنفيذها، وتحدث الباحثون عن نظام برمجي للغة برمجة احتمالية تسمى "Gen".
يكتب المستخدمون أغراضًا وخوارزميات في مجالات متعددة تُطبَّق فيها تقنيات الذكاء الصنعي -مثل الرؤية الحاسوبية (computer vision) والروبوتات والإحصاءات- دون الحاجة إلى التعامل مع المعادلات أو كتابة التعليمات البرمجية المعقدة (components).
تتيح لغة البرمجة Gen للباحثين وأصحاب الخبرة كتابةَ أغراض متطورة وخوارزميات أيضًا؛ مثل خوارزميات التنبؤ التي طالما كانت غير ممكنة.
كذلك أوضح الباحثون أنّ برنامج (Gen) الصغير يمكن أن يستنتج الجسم الثلاثي الأبعاد، وهي مَهمة صعبة الاستنتاج بواسطة الرؤية الحاسوبية (computer vision) التي تحتوي على تطبيقات الأنظمة المستقلة (autonomous systems)، والتفاعلات بين الإنسان والآلة، والأنظمة الواقعية (realistic systems).
ويقوم هذا البرنامج على عرض الرسومات والتعلم العميق وأنواع من عمليات المحاكاة، ويؤدي الجمع بين هذه التقنيات المتنوعة إلى دقة وسرعة عاليتين في هذه المهمة وعلى نحو أفضل من الأنظمة السابقة التي طوّرها الباحثون.
ونظرًا إلى أن لغة Gen بسيطة وسهلة الاستخدام في حالات الأتمتة؛ يقول الباحثون إنه يمكن استخدام Gen بسهولة من قبل أي شخص كان؛ حتى إنّ المبتدئين يمكن أن يستخدموها، ولا شك في أن الخبراء يستطيعون ذلك.
يقول المؤلف ماركو كوسومانو تاونر Marco Cusumano؛ طالب دكتوراه في قسم الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب: "إنّ أحد أهم الدوافع هو جعل الذكاء الصنعي في متناول من لا يملكون خبرة كبيرة في علوم الحاسوب أو الرياضيات، كذلك نرغب في زيادة الإنتاجية؛ مما يعني تسهيل الأمر على الخبراء عن طريق تسريع عمليات التكرار والنمذجة لنظام الذكاء الصنعي لديهم".
وقد أظهر الباحثون قدرة لغة Gen على تبسيط تحليل البيانات؛ إذ تنشئ تلقائيًّا نماذج إحصائية معقدة يستخدمها خبراء الإحصاء عادةً لتحليل الأنماط الأساسية في البيانات وتفسيرها وتوقعها.
يعتمد ذلك على عمل سابق للباحثين والذي يتيح للمستخدمين كتابة بضعة أسطر برمجية لكشف التصور عن الاتجاهات المالية ورحلات السفر الجوي وأنماط التصويت وحالات انتشار الأمراض، من بين اتجاهات أخرى. وهنا يكمن الاختلاف مقارنةً بالأنظمة السابقة؛ فقد كانت تتطلب كتابة كثير من الأسطر البرمجية للوصول إلى تنبؤات دقيقة.
يقول مانسينغكا Vikash K. Mansinghka؛ وهو حاصل على دكتوراه وباحث في قسم علوم الدماغ والإدراك ويدير مشروع الحوسبة الاحتمالية: "إنّ Gen هو أول نظام مرن وآلي وفعال، حتى إنه يستطيع تغطية عدة أغراض مختلفة تمامًا، ومن الأمثلة على ذلك الرؤية الحاسوبية (computer vision) وعلوم البيانات".
وفي عام 2015م أصدرت Google مكتبة TensorFlow، وهي مكتبة مفتوحة المصدر لواجهات برمجة التطبيقات (APIs) التي تساعد المبتدئين والخبراء على إنشاء أنظمة تعلم الآلة تلقائيًّا دون الاعتماد التام على الرياضيات. والآن على هذا النطاق، تساعد المنصة على إضفاء الطابع الديمقراطي على بعض جوانب الذكاء الصنعي، فعلى الرغم من أنها آلية وفعالة؛ لكنها تركز على نحو بسيط على نماذج التعليم العميق المكلفة والمحدودة مقارنةً بالذكاء الصنعي عمومًا.
ويُلاحَظ أنّ هناك كثيرًا من تقنيات الذكاء الصنعي الأخرى المتاحة؛ مثل النماذج الإحصائية والاحتمالية ومحركات المحاكاة، وتتميز بعض أنظمة البرمجة الاحتمالية الأخرى بالمرونة الكافية لتغطية عدة أنواع من تقنيات الذكاء الصنعي؛ لكنها لا تعمل بكفاءة جيدة.
