صناعة الباحثين > تعرف الفروع الجامعية
دراسة اللغة العربية وآدابها
قسم اللغة العربية وآدابها:
هو جزء من كليات الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعات السورية، ومدّة الدراسة الجامعيّة الأولى (الإجازة) أربع سنوات، ولا يتجاوز عدد المقررات في السنة الواحدة (15) مقرّرًا تتوزّع بين فصلين دراسيين.
المتطلبّات:
تتطلّب دراسة اللغة العربية وآدابها درجة معيّنة في مقرر اللغة العربية في الفرعين العلمي والأدبي أو مجموعًا عامًّا ليس كبيرًا (مع حد أدنى لدرجة المقرر)، ولكنّها تتطلّب في المرحلة الجامعية جهدًا فريدًا وشخصية شجاعة ومُحبّة للأدب عمومًا، وذهنيّة ناقدة، وصبرًا ليس بالقليل.
انطباعات شائعة:
يدخل الطالبُ إلى القسم عمومًا بنظرةٍ ضيّقة لمقرراته وطبيعة الدراسة فيها، فدراسة العربية في المرحلة الثانوية تتركّز في بعض المعارف الأولية عن الشعر والنثر والنحو والإملاء والعَروض، وقد يشعر بعض الطلاب بعدم جدوى الدراسة وبأنّها قد لا تفيد كثيرًا، وبخاصة مع تسيّد لغاتٍ أُخرى للساحة العالمية كاللغة الإنكليزية مثلًا، في حين يظنُّ طلّاب آخرون أنَّ العربية لغة قومية تخص العرب وحدهم، أو لغة دينية تخص دينًا محدّدًا، فتكون نظرتهم إليها مؤطّرة وفق هذه الرؤية، ومما لا شك فيه أنَّ العربية الفصحى في الأساس هي لغة بعض القبائل العربية القديمة، وهي لغة النص القرآني؛ الكتاب المقدس عند المسلمين، لكنّها لغة عالميّة بامتياز تضمُّ تراث أعراق وأديان مختلفة على مدى قرون، ومن هنا تكتسب أهميّة مضاعفة تميّزها من باقي اللغات الأخرى.
السنة الأولى:
تبدأ رحلة الكشف في السنة الأولى، ومن الجيد أن يهتم الطالب فيه بمقرر "تاريخ العرب قبل الإسلام" ليكوّن صورة واضحة عن السياق الاجتماعي والتاريخي الذي عاشت فيه العربية وأدبها المسمّى بالجاهلي آنذاك، وفي مقرر "الأدب الجاهلي" -أو أدب العرب قبل الإسلام- سيكون أمام شعر صعب القراءة لغرابة مفرداته وإغراقها في القدم، لكنّه مع الوقت سيلحظ تكرار أغلب المفردات والتراكيب، وسيفهم على نحو أفضل التقاليد الأدبية في شعر ما قبل الإسلام؛ كالمقدّمة الطللية، ليكتشف أنَّ ما وراء هذه التعابير الصعبة معانٍ قريبة إلى الأذهان، ومشاعر عاطفيّة قويّة، وتشبيهات واستعارات جميلة، وتأمّلات شبه فلسفية.
لكنَّ الطالب سيواجه "التحليل الأدبي" أوّل مرّة؛ أي تفكيك النصوص الشعرية وفهم صورها وتفسيرها، ومن ثمّ تركيبها في استنتاجات منطقيَّة توضح التجربة الإنسانية-الفنية في النص على نحو احتمالي تأويليّ. وستعتمد مواد الأدب عليه اعتمادًا كبيرًا في السنوات اللاحقة.
وسيُعين الطالب على فهم هذه النصوص في السنة الأولى دراسة مقرَّرات:
"البلاغة العربية" البيان والبديع.
"النحو والصرف" التي تكون في كل فصل إلى نهاية السنة الثانية.
ربما يدرس "موسيقا الشعر" التي قد تكون أحيانًا في السنة الثانية، وسيتعرف فيها إلى بحور الشعر العربي وطرائق التقطيع العروضي والجوازات العروضية.
وسيعرف الطالب أيضًا موقع اللغة العربية بين اللغات السامية وصلتها بها، ولذلك سيدرس مقرر "اللغات السامية" مختارًا إحداها (عبرية، سريانية، ..) أو يختار اللغة الفارسية، إضافة إلى دراسته مقرّري "المكتبة العربية ومصادر التراث" و"مدخل إلى أصول البحث" ليطّلع على أصول البحث الأدبي المنهجي ويميز أهم المصادر التراثية.
السنة الثانية:
يدرس الطالب مقرّري "أدب صدر الإسلام" و"الأدب في العصر الأموي" إضافة إلى تاريخ هاتين المرحلتين، ويكمل في دراسة النحو والصرف واللغة الساميَّة، ويجب أن يقرأ بعناية كبيرة مقرّري "علوم القرآن" و"علوم الحديث" -دراسات لغوية وأدبية فيهما- لما لهما من أثر عميق في فهم مضامين الشعر العربي إلى اليوم، وفي وضع قواعد اللغة العربية، وكذلك في فهم التيارات الفلسفية والدينية التي انتشرت في تلك القرون وما تزال آثارها الفكرية ماثلة إلى اليوم.
وسيقف الطالب فيها أمام بابين أدبيَّين ولغويَّين كبيرين في مقرري:
"مبادئ النقد ونظرية الأدب": الذي يعمّق فهمَ الظاهرة الأدبية، ويتيح المجال للطالب ليفهم المشترك والمختلف في نقد الآداب العالمية، ويطّلع على المدارس النقدية في العالم، والأهم من ذلك أن يتعلّم مبادئ التفكير النقدي الذي يحتاجه كل طالب علم أيًّا يكن تخصصه.
"علم المعاني": ويتيح المجال للطالب لفهم الخصائص التي تميّز التراكيب العربية، والإمكانات التي تسمح بها اللغة العربية للتعبير، وسيتعمّق في فهم علاقة تراكيب اللغة بالمعنى.
وقد يدرس الطالب في بعض الجامعات مقرر "الفكر الجمالي القديم".
السنة الثالثة:
تتميّز السنة الثالثة عمومًا بأنّها أكثر صعوبة من السنتين السابقتين، ففي مجال النحو العربي سيدرس الطالب "الأدوات النحوية" في مقرَّرين، وسيطّلع على معاني هذه الأدوات من أسماء شرط واستفهام إلى حروف عطف وجر وجزم إلى غيرها من المسائل الإشكالية في النحو، وتتطلّبُ دراسة الأدوات النحوية تأنّيًا وصبرًا لفهم استخداماتها ووظائفها وأثرها في معاني الكلام. وسيدرس الطالب مقرّري "الشعر" و"النثر" العبّاسيَّين، وكذلك مقرّري "الشعر" و"النثر" الأندلسيَّين، وممّا لا شك فيه أنَّ الإنتاج الأدبي العربي في ذلك العصر يُعَدُّ إنتاجًا ضخمًا جدًّا، ويتطلّب جهدًا إضافيًّا للوقوف على أهمّ مميزات الأدب فيه وفهم مضامينه وتيّاراته المتشعّبة ومدارس التجديد فيه، وهنا من المهم جدًّا أن يقرأ الطالب عن التيارات الفلسفية والصراعات والمناظرات العقائدية والفكرية في هذه المرحلة بعين نقدية محايدة كي يمتلك مفاتيح القراءة النقدية الواعية والمتبصرة بهذين الأدبين.
ولا تقف السنة الثالثة هنا؛ إذ لدينا مقرّر "النقد العربي القديم" الموزّع على فصلين؛ الذي يبحث في بدايات الشعر العربي وأساليب إنتاجه ونقده، ويذكر ما وصلنا من أقدم الأخبار النقدية، ويضع الطالب أمام التفسيرات المختلفة للنقاد العرب القدماء للشعر ومضامينه، وكذلك نظراتهم في الخطابة وفنون النثر المختلفة، وكيف قرأ النقاد في القرن الماضي والنقاد المعاصرون هذه الأخبار النقدية وما تبعها من كتبٍ كاملة في نقد الشعر والنثر.
وإضافة إلى ذلك سيدرس الطالب مقرَّري "علم اللغة العام" و"فقه اللغة العربية" وهما مجالان متصلان بعضهما ببعض، وسيدرك الطالب أهمية الدراسات المنهجية للغة العربية وخصائصها في فهم اللغة الإنسانية عمومًا. وفي مقرر علم اللغة سيجد متعةً كبيرة في تتبُّع الأسئلة الصعبة عن ماهية اللغة البشرية وأصول نشأتها وسماتها العامة والمدارس اللسانية العريقة التي أنتجتها عقول القرنين التاسع عشر والعشرين.
ويدرس في بعض الجامعات السورية مقرر "علم الأسلوب".
السنة الرابعة:
تغدو المقرّرات أيسرَ قليلًا على الطلاب، ولكنَّها لا تقلُّ أهميّة أبدًا عمّا سبقها، ففي مجال الأدب سيدرس الطالب مقررات "الشعر" و"النثر" في العصرين المملوكي والعثماني، وقد برز في هذين العصرين الأدب الصوفي ونظريات المتصوفة التي تحتاج إلى قراءة معمّقة وجادّة، فللصوفيّة مصطلحاتها وأفكارها التي تجلّت في الشعر، ودون فهم نظرياتهم وتياراتهم ومصطلحاتهم يصبح من العسير جدًّا تفكيك النصوص الصوفية، وسيطّلع الطالب أيضًا على أدب الشعراء الظرفاء وسخريتهم اللاذعة من الواقع، وبعض الظواهر الأدبية التي أفرزها العصر كالأحاجي والألغاز الشعرية. وفي باب الأدب أيضًا سيدرس "الشعر" و"النثر" في العصر الحديث، وسيكون أوّل مرّة أمام دراسة "المسرح العربي"، وهنا يجب على الطالب الاطلاع على الأساطير المشرقية القديمة وخاصة أسطورة تموز (أدونيس)، وفهم تيارات الحداثة وما بعدها، والاطلاع على تاريخ المسرح العالمي وتطوره ليكون على دراية أكبر بهذه النصوص. ويدرس الطالب في بعض الجامعات مقرر "الأدب الشعبي"، وهو مادّة غنية جدًّا للدراسة وما تزال الجهود النقدية فيها متواضعة قياسًا بأهميّتها في تشكيل الوعي الجمعي في المنطقة العربية.
وسيكون الطالب في هذه السنة أمام ثلاث مقرَّرات جديدة، وهي:
"الأدب المقارن": الذي يهتمُّ بظواهر التشابه والاختلاف والتأثر والتأثير بين الآداب القومية المختلفة، ويبحث في المفهوم الحقيقي للأدب القومي، ويفصّل في السرقات الأدبية.
"الأدب العالمي": ويُقدّم المقرّر مفهوم الأدب العالمي، وما الذي يجعل من أدبٍ ما أدبًا إنسانيًّا يتجاوز الحدود، وسيتعرف الطالب فيه أهمَّ النصوص الأدبية الخالدة وبعضًا من أسرار خلودها.
"علم الجمال": وهو علمٌ نشأ في رحاب الفلسفة القديمة إلى أن ظهر المصطلح ليعلن علمًا مستقلًّا في منتصف القرن التاسع عشر تقريبًا، وفيه يتعرّف الطالب القيمَ والمعايير الجمالية عبر العصور، ويطّلع على النظريات الجمالية أيضًا، وكيف وُظّفت الدراسة الجمالية في فهم ماهية الأدب ووظيفته.
وسيدرس الطالب "تاريخ العرب الحديث"، و"تاريخ النحو"، و"مسائل النحو"، و"النقد العربي الحديث" و"الاتجاهات النقدية المعاصرة".
ولا بدَّ من التذكير بأنَّ الطالب سيدرس أيضًا مقررات اللغة الأجنبية (إنكليزية أو فرنسية) حتّى السنة الرابعة، ومناهج البحث الأدبي.
القسم العملي في السنوات الأربع:
يستند الجانب العملي في الدراسة إلى "حلقات البحث" التي تكون مطلوبة في بعض المقررات كل سنة دراسية، وفيها يتعلم الطالب أصول البحث والتوثيق والمناقشة النقدية، وكيف يميز المصادر الموثوقة من غيرها ويحقق المعلومات، وذلك بتكليفه بموضوع أدبي أو لغوي محدّد ومختصر ليبحث فيه.
بعد التخرّج:
يمكن إجمال المستقبل الدراسي والمهني في النقاط الآتية:
أ. التسجيل في الدراسات العليا، وهو قسمين رئيسين عامّة في الماجستير: الأدبيات، واللغويات. وقد يكون ثلاثة أقسام أو أربعة، كقسم اللغات السامية، ويمكن للطالب بعد السنة الأولى أن يتخصص في مجال محدد: "الأدب العباسي" -مثلًا- أو "علم اللغة" أو "اللغة الأكادية" أو… .
ب. التسجيل في دبلوم التأهيل التربوي وطرائق التدريس. ومدّة الدراسة فيه سنة واحدة.
ج. التدريس في المدارس العامة والخاصة والجامعات الحكومية وغير الحكومية.
د. التسجيل في المعهد العالي للغات؛ دراسات عليا، ليصبح مؤهَّلًا لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
هـ. العمل في مختلف المؤسسات والشركات التي تتطلب إلمامًا باللغة العربية أو الثقافتين العربية والإسلامية.
و. إذا أتقن الخرّيج لغة أجنبية إلى جانب العربية فسوف تكون حظوظه في مجال الترجمة قويّةً جدًّا، إضافة إلى العمل في مجال التدقيق اللغوي.
ز. العمل في مجال الإعلام المسموع والمقروء والمرئي، وبخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي.
ح. التفرغ للبحث اللغوي أو الأدبي، وهو ميدان واسع جدًّا.
ط. العمل في وزارة الخارجية والسفارات.
ي. العمل في مجال الإعلان والتسويق.
ك. العمل في مراكز بحثية أو تقنية تُعنى بعلم اللغة العام أو علم الخطاب أو علم السرد أو النص الرقمي.
ل. التوجّه إلى الدراسات الإيرانية أو العثمانية القديمة أو التركية، أو الدراسات المشرقية عمومًا، لأنّها تتطلب معرفة قويّة باللغة العربية والثقافة المشرقية.
م. التوجّه إلى دراسة اللغات السامية القديمة والبحث التاريخي.
ن. التوجه إلى دراسة السيمياء (أو علم العلامات والرموز).