الطبيعة والعلوم البيئية > ورقو الأخضر شهر أيلول
ورقو الأخضر شهر أيلول
"لم يعد قرص الشمس كرةً مُحدَّدةَ الملامح، وإنّما جسمًا بيضويًّا متوسّعًا باطّراد، يلوح عبر الأفق الشرقي مثل كرة نار جبّارة؛ يُحوِّلُ انعكاسُ ضوئها سطحَ البحيرة الرصاصي الميت إلى درعٍ نحاسي برّاق. ومع دخول وقت الظهيرة -في أقل من أربع ساعات- سيبدو الماء كأنّه يحترق!"
"التقلبات في الإشعاع الشمسي كانت قد سبّبت ذوبان الكتل الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحار. إنَّ الطبيعة في حالة هيجان! وقد تحولت لندن إلى مستنقع بدائي، تتنافس فيه السحالي الضخمة واليعاسيب والحشرات على السيطرة على مناظرها الطبيعية. خصوبة الإنسان في انخفاض، والأبنية تغوص تحت المياه الموبوءة بالموادّ المتحللة. وفي هذه الأرض اليباب؛ يجازف مجموعة من العلماء الشجعان في رصد عوالم الحيوان والنبات في هذا العصر الترياسي الجديد. وقريبًا جدًّا ستطارد أصواتٌ شبحية يقظتهم، وسوف تتسلل كوابيس مخيفة إلى نومهم.."*
هكذا تصوّر الروائي البريطاني بالارد (J. G. Ballard) شكل مستقبل العالم في القرن الثاني من الألفية الجديدة في روايته "العالم الغارق (The Drowned World)" التي نشرها في عام 1962، ولكنّه ربّما لم يتصوّر أنَّ بعض مؤشرات هذه الظواهر الطبيعية الخطيرة على الحياة البشرية ستكون قريبةً جدًّا زمنيًّا، فجشع الإنسان وتعدّيه على بيئته المحيطة يتزايد يوميًّا، قاصرًا تفكيره على متطلبات الحاضر، وساعيًا إلى توفير مستلزمات عيشه بمختلف الوسائل دون الاهتمام بالعواقب.
ومعوِّلًا على قدرة الكوكب على الترميم الذاتي غيرَ آبِهٍ بالكوارث الطبيعية والتغيرات المناخية؛ قطع الإنسانُ الأشجار بنَهمٍ، وحرق الغابات لأغراض معيشية وتجارية آنيّة، وزاد نسبة الملوّثات باستخدامه المفرط للتكنولوجيا واستهلاكه غير المضبوط للثروات الطبيعية، وهذا كلّه أثّر تأثيرًا سلبيًّا في جوانب حياته كافّةً (صحيًّا، بيئيًّا، اقتصاديًّا…)، إضافةً إلى الآثار السلبية التراكمية على البيئة، غير القابلة للعكس، والمُهدّدِة لبقائه.
لذلك كله، وإيمانًا منّا بمسؤولية كل إنسان على كوكب الأرض عمّا يحدث، ولكونه حلقة مهمة في السلسلة الغذائية، وأكثر المشاركين تأثيرًا في بيئته في الوقت الراهن؛ رأينا أن تبدأ حملتنا البيئية المهتمّة بالغطاء النباتي من توعية الفرد والمجتمع بأهمّية دوره الحاسم في الحفاظ على الثروة الخضراء التي تتراجع سنويًّا، لأجل استمرار حياته، واستمرار حياة الأرض، وذلك بتقديم كل المعلومات البيئية الممكنة، والتنبيه لسلسلةٍ من العادات اليومية اليسيرة ليكون الإنسان مشاركًا إيجابيًّا في حماية وجوده، وفي صون عناصر الجمال التي يعشقها أغلبنا على هذا الكوكب.
وقد وجدنا في أغنية فيروز الشهيرة "ورقو الأصفر شهر أيلول" أساسًا جيّدًا لشعار حملتنا التي سوف تستمر طيلة شهر أيلول (سبتمبر)، وكلُّ ما نرجوه أن نستبدل بالأوراق الصفراء الذابلة أو المحترقة أوراقًا خضراء تغطي كوكبنا، وألّا نفتقدَ جماليّة الأوراق الصفراء في الخريف أيضًا، فاستبدلنا بالصفرة والذبول أمنياتنا بالخضرة والحياة للغطاء النباتي والأشجار، ولعلَّ هذه الأغنية تذكّرنا دائمًا باحتضان شلالات الجمال التي تنهمر في عالمنا.
ونرجو أيضًا أن تكون أوراق عملنا وجهودنا في هذا المجال أوراقًا خضراء نضِرة تعزّز الوعي -على قدر المستطاع- بأهمية الحفاظ على البيئة وحماية مظاهر الحياة الطبيعية في وطننا الصغير سورية، ووطننا الكبير الأرض.
ولا شكَّ في أنّنا نثق بدعمكم وتأييدكم للحملة، ونأمل أن تكون استجابتكم قويّة ومؤثرة بالتشارك معنا في هذا العمل، وكل المحبة والتقدير لكلِّ من يتفاعل إيجابًا معنا..
#ورقو_الأخضر_شهر_أيلول
#green_leaves_Septemper
……….
*Ballard. J. G. (2012). The Drowned World. London: Fourth Estate.