الفيزياء والفلك > فيزياء
العالم ريتشارد فاينمان
يصادف هذا اليوم ذكرى ميلاد العالم الفيزيائي الأميركي ريتشارد فاينمان وهو من أعظم العلماء في القرن العشرين ، المعروف بمساهماته الواسعة في نظرية الكم ونظرة الكروديناميك الكمومية وفيزياء الجسيمات بالاضافة إلى المخططات الشهيرة التي دعيت باسمه (مخططات فاينمان).
ولد العالم ريتشارد فاينمان في 11 أيار من عام 1918 في مدينة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية، تأخر فاينمان بالنطق حيث أنه لم يبدأ الكلام حتى بلوغه العام الثالث، تأثر فاينمان بوالده الذي كان يعمل في مجال بيع الألبسة حيث كان والده مهتماً بالعلوم الطبيعية وكان يقرأ لفاينمان بعض المواضيع العلمية مماجعله يعشق العلم منذ نعومة أظفاره، يقول فاينمان " علمني والدي كيف ألاحظ الأشياء، بدون أي ضغوط، فقط بالمتعة والنقاشات المثيرة" ، كان لدى العالم فاينمان شخصية مرحة ومحببة بإضافة لامتلاكه لروح الدعابة، كما كان مولعاً بالفنون وخاصة الرقص وقرع الطبول حتى أنه ألقى العديد من المحاضرات في هذا المجال.
تميز فاينمان خلال المرحلة الثانوية بتفوقه في علوم الرياضيات، بعد ذلك درس في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وهو من أرقى المعاهد في العالم ، حصل على البكالوريوس في عام 1939، وتابع دراسته العليا في جامعة برينستون حيث تجاوز امتحان القبول بالمعدل الكامل وخاصة في الرياضيات والفيزياء في حين لم يكن كذلك في التاريخ واللغة الإنكليزية، نال درجتي الماجستير والدكتوراه في الفيزياء النظرية عام 1942، حيث كان مساعد باحث خلال فترة دراسته العليا (1940-1941) ثم أصبح أستاذ في الفيزياء في كل من جامعة كورنيل في الفترة (1945-1950) وفي معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في الفترة (1950-1959)، عين كعضو في الجمعية الفيزيائية الأميركية للعلوم المتقدمة والأكاديمية الوطنية للعلوم ، كما انتخب كعضو أجنبي في الجمعية الملكية في لندن (1965).
من أهم انجازات فاينمان مشاركته في بناء القنبلة الذرية ضمن مشروع مانهاتن وهو مشروع للجيش الأميركي في لوس آلاموس لتطوير القنبلة الذرية بقيادة روبرت أوبنهايمر، قابل خلال المشروع العالم نيلز بور. كما كان ضمن اللجنة التي كلفت في التحقيق بحادثة المكوك تشالنجر وتوصل هو وفريقه إلى سبب الانفجار الذي كان بسبب تمدد حلقات الضغط.
يعتبر فاينمان من الأوائل الذين درسوا واهتموا بعلوم التقانة النانوية، ففي عام 1959 ألقى فاينمان محاضرة علمية بعنوان "ثمة مجال واسع حقاً في القاع" تحدث فيها عن إمكانية التعامل مع المواد على المستوى الذري وإمكانية تعديلها والاستفادة من خصائصها الجديدة، اعتبرت هذه المحاضرة حجر الأساس لعلوم التقانة النانوية.
أما عن المخططات التي سميت باسمه (مخططات فاينمان) فهي عبارة عن مماثلات للصيغ الرياضية المستخدمة في وصف سلوك أنظمة من الجسيمات المتفاعلة، حيث منح على هذا العمل جائزة نوبل بالفيزياء عام 1965 وذلك بالإشتراك مع كل من جوليان شوينغر وسن ايترو تو موناغا.
قدم فاينمان الكثير من المحاضرات في مادة الفيزياء نشرت لاحقاً في ثلاث مجلدات عرفت بمحاضرات فاينمان في الفيزياء وذلك في الفترة (1963-1965) ، كما قدم كثير من المؤلفات ومن أبرز الكتب التي ألفها العالم فاينمان :
الديناميكا الكهربائية الكمومية (1961) ، نظرية العمليات الأساسية (1961) ، خصائص القانون الفيزيائي (1965) ، النظرية الغريبة في الضوء والمادة (1985).
حصد فاينمان خلال مسيرته العلمية الكثير من الجوائز العالمية فبالإضافة لحصوله على جائزة نوبل في الفيزياء (1965) فقد نال جائزة ألبرت أينشتاين عام 1954 في برنستون ، ونال أيضاً جائزة لورانس عام 1962، ووسام اورستد عام 1972 ، والميدالية الوطنية للعلوم عام 1979.
أما على صعيد حياته الشخصية فلم يحظى العالم فاينمان على حياة مستقرة أبداً ، فقد تزوج عدة مرات بالإضافة إلى علاقاته العابرة، تزوج للمرة الأولى أثناء دراسته في الدكتوراه وكانت زوجته تعاني من مرض السل مما أدى لوفاتها عام 1945، ليتزوج ثانيةً في عام 1952 من ماري لويز حيث انتهى هذا الزواج بالطلاق بعد فترة قصيرة، ليتزوج مرة أخرى من كونز هوارت ويكمل بقية حياته معها. رزق من زواجه الأخير بطفل وطفلة هما كارل وميشيل.
توفي فاينمان في 15 شباط عام 1988 عن عمر يناهز 69 سنة في لوس أنجلوس وذلك بعد معاناته الطويلة مع مرض السرطان . لتنتهي بذلك حياة واحد من أعظم العلماء في أواخر القرن العشرين تاركاً خلفه إرثاً علمياً زاهراً وفاتحاً أمام الباحثين طريقاً جديداً في علوم التقانة النانوية’ التي بدأنا الآن ندرك أهميتها وروعتها.
المصادر: