الهندسة والآليات > الطاقة
كيف للنور والظلام أن يتحدا؟!
يمكنكم الاستماع إلى العمل عبر الرابط:
تُعدُّ ألواح الطاقة الشمسية إحدى أهم مصادر الطاقة المتجددة التي تحوّل ضوء الشمس في أثناء النهار إلى كهرباء؛ ولكن ماذا عن ساعات الليل الطويلة حين يحلّ الظلام الحالك دون أشعة الشمس؟
في خطوةٍ للاستفادة من ظلام الليل والحصول على مصدر جديد للطاقة النظيفة؛ توجّه باحثون من جامعة كاليفورنيا-لوس أنجلوس UCLA بالتعاون مع جامعة ستانفورد نحو الاستفادة من مبدأ التبريد الإشعاعي لإنتاج الطاقة ليلًا.
ما التبريد الإشعاعي؟
هو ظاهرة طبيعية تحدثُ ليلًا حينما تُبرَّد الأرض أو الأشياء الموجودة على سطحها والمواجِهة للسماء مثل المباني والسيارات ذاتيًّا، وذلك بإطلاقها الحرارة المُمتصة في أثناء النهار ونشرها إلى الهواء على شكل إشعاع حراري، وبذلك تصبح أسطح الأشياء أو الأرض أكثر برودةً بقليل من حرارة الهواء المحيط بها.
التكنولوجيا المُبتكرة
استفاد العلماء من مبدأ الكهروحرارية بالتقاط بعض الحرارة المنتشرة في الهواء ليلًا وتحويلها إلى كهرباء، وتتميز التكنولوجيا التي استُعملت بالبساطة والكلفة القليلة؛ إذ لم يتعدَّ سعرُ معداتها ثلاثين دولارًا أمريكيًّا.
تتكون الوحدة الكهروحرارية من حاضنة (بحجم صندوق الأحذية) مصنوعة من مادة البوليسترين العازلة ومغلفة بالألومينيوم وذلك للحفاظ على حرارة الصندوق المكشوف، ويُوضَع بداخلها قرص من الألومينيوم يكون سطحه الخارجي المقابل للسماء مطليًّا باللون الأسود، أمّا سطحه الداخلي فيواجه غلاف العلبة، ويصل بينهما مولدٌ كهروحراري.
بِاستعمال المعدات السابقة أُجريت التجربة على سطح أحد المباني في كاليفورنيا في إحدى ليالي كانون الأول/ديسمبر الصافية، إذ وضع الباحثون صندوق البوليسترين على ارتفاع أعلى من مستوى سطح المبنى بقليل وغطّوه بغلاف حمايةٍ من الرياح، ثم وُصِلت الوحدة الكهروحرارية مع محوّل تقوية ومِصباح الليد.
وبِالتقاط سطحِ القرص الأسودِ الحرارةَ من الهواء وإطلاقها مجددًا في السماء ليلًا يحدثُ فرق درجات الحرارة بين سطح القرص المقابل للسماء والسطح الداخلي الدافىء في العلبة، وبذلك تنتقل الإلكترونات من جانب إلى آخر ويتولد تيار كهربائي صغير ليأتي دور المُحوّل في رفع جهد الكهرباء وإيصاله للمصباح. وبالفعل نجحت التجربة وأنار الليد!
ما كمية الطاقة التي يُمكن توليّدها؟!
"ما يكفي من الكهرباء لإضاءة لمبة ليد (LED)"، قاس الباحثون شدة التيار الكهربائي في التجربة مدة ست ساعات، وبلغت قرابة (25) مللي واط لكل متر مربع. وليست كمية الطاقة المنتجة بكثيرةٍ مقارنةً بالطاقة التي ينتجها لوح طاقة شمسية من الحجم نفسه، ولكن ذكر الباحثون المشرفون على التجربة أنه بتحسين المواد وإجراء التجربة في مناطق ذات مناخ أكثر حرارةً وجفافًا يمكن إنتاج طاقة كهربائية قد تصل إلى 0.5 واط لكل متر مربع.
ولما كانت العملية لا تهتم بمصدر الحرارة ويمكن لها العمل في الظلام فإنّ ذلك جعل منها موضوعًا قابلًا للبحث والتطوير، ومن الممكن نجاح الباحثين مستقبلًا في توليد طاقة كهربائية نظيفة كافية لشحن الأجهزة الإلكترونية!
قد لا يكون بإمكان الجهاز المُبتكر تلبية احتياجاتنا من الطاقة في أثناء الليل في الوقت الراهن إلَّا أنّها يمكن أن توفر مصادر طاقة نظيفة ومنخفضة التكاليف في البلدان النامية والمناطق النائية التي لا تتوافر فيها الكهرباء. وقد أثبت المشروع إمكانية إنتاج الطاقة النظيفة دون وجود تكلفة في مصادرها، إلا أننا بحاجة إلى ابتكار أساليب تُمكننا من تطوير هذه التكنولوجيا والاستفادة منها على نحو أكبر.
المصادر:
الدراسات المرجعية: