الهندسة والآليات > الروبوتات
روبوتٌ يُعيد كائنًا منقرضًا منذ 300 مليون سنة إلى طاولة الدراسة
بدأت الحيوانات المائية في الانتقال إلى اليابسة قبل ملايين السنوات، ولا يعرف العلماء على وجه الدقة كيف سارت تلك الحيوانات على الأرض لأول مرة؟ أو إذا ما كانت تحرُّكاتها منسقة ومتوازنة أم لا؟
ولكن ماذا لو تمكنا من نمذجة روبوت يكون على هيئة كائنات منقرضة؛ ليحاكي طريقة سيرها وتحركها؟
هذا ما سنتطرق له في هذا المقال.
كيف مشت الزواحف منذ 300 مليون سنة؟ هل استطاعت الوقوف على أرجلها الخلفية؟ هل تحركت بكفاءة وتوازن ؟
طورت مجموعة من الباحثين من جامعة Humboldt الألمانية والمعهد السويسري للتكنولوجيا EPFL روبوتًا قادرًا على إعادة تشكيل طريقة سير كائن منقرض؛ وذلك باستخدام هيكل عظمي أحفوري وآثار أقدام أوروبيتس بابيستي Orobates pabsti (من فصيلة الفقاريات، يقع في شجرة التطور بين البرمائيات من جهة، والزواحف والثدييات من جهة أخرى) ووضع عدّة نماذج حاسوبية وقياس الطرق المحتملة لكيفية سير الكائن الأحفوري بالاعتماد على دراساتٍ حول حركة أربعة أنواع مختلفة من الفقاريات والزواحف الحية. إذ تساعد هذه الدراسة البيو-ميكانيكية العلماء لفهم أعمق وأفضل لعملية تطور حركة الفقاريات Vertebrata عبر الزمن.
أنشأ الباحثون نموذجًا رقميًّا لهيكل الأوروبيتس اعتمادًا على هيكله الأحفوري إضافةً لطريقة مشي الحيوانات الحديثة المشابهة له، متضمنةً التمساح الأميركي Caiman، السلمندر Salamander، الإغوانا Iguana، والسحلية Skink. حيث صور الباحثون هذه الكائنات بأشعة X-ray أثناء مشيها في مسار محدّد، وركزوا على ثلاث نقاط في حركتها: كيفية استقامة الحيوان بالوقوف، مدى انحناء عموده الفقري، و درجة تمكنه من ثني مفاصل الكتف والكوع أثناء المشي. وأطلق العلماء على هذه السمات مصطلح (sprawling gait space) أي بمعنى موضع حركة وتمدد الحيوان الفقاري بمختلف الاتجاهات.
أنشأ الباحثون موقعًا تفاعليًا على الإنترنت، إذ استطاع العلماء والعامة من خلاله استكشاف الحركات المحتمل اتباعها من قبل الأوروبيتس (الموقع هنا )
وباستخدام هذه البيانات، استطاع الأوروبيتس الافتراضي السير عبر أرضية رقمية من آثار أقدامه الخاصة لاكتشاف طريقة السير التي اُعتُمد عليها. لكن الافتراضات المحتملة للحركة بالمحاكاة كانت محدودة بالنسبة للحقيقة!
OroBOT الأوروبوت
الخطوة التالية كانت تطبيق النموذج الرقمي على أرض الواقع، حيث صمم عالمان في مخبر بيوروبوتيكس في جامعة EPFL "الأوروبوت"، وهو نسخة روبوت زاحف من الكائن الأحفوري مطبوعة طباعة ثلاثية الأبعاد 3D- printing ومحاكية للهيكل الأحفوري؛ ليكمل الأوروبوت التحركات الأكثر احتمالًا للأوروبيتس كما نُمذِجت مسبقًا، ومن ثم قياس الطاقة المصروفة على الحركة المنجزة، ودرجة التوازن أثناء الحركة، وكيفية توازي قوى الأرجل مع قوى أرجل الكائنات الحديثة، وبالطبع درجة تطابق آثار الأقدام مع آثار الأقدام الأحفورية.
نتيجة للبيانات الصادرة عن الأوروبوت، استنتج الباحثون أن حركة الكائن المنقرض احتاجت إلى جهد عضلي، وكانت أقرب لطريقة تحرك التمساح الأميركي الصغير "كايمان"؛ أي من الممكن أن الأوروبيتس كان يرفع نفسه قليلًا عن الأرض أثناء الحركة، على عكس السلمندر والسحالي. وبالتالي، كانت طريقة انتقاله أكثر تطورًا مما كان متوقعًا في السابق؛ إذ توصلت الدراسة إلى أن الحركة المتطورة للفقاريات (أكثر استقامة وتوازن وكفاءة) كالأوروبيتس، قد تطورت قبل أن تعيش الأسلاف المشتركة للزواحف والثدييات.
وهكذا نجح روبوتٌ جديدٌ في التعديل على الشجرة التطورية! لكن هل من الممكن تطبيق خوارزمية السير المطورة، والتعديل عليها تماشيًا مع شجرة التطور للوصول إلى طريقة السير للكائنات الحالية؟ وكم من الممكن أن تساعد مثل هذه الأبحاث في كشف النقاب عن معلومات إضافية عن الماضي المنقرض للكرة الأرضية؟
بإمكانكم أعزاءنا مشاهدة طريقة سير الأوروبوت على الرابط التالي:
المصدر:
الدراسة المرجعية: