الفلسفة وعلم الاجتماع > أقوال الفلاسفة
آرثر شوبنهاور - الثراء الداخلي وهناء النفس
خلُصَ شوبنهاور بعد تأملاته إلى أنَّ كلَّ واحدٍ منا منغلق في وعيه الذاتي، ولا يعيش على نحو مباشر إلا من داخله، وقلّما يرجو سندًا أو نجاةً أو خلاصًا يأتيه من خارجه، ويضيف أنَّ الثراء الداخلي من شأنه أن يسمو بصاحبه ويُبعده عن الملل ومسبباته؛ وتشمل النعم الذاتيّة: الطبعَ النبيل والعقل الراجح والمزاج الرائق والنفس المرحة والجسم السليم ومن واجبنا أن نصون هذه النعم، في المقابل يفضح الفراغ الداخلي صاحبه من خلال حشر أنفه في كل الأحداث الخارجية على تفاهتها وسخفها، فتجده متفاعلًا بسرعة مع المهيجات الخارجية كي يُشغل عقله وقلبه بأيِّ شي! وتراه مندفعًا نحو البحث عن كل أنواع التجمعات البشريّة والتسليات لأجل تمضية الوقت والركض وراء المتع ومظاهر البذخ وهذا سيقوده في نهاية المطاف إلى حالة من الإفلاس والبؤس الشديد؛ ولهذا نجد الإنسان الحكيم يبتعد عن كل مصادر الألم هذه باحثًا عن حياة هادئة وبسيطة، إلى أن تهنأ نفسه في العزلة فتكون عزاءه الأخير؛ وبهذا يؤكد شوبنهاور أنّ الإنسان المتفوق فكريًا هو شخص يميل للعزلة، فلو كان الكم مساويًا للكيف في القيمة لأصبح من الممكن تحمل عناء العيش مع الناس ومخالطتهم ولكن هذا محال!
وسؤالنا هو: برأيك هل الإنسان المتفوق فكريًا هو بالفعل شخص غير اجتماعي بطبعه؟
المصدر: شوبنهاور، آرثر. (2018). فن العيش الحكيم. (ط1). ترجمة: زارو، عبد الله. الرباط: دار الأمان. ص29-40