الطب > مقالات طبية
أملٌ جديد لعلاج الاضطرابات الوراثية لدى البالغين بالعلاج الجيني
كتير منسمع عن العلاج الجيني .. وأنو في أمل لعلاج الأمراض الوراثية وغيرها من الأمراض اللي استعصت على طرق العلاج العادية واللي بتتطلب علاج تداخلي قادر يغير شي بخلايانا أو مادتنا الوراثيّة.. لوين وصل العلم اليوم بهالمجال؟ وهل قدر يعالج أمراض وراثية بعد ما تكون الجسم كلو بناءً على هالمعلومات المغلوطة وكسر القاعدة اللي بتقول "لا يصلح العطار ما أفسده الدهر"..؟؟
الجواب... نعم...
• تجربة أوليِّة، والبطل فئران التجارب!
بدقّة متناهية وباستخدام تقنيّة تعديل الـ DNA الثوريّة وهي تقنية حديثة تستطيع إحداث أصغر التغييرات على قاعدة البيانات الوراثيّة الكبيرة، تمّ، ولأوّل مرّة، علاج داء وراثي في حيوانات بالغة حيّة! وتحديداً على فئران مصابة بداء كبديٍ موروث عن طريق تصحيح "حرف" واحد طافر في جينٍ حيّ (مورّثة) لها دور في الاستقلاب في الكبد.
طفرةٌ مماثلة في جينومنا هنا البشريّ تسبب نفس الداء الكبديّ مما يزيد الأمل بأن تُجرى التجارب السريرية لهذا العلاج على البشر في السنوات القليلة المقبلة خاصةً بعد نجاح إصلاح هذه الطفرة لدى الفئران!
• ما هي "كريسبر Crisper" ؟
هي تقنية تم اكتشافها بدايةً عام 1987 كآلية دفاعية مناعية تستخدمها البكتريا ضد الفيروسات ملتهمات البكتريا وهو ما يدعى بـ"الفاجات Phages"، تسمح "كريسبر" للعلماء بإجراء أي تغيير –تقريباً- على الـDNA على نقاط معينة منه في كروموسومات النباتات أو الحيوانات، لكن قدرة هذه التقنية في تعديل الجينوم البشري أو جينوم الحيوانات العليا، لم يتم إدراكها تماماً إلا مؤخراً بين عامَي 2012 – 2013، وذلك عندما اكتشف العلماء إمكانية إشراك أنزيم قاطع لـDNA يدعى "Cas9" الذي تم استخدامه لتعديل الجينوم البشري.
وفي دراسة أجراها العلماء في معهد التكنولوجيا في "ماساتشوستس MIT"، تم استخدام هذه التقنية لتحديد و تصحيح زوج طافر من الأسس النكليوتيدية لمورثة (جين) تعرف بإسم "FAH" و التي يمكن أن تسبب إنتاجاً قاتلاً للإنسان من الحمض الأميني "التيروزين Tyrosine"، الذي كان سيطلب علاجاً دوائياً و حمية خاصة.
والباحثون من علاجِ فئران تعاني من نفس المرض بشكل فعال، عن طريق استبدال الاصطناع الوراثيّ في ثلث خلايا الكبد باستخدام هذه التقنية والّتي تم إيصالها بالحقن الوريدي.
• العلماء و"كريسبر Crisper" والمستقبل؟
يقول البروفيسور "Anderson" المسؤول عن الدّراسة لصحيفة الـ "Independent":
"الفائدة الأساسيّة تكمن في أننا نعالج العيب الوراثيَّ بحد ذاته، فنحن نصحح الـDNA بحد ذاته فعلاً.. الملفت في هذه المحاولة أننا نصحح جيناً (مورّثةً هنا) طافراً في حيوانٍ حي وبالغ!"
تصف بروفيسورة ساهمت باكتشاف "كريسبر" هذه الدراسة بالـ "التقدم المذهل" وتقول:
"إنّه من الواضح أننا سنواجه العديد من الصعوبات قبل أن نستطيع تطبيق هذا العلاج على البشر، ولكن بساطته وحقيقة أنه فعال مذهلان فعلاً"، وتضيف البروفيسورة "Doudna": "أعتقد أننا سنشهد في العامين المقبلين تقدماً هاماً في استخدام هذا العلاج للمداوة وغيرها من التطبيقات الحقيقيّة".
و يُعتَبرُ إيصال "كريسبر" إلى خلايا الإنسان، بشكل آمن وفعال، من أكبر الصعوبات التي تواجه استخدام هذا العلاج في الطب المتداول، حيث يقول باحثٌ من معهد "ماساتشوستس" أنّ الحُقن الوريدية ذات الضّغط المرتفع خطيرة غالباً في الاستخدام السريريّ، مما يدفعه للعمل على إيجاد سُبلٍ لاستخدام كريسبر في تصحيح الأخطاء الوراثيّة عن المرضى من البشر بمساعدة الفيروسات المرتبطة بالغدة (Adeno-associated viruses) والّتي تعرف بأنها غير مؤذية.
• تفاصيل أخرى.
يعمل باحثون آخرون على إيجاد فيروساتٍ ناقلة لاستخدامها في إيصال "كريسبر" إلى الخلايا المريضة، حيث تم استخدام طرق فيروسية مماثلة ولكن بنجاحٍ محدود في تقنيات العلاج الجيني.
بينما يقول البروفيسور "Mello" من كلية الطب في "ماساتشوستس" أنه سيكون من الصعب إيصال "كريسبر" إلى خلايا الدّماغ وغيره من الأعضاء الحيوية الفعالة، إذ يقول: "لا شكّ أن علاجات "كريسبر" ستكون محدودةً في المستقبل القريب المرئيّ"
نرجو لهذه التقنيات أن تبصر النور قريباً ونرى دوراً فعالاً لها في علاج أمراضٍ تقتل كثراً منا منذ دهور!
المصدر: هنا
مصدر الصورة: هنا