ويسعى الباحثون إلى الجمع بين الأتمتة والمرونة والسرعة في مكان واحد.
يقول مانسينغكا Mansinghka: "إذا استطعنا فعل ذلك، فربما يمكننا أن نساعد على إضفاء طابع جديد على هذه المجموعة الأوسع من خوارزميات النمذجة والاستدلال، كما فعل TensorFlow للتعلم العميق".
وفي حالة الذكاء الصنعي الاحتمالي، تنجز خوارزميات الاستدلال عمليات على البيانات وتعدّل الاحتمالات باستمرار اعتمادًا على البيانات الجديدة للحصول على التنبؤات.
يؤدي فعل ذلك إلى إنتاج أنموذج يشرح كيفية عمل التنبؤات على بيانات جديدة، وبناءً على المفاهيم المستخدمة في نظامهم السابق للبرمجة الاحتمالية "تشيرش Church" -وهي النظرية الأشمل في مجال الذكاء الصنعي-؛ دمج الباحثون عديدًا من لغات النمذجة المخصصة في لغة تسمى جوليا Julia، وهي لغة برمجة للأغراض العامة طوّرها معهد MIT.
يمكننا القول إنه طُوّرت كل لغة نمذجة وحُسِّنت لنوع مختلف من نمذجة الذكاء الصنعي؛ مما يجعلها متعددة الأغراض.
كذلك توفر لغة Gen بنية عالية المستوى لمهام الاستدلال؛ أي قواعد التجربة والاستنباط، وذلك باستخدام أساليب متنوعة مثل التحسين والاستنباط المتغير وبعض الأساليب الاحتمالية والتعليم العميق. وعلاوة على ذلك، أضاف الباحثون بعض التعديلات لجعل التطبيقات تعمل بكفاءة أكبر.
ما يحصل خارج المختبرات:
يجد المستخدمون بالفعل تأثيرًا إيجابيًّا للغة البرمجة Gen في أبحاثهم عن الذكاء الصنعي.
على سبيل المثال؛ تتعاون شركة Intel مع معهد MIT لاستخدام Gen وفق الأشكال الثلاثية الأبعاد مع كاميراتها ذات الحساسية العميقة المستخدمة في أنظمة الروبوتات والأنظمة الواقعية reality systems. كذلك يتعاون مختبر لينكولن مع MIT لاستخدام لغة Gen في الروبوتات الجوية للإغاثة الإنسانية والاستجابة للكوارث.
وقد بدأ استخدام لغة Gen في مشاريع الذكاء الصنعي في إطار البحث عن الذكاء MIT Quest for Intelligence. وتُعدّ لغة Gen عاملاً رئيسًا في مشروع MIT و IBM Watson AI Lab، إلى جانب مشروع الآلة الحسية المشتركة التابع لوكالة الدفاع المتقدمة التابع لوزارة الدفاع الأمريكية (U.S. Department of Defense’s Defense Advanced Research Projects Agency’s)، والذي يهدف إلى نمذجة حواس الإنسان السليم وهو بعمر 18 شهرًا؛ أي الطفل الكبير نسبيًّا.
يضيف Mansinghka: "باستخدام لغة Gen، يصبح من السهل على الباحث لأول مرة ضم مجموعة من تقنيات الذكاء الصنعي المختلفة".
ويقول زوبين Zoubin Ghahramani؛ عالم ونائب رئيس الذكاء الصنعي في أوبر وأستاذ في جامعة كامبريدج: "البرمجة الاحتمالية هي واحدة من أكثر المجالات الواعدة على حدود الذكاء الصنعي منذ ظهور التعلم العميق، ويحقق Gen تقدمًا كبيرًا في هذا المجال وسوف يساهم في عمليات تطبيقية قابلة للتطوير لأنظمة الذكاء الصنعي التي تستند إلى التفكير الاحتمالي".
يقول بيتر نورفيج Peter Norvig؛ مدير البحث في غوغل، علمًا أنه لم يشارك في هذا البحث: "تسمح Gen بحل المشكلات باستخدام البرمجة الاحتمالية التي تُتيح للباحثين مقارنة تقنيات التعلم الآلي ومزجها، والتي عملت جيدًا في سياقات وأوضاع أخرى، ومن ثم يكون لديها مقاربة مبدئية للمشكلة دون أن يقتصر ذلك على الخيارات التي يتخذها مصممو نظام البرمجة الاحتمالية".
ويضيف بيتر: "قد نجحت لغات البرمجة للأغراض العامة General-purpose programming languages لأنها تجعل المهمة أكثر سهولة في نظر المبرمج، وتتيح للمبرمج إنشاء شيء جديد لحل مشكلة جديدة بكفاءة، إضافة إلى أن لغة Gen تؤدي ذات المهمة للبرمجة الاحتمالية".
المصادر: