التاريخ وعلم الآثار > تحقيقات وكشوف أثرية
رَّضَّاعاتٌ للأطفال من سبعة آلاف عام!
كشَفَ علماءُ الآثار أخيراً عن ماهيّة عدد من الأواني الفَخَّارية التي حيرتهم لعقود، إذ كانوا يجدون هذه الأواني في أثناء التّنقيبات الأثرية في بعض القرى الأوروبية القديمة، وتكون هذه الأواني الفَخَّاريّة بشكل كؤوسٍ صغيرة بحجمٍ مناسب لأيدي البالغين، وتمتلك فُوَّهاتٍ طويلة منبثقة منها لسكب السائل، بالإضافة إلى أنها زُخرِفتْ بأشكال هندسية وحيوانية، يعود أقدمُ تلك الأواني إلى 7000 عام مضى.
وجد العلماء الإجابةََ بعد تحليل البقايا الكيميائيّة على جدران الأواني الداخلية التي عُثِرَ عليها في مقابر أطفال في منطقة بافاريا بألمانيا والتي تعود لعصور ما قبل التاريخ إذ وجدوا آثاراً لأحماضٍ دُهنيّةٍ توجد في الحليب؛ ما يعني أنَّ البشرَ استخدموها بوصفها رَضَّاعاتِ أطفال، وبعد تحليل النظائر الكربونية¹، حدّد العلماء مصدرَ الحليب من بعض المُجترَّاتِ كالأغنام والأبقار، ومن ثدْيِيَّاتٍ أخرى كالخنازير، وهذا يُظهر أهميةَ الحيوانات المُستأنِسةِ في المجتمعات البشرية المُبَكَّرة.
من الناحية الغذائية..قد لا تكون هذه الأنواع من الحليب مغذّيةً مثل حليب الأمّ، أو حليب الأطفال الموجود في عصرنا هذا، ولكن...مما لا شكَّ به أنَّ تقديمها للأطفال قد أدّى دوراً مهمًا في أثناء الفِطام.
ويُذكرُ أنَّ هذه هي المرة الأولى التي يُتعَرَّفُ فيها إلى إحدى المواد الغذائية التي أُطعِمَتْ لأطفالَ ما قبل التاريخ.
"يمكنني أن أتخيّلَ شكلَ الطفل القديم يرضعُ من إحدى تلك الرَّضَّاعات ويضحك"...هذا ما قاله أحد علماء الآثار المشرفين على الدراسة.
-------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
¹التأريخ المطلق بوساطة النظائر الكربونية: أشهرها استعمال النظير C₁₄، وتعتمد على قياس نسبته في البقايا العضوية في المواقع الأثرية التي لا يزيد عمرها عن 50 - 60 ألف سنة.
المصادر:
الهامش: محيسن، سلطان: عصور ماقبل التاريخ، منشورات جامعة دمشق 2008، ص 91 و 92