الطب > مقالات طبية
السجائر الإلكترونية؛ خطر محدق برئتي الشباب!
من المعروف أن الجهاز التنفسي يتأثر بالمواد المستنشقة السمِّية؛ ومنها أبخرة الحرائق أو مواد التنظيف المنزلية، ولا يخفى عن أحد خطرُ التدخين على الصحة، ولكن يلجأ البعض إلى السجائر الإلكترونية بوصفها وسيلةً لتخفيف أضرار تدخين التبغ التقليدي، إلا أن دراسات حديثة أبدت أنها تُسبِّب مرضًاً رئويًّا من الممكن أن يؤدي إلى الوفاة.
نشرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية -منها في الولايات المتحدة الأمريكية- تقريرًا في أواخر آب (أغسطس) 2019 أنه حُدِّد ما لا يقل عن 215 حالة من الضائقة التنفسية الحادة التي امتدت عبر 25 ولاية، وأيضًا سُجِّلت حالتا وفاة حتى تاريخ كتابتهم التقرير.
وفي تموز (يوليو) 2019؛ تلقَّت إدارة الخدمات الصحية في ويسكونسن وإدارة إلنوي للصحة العامة تقريرًا متعلقًا بمرض رئوي مرتبط باستخدام السجائر الإلكترونية (وهي أجهزة تُسخِّن سائلًا وتصل منتجاته الرذاذية إلى المستخدم)، وأطلقت استقصاءات منظمة في مجال الصحة العامة؛ إذ كان من الواضح أن هناك جائحة تقتضي استجابة ملحَّة.
وقالت الدكتورة روث لينفايد Ruth lynfield (مديرة الشؤون الطبية وخبيرة الأوبئة في الولاية) أن الأضرار الصحية الناجمة عن هذا الوباء تستمرُّ بالزيادة، ولا يزال هناك الكثير من الأسئلة حوله تحتاج إلى إجابات.
أُنذر جميع الأطباء بالإبلاغ عن الحالات المحتملة، والناتجة عن استخدام أجهزة السجائر الإلكترونية أو المنتجات ذات الصلة في التسعين يومًا السابقة لظهور الأعراض من ضيق تنفس وتعب ونقص أكسجة، وتبيَّن بالتصوير أن لديهم ارتشاحًا رئويًّا ولم ترتبط أمراضهم بأسباب أخرى.
شملت الدراسة 53 مريضًا؛ منهم 83% من المرضى الذكور بمتوسط أعمار قرابة 19 عامًا. وظهر أن غالبية هؤلاء المرضى يعانون أعراضًا تنفسية (98%)، وأعراضًا هضمية (81%)، وأعراضًا عامة (100%)، وبدى لدى جميع المرضى ارتشاحٌ رئويٌّ ثنائيُّ الجانب في صورة الصدر (وهذا الارتشاح هو جزء من تعريف الحالة)، وبالتصوير الطبقي المحوري المحوسب؛ ظهرت عتامات في الفصوص السفلية للرئة.
دُرست السجلات الطبية لجميع المرضى في الحالات المبلغ عنها، وجُمعت البيانات المتعلقة بهم من بيانات ديموغرافية، والعلامات والأعراض، ونتائج التحاليل المخبرية والتصوير الشعاعي، والتعرض للعقاقير المبلغ عنها والعلاجات والنتائج؛ وذلك لدراسة ما إذا كانت فقط أجهزة التبخير هي المسؤولة عن هذه المتلازمة التي عُرِّفت بأنها أعراض تنفسية شديدة مع مستوى أكسجة لا يزيد على 96% مع إفرازات لا تتوافق مع سبب معروف (التهاب رئوي جرثومي أو فيروسي أو ربو).
كانت أكثر الأعراض التنفسية شيوعًا هي ضيق التنفس والسعال وألم الصدر، وشملت أعراضَ الجهاز الهضمي المبلغ عنها كالغثيان والإقياء والإسهالات والآلام بطنية، وكان لدى جميع المرضى أعراض عامة أكثرها شيوعًا هي الحمى، ولم تشمل الأعراض تظاهرات تنفسية عليا مثل العطاس أو السيلان الأنفي أو احتقان.
يكون المرض بداية تحت حاد؛ إذ يُشخص معظم المرضى بالتهاب رئوي خفيف ويُعالجون بمضادات حيوية عن طريق الفم (أزيثرومايسين)، وقد قُبِلَ 94% من المرضى في المشفى ووُضع قرابة 32% من المرضى تحت التنبيب والتهوية الآلية، فيما أُبلِغ عن حالة وفاة واحدة.
كانت نسبة عالية من المرضى يعانون زيادةً في تعداد الكريات البيضاء (11000 لكل مليمتر مكعب)، وكذلك عانى ثلثا المرضى نقصَ صوديوم أو بوتاسيوم أو كليهما.
ولوحظ القصور الكلوي عند مريض واحد وتعرَّض 15 من المرضى لمتلازمة الضائقة التنفسية الحادة، وتجدر الإشارة إلى أن فرط الحمضات لم يُلاحظ في الدم المحيطي.
بسبب اختلاف نماذج الصور الإشعاعية؛ لُجئ إلى خزعة الرئة على ثلاثة من المرضى (اثنان منهما كانا يخضعان للعلاج بالستيروئيدات القشرية والمضادات الحيوية)، وتبيَّن وجود التهاب خفيف وأضرار سنخية حادة ووجود بلاعم رغوية والتهاب رئوي حبيبومي خلالي.
أفاد 84% من المرضى أنهم استخدموا منتجات رباعي هيدروكانابينول tetrahydrocannabinol (وهو العقار الأساسي المستخرج من القنّب) في أجهزة السجائر الإلكترونية (وهي التي تسمى أيضًا أجهزة التبخير Vaping)، وعلى الرغم من الإبلاغ عن منتجات وأجهزة بأنواع مختلفة؛ لم يُحدَّد حتى الآن سببُ المرض الأساسي الذي يُستبعد أن يكون سببًا معديًا .
عمومًا يمكن القول أن السجائر الإلكترونية تحمل مواد كيميائية سامة بنسبة أقل مما تحمله السجائر التقليدية، وعل الرغم من أن رذاذها الجوي يعد غير ضار؛ ولكنها تعرض المستخدمين إلى مواد معروفة بآثارها الصحية الضارة متضمنة الجسيمات الفائقة الدقة والمعادن الثقيلة والمركبات العضوية المتطايرة، وكذلك يُستخدم فيها عادة النيكوتين مادةَ توصيل لرباعي هيدروكانابينول وكانابيديول وغيرها من الزيوت الطيارة .
وكذلك قد تخضع بعض منتجات السجائر الإلكترونية إلى تغيرات ناتجة عن الاحتراق تحولها إلى مركبات سامّة مثل المنغنيز والزنك وهي التي تكون سامة عند الاستنشاق وتُسبب أمراضًا رئوية متنوعة مثل ذات الرئة الكيميائية وذات الرئة بالإيوزينات والتهاب رئوي بفرط التحسس حاد وتحت الحاد والتهاب رئوي شحمي وحمى الأبخرة المعدنية وحمى أبخرة البوليمير وضائقة تنفسية حادة تؤدي إلى حالات خطيرة.
إضافة إلى ذلك وحسب دراسة نُشرت في المجلة الطبية البريطانية BMJ حديثًا (20/6/2019)-؛ فإنَّ عدد الحالات المسجلة لانفجار السجائر الإلكترونية والحروق الناتجة عنها بلغ قرابة ٢٠٣٥ بين عامَي ٢٠١٥-٢٠١٧ في الولايات المتحدة الأمريكية. ويمكنكم قراءة مقالنا السابق عن انفجارها داخل فم أحد الشبان مسببةً أضرارًا جسيمة: هنا
أظهرت بيانات المراقبة من ولاية إلنوي أن متوسط معدل الزيارات الشهرية المتعلقة بالأمراض التنفسية الحادة بين تموز (يوليو) وحتى آب (أغسطس) 2019 بلغ ضعف المعدل الذي لوحظ في الأشهر نفسها من العام 2018.
على الرغم من أن الفهم الحالي لإستراتيجيات العلاج غير كافٍ؛ إلا أن العلاج بالستيروئيدات القشرية أبدى فائدة وتحسنًا لدى المرضى، وقد تلقَّى الأغلبية منهم أشواطًا علاجية طويلة.
وكما تقول الحكمة (درهم وقاية خير من قنطار علاج)، وبصرف النظر عن أية نتائج؛ لا ينبغي استخدام السجائر الإلكترونية خاصة لدى الشباب والحوامل ممن لم يستخدموا منتجات التبغ مطلقًا حفاظًا على صحتهم وسلامتهم.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا
5- هنا
6- هنا
7- هنا