منوعات علمية > منوعات
تعرَّفوا إلى Steven Pruitt صاحب ثلاثة ملايين تعديل في ويكيبيديا الإنكليزية
أُنشِئت ويكيبيديا Wikipedia (أكبر موسوعة في العالم) عام 2001، وتحوي أكثر من 43 مليون مقالة، وتُغطِّي أكثر من 285 لغة مختلفة.
تُلقَّب ويكيبيديا بالموسوعة الحُرَّة لأنَّها مُلك الجميع وليست مُلك شخص أو هيئة أو شركة، وهي منظمة غير ربحية ولهذا لا تَنشر أيَّ إعلانات، وتُغطِّي تكاليفَها المنظماتُ الخيرية والتبرعات، وكل من يُحرِّر فيها يكتب طوعاً ولا يحصل على أي مقابل مادي لكتابته.
يُعدُّ محتوى ويكيبيديا (من مقالاتٍ وصورٍ ومعلومات بأشكالها كافة) مشاعًا عامًّا؛ فَيَمتلك أيُّ شخصٍ الحريَّةَ الكاملةَ لاستخدامه ونشره وبيعه بأيَّة طريقة يشاء، وبإمكان أي شخص كتابة المحتوى في ويكيبيديا سواء أكان قد تعلم الكتابة لتوه أم كان بروفيسورًا في أعرق الجامعات، وهذا ما دفع كثيرين لتحرير مقالات فيها، مع التنويه هُنا إلى أنَّ الكتابات تمرُّ بمرحلة التدقيق قبل أن تُنشر على الملأ، ويحمل فريق من المدققين هذه المسؤولية على عاتقهم، وفي حال حدوث أي خلاف بين المدققين فإنهم يلجؤون إلى المناقشة العقلانية حتى يقتنع أحد الطرفين فتُعتَمَد المعلومة.
وفي عام 2017 نشرت مجلة التايم (Time Magazine) إحصائية عن أكثر 25 شخصية مؤثِّرة في شبكة الإنترنت ضمن قائمة ضَمَّت مُؤلِّفة رواية هاري بوتر، والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونجمة الإعلام الأمريكي كيم كارديشيان وغيرهم... وكانت المفاجأةُ اختيارَ المجلةِ لستيفن برويت Steven Pruitt.
ستيفن برويت
ترعرع الشاب الثلاثيني (ستيفن برويت) في ولاية فرجينيا ودرس تاريخ الفن، اختارته مجلةُ التايم ليكون أحد أكثر الشخصيات تأثيراً في الإنترنت؛ إذ كتبت عنه: "في عصر الأخبار المفبركة يسطع نجم ستيفن برويت كونَه أحد الحريصين على نشر الحقيقة"، ويعمل في هيئة الجمارك وحماية الحدود نهاراً، ومحرِّرًا في ويكيبيديا دون الحصول على أي مقابل.
أنشأ ستيفن في سنته الجامعية الأولى عام 2004 حساباً على ويكيبيديا باسم مستعار وهو Ser Amantio di Nicolao ( أحد شخصياته المفضلة في الأوبرا)، وقد عدَّل منذ ذلك الوقت وعن طريق هذا الحساب على ويكيبيديا أكثر من 3 مليون مرة، وحرَّر أكثر من 35 ألف مقالة حتى الآن (يمكن الاطلاع على مزيد من الأرقام في حساب ستيفن على ويكيبيديا) هنا
ويكون بذلك صاحب أكبر رصيد من الكتابة على ويكبيديا بنسختها الإنكليزية منذ نشأتها قبل 18 عاماً.
يرتبط معظم ما حرَّره ستيفن من مقالات بالعلوم الإنسانية؛ فقد كرَّس فيها معرفته بتاريخ الفن وخبرته في الموسيقا وتنوَّعت بعض مقالاته بين العلم والرياضيات والرياضة، وكان له اهتمام خاص بالظواهر الجغرافية الغريبة.
يقول ستيفن :" تعدُّ الموسوعات عالماً سحرياً عندي؛ ولذلك كانت ويكيبيبديا مكاناً مناسباً أمارس فيه مُتعتي في الكتابة، تُرجمت مقالاتي إلى اللغات الألمانية والروسية والبرتغالية والإسبانية والنرويجية وربما اليابانية، إنَّه شيء لا يُصدَّق أن أترك أثراً بهذا الحجم في العالم عن طريق حاسوبي، وبفضل ويكيبيديا فإنَّ أشخاصاً مثلي يمتلكون الفرصة للتأثير في العالم، إنَّها عالم ساحر فيمكن لأيٍّ كان ومن أي مكان أن يترك أثراً ما في العالم".
كانت والدة ستيفن تتذمَّر دائماً من جلوسه الطويل خلف شاشة الحاسوب، ولكنها اليوم فخورة جدًّا بإنجازه وخاصة أنَّ حبه للعلم ونشرِه كان الدافع الوحيد لما فعله.
وعلى الرغم من أنَّ ستيفن أمضى كل هذه الساعات الطويلة خلف شاشة الحاسوب؛ فهو شخص اجتماعي ومحبوب ولديه العديد من الأصدقاء، وما زال على تواصل مع أقرانه من خريجي الجامعة، وهو من يُرتب اللقاءات الدورية، ومتطوِّع للغناء ضمن الكورال، وأقام ستيفن كذلك عدة ورشات لتعليم الشباب الكتابةَ على ويكيبيديا.
إنَّ أكثر ما يفتخر به ستيفن مقالاتُه التي كتبها عن نساء كُنَّ صاحبات أثر كبير لم يُذكرن من قبل، ومنها مقال عن مغنية مشهورة من النيجر تُدعى فاتي ماريكو باعت مئات الآلاف من التسجيلات ولكن لم يذكرها أحد على الشبكة، ومن أعماله الغالية على قلبه تصويرُ مواقع فرجينيا والت التي أُدرجت في السجل الوطني بصفتها مناطق أثرية، وقد صُوِّرت بفضل ستيفن وشخص آخر من لينشبرغ فرجينيا 95% من المواقع في السجل الوطني في الولاية.
يعملُ ستيفن حالياً في الجمارك وقد علَّمته كتاباته للمقالات على ويكيبيديا كثيراً، وربما هي ما ساعده على الحصول على عمله، فالعملان يرتبطان بتحليل البيانات وإدارة المعلومات.
وبفضل ستيفن وأمثاله تعدُّ ويكيبيديا واحدة من أكثر خمسة مواقع تصفحاً على الإنترنت، وعلى الرغم من أنَّ عدد المرات التي يقرأ فيها أشخاصٌ مقالات على ويكيبيديا يتخطى 18 مليار مرة شهريًا، لكنها لا تعدُّ مصدرًا موثوقًا من الناحية العلمية كونَها مصدراً عاماً للمعلومات، ولكن بحسب دراسة نُشرت في مجلة نيتشر عام 2005 في مقارنة بين 42 موضوعاً علمياً من كل من موسوعتي ويكيبيديا والموسوعة البريطانية فقد كانت نسبة الأخطاء بينهما متقاربة (ويكييبديا أربعة أخطاء، والموسوعة البريطانية ثلاثة أخطاء)، وكانت لهذه المقالات العلمية الدقة والعمق نفسهما مقارنة بمواقع موثوقة، أما فيما يخص المواضيع الجدلية فتبدو الموسوعة الحرة غير محايدة وتتأثر بمن حرر النصوص فيها؛ إذ تعتمد على رأي محرِّريها، وبالطبع نحن نتحدث عن المقالات التي كُتبت باللغة الإنجليزية لأن النسخة العربية من ويكيبيديا تعدُّ فقيرة جداً.
ما رأيك بقصة هذا الشاب؟ وهل تعتقد أنَّنا سنرى قصة شبيهة في العالم العربي؟ وهل تعتقد عزيزي القارئ أنه يمكنك الاعتماد على مصداقية ما تقرأه على ويكيبيديا؟ وهل تعتقد أنها ستصبح يوماً ما مصدر معلومات موثوق؟
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- احصائيات ويكيبيديا: هنا
4- ويكيبيبديا الموسوعة الحرة: هنا
5- هنا