الموسيقا > موسيقيون وفنانون سوريون وعرب
جوليا بطرس؛ صوتًا لمن يناجي ويقاوم ويحب
بخطواتٍ ثابتة محاربة ظهرت السيدة جوليا بطرس في طريقٍ لونته بنفسها، ابتدأ كضربات ريشة صغيرةٍ على لوحةٍ في أول ما غنته (A Maman" (To My Mother " كأنها تصور لنا قلب الأم فرحاً وبهجةً بصوتها العذب.
وفي سن الثانية عشرة، كان بوسع جوليا أن تشعر بالحاجة إلى استخدام موهبتها نيابة عن الآخرين. فبعد لوحتها الأولى التي تعدُّ خطوة في رحلة التفاني التي استمرت مدى الحياة، أصدرت أول ألبوم لها بعنوان "C’est La Vie" في سن الرابعة عشر من كلمات وألحان الموسيقار إلياس الرحباني.
تزامن ذلك مع اندلاع الحرب الأهلية في لبنان، التي لطالما كان لها وقع كبير في حياة جوليا؛ إذ أكدت رغبتها الشديدة في التزام غنائها للإنسانية والحضارة في المجتمع. فأطلقت أغنيتها (غابت شمس الحق) عام 1985 من ألحان أخيها زياد بطرس وألحانه وهو المتمرّس في إيصال رسالة الحق ورفع الظلم عن الأبرياء.
فتقول جوليا في هذا: "الشيء الوحيد الذي استطعنا القيام به في ذلك الوقت هو رفع أصواتنا وإرسال رسالة إلى العالم، وقد تحقق ذلك عن طريق أول أغنية لي".
أرادت أن ترسل رسالة وفعلت ذلك بقوة. بعد أسبوع واحد من إصدار هذه الأغنية دخل صوت جوليا كل بيت في العالم العربي.
أصبح صوتها يترافق مع أصوات الملايين من الناس ممن يغنون أغانيها. حتى المدارس اللبنانية راحت تعلّم الأطفال المعاني الحقيقية لكلمات جوليا. وبعد "غابت شمس الحق"، تقول جوليا: "شعرت بالمسؤولية كأنني أتكلم نيابة عمن لا يسمع صوته".
لم تدخل جوليا يومًا إطار صورة المغنية الجامدة و"الأيقونية" الواقفة على المسرح بغنائها الجبار المتحدث بصوت الشعوب والمظلومين والمطالبة بحقوقهم، بل تحدثت بصوت الامرأة الحنون المفعمة بالعاطفة والشجن، كأنها صوت القلب الذي ينصاع له الجسد والروح تارة والعاصفة التي تسري بالروح فجأة لتوقظ الوجدان تارةً أخرى.
فقد بات صوت السيدة جوليا يصل إلى قلوب الناس وعقولهم وصار قادرًا على إظهار قوتهم مع كل انتفاضة قوية، فهي تُتْقِنُ -عبر أغانيها وألبوماتها المميّزة شعرًا ولحنًا وأداءً- فن إيصال الرسائل الوطنيّة والإنسانيّة وتحريك المشاعر والعواطف وكسب القلوب والعقول، وهذا ما يميزها عن فنانين آخرين ظهروا، وهي تلقى إصغاءً وتجاوبًا بما لديها من قدرة على الإقناع والتأثير.
كانت ولا تزال أعمالها ذات وقع مميز؛ من البدايات التي تنتقيها بعناية، إلى النهايات التي نحفظها عن ظهر قلب.
فشبّت من طفلة ذات قلب نابض وصوت مفعم بالقوة والمحبة والغضب إلى سيدة بوصفها رمزًا للوطنية والمرأة والمقاومة والرومانسية، وصوتًا لمن يناجي ويقاوم ويحب.
المصادر:
1- هنا
2- هنا