الغذاء والتغذية > الفوائد الصحية للأغذية
توابل ومشروبات تحارب الالتهاب
قد تمتلك العديد من العلاجات العشبية خصائص مضادة للالتهابات، لكن الدلائل التي تدعم معظم هذه الادعاءات تُعد شحيحة حتى يومنا هذا. ويعد الالتهاب الآلية الرئيسية التي يتسلح بها جسم الإنسان ضد العدوى والجروح والأشكال الأخرى من الأذيات. وقد يكون في بعض حالاته مضرًّا؛ ففي العديد من الحالات تبقى مستويات الالتهاب مرتفعة مما يؤدي إلى حدوث تلفٌ في الأنسجة. وينتشر طيف واسع من الأدوية المضادة للالتهاب لمساعدة الجسم على التحكم به، كما تمتلك المركبات الطبيعية الموجودة في أنواع محددة من العلاجات العشبية إمكانية التأثير بصفتها مضادات للالتهاب، وعلى الرغم من ذلك فإن الأبحاث قليلة في هذا السياق. وفي مقالنا اليوم سنسلط الضوء على بعض أنواع الأعشاب التي أثبتت الدراسات العلمية خصائصها المضادة للالتهاب.
- الكركم
يوجد الكركم عادة على هيئة مسحوق أصفر ينتج من جذور نبات الكركم. ويحتوي على مركب كيميائي يدعى الكركمين curcumin الذي قد يمتلك خصائص مضادة للالتهاب. إذ بينت عدة دراسات أنه يمكن أن يساهم في خفض مستويات الالتهاب والانزعاج لدى المرضى المصابين بالتهاب المفاصل وذلك عن طريق الحد من إنتاج جزيئات مسببة للالتهاب تدعى cytokines. ويواصل الباحثون التحقق من الطرق التي يؤثر بها الكركمين في الالتهاب في طيف آخر من الحالات المرضية، كأمراض الأمعاء الالتهابية. ويمتلك الكركمين الدليل المثبت الأكثر أهمية ووضوحًا على تأثيراته المضادة للالتهاب مقارنة بالعلاجات العشبية الأخرى. ويعد امتصاص الكركمين ضعيفًا عند تناوله منفردًا، ولكن يمكن تحسين امتصاصه بدرجة كبيرة عند تناوله مع مركب piperine الموجود في الفلفل الأسود. وتحتوي بعض المكملات الغذائية مركبًا يدعى bioperine الذي يؤدي الدور ذاته في تحسين امتصاص الكركمين.
تبلغ الكمية الموصى بها يوميًّا من الكركمين قرابة 100 – 150 ملغ، وتعد جرعة 10 غرام/اليوم آمنة إذ جرى التحقق منها عمليًا، لكنها قد تسبب آثارًا جانبية على الجهاز الهضمي. ولا يُنصح أن تستهلكه النساء الحوامل.
- الزنجبيل يعد الزنجبيل نباتًا استوائيًّا جرى استعماله منذ زمن بعيد في الطب الشعبي. واستعمل كذلك على نطاق واسع لعلاج عسر الهضم، والغثيان الذي يشمل الغثيان الصباحي. وقد يمتلك الزنجبيل خصائص مضادة للالتهاب وفق عدة دراسات، إذ يمكن للعديد من مكوناته أن تحد من إنتاج مركبات cytokines ونشاط إنزيمات cyclooxygenase التي تحفز حدوث الالتهاب. وقد وجدت أبحاث أن هذه الخصائص المضادة للالتهاب قد تكون مفيدة في علاج العديد من الحالات المرضية مثل التهاب المفاصل، يحوي الزنجبيل على مركبين هما gingerol وzingerone اللذَان قد يكون لهما دورٌ في خفض الالتهاب المسبب لالتهاب الكولون والأذية الكلوية والداء السكري وسرطان الثدي. ويمكن استهلاك الزنجبيل طازجًا أو جذرًا مجففًا، ويباع على هيئة حبوب وكبسولات وأوراق شاي. وتبلغ الجرعة اليومية الموصى بها 1 غرام، على الرغم من أنه قد جرى اختبار جرعة 2 غرام والتأكد من أنها آمنة للاستخدام. ويمكن أن يسبب الاستهلاك المفرط الذي يتجاوز الجرعة اليومية زيادة في ميوعة الدم، الأمر الذي قد يزيد من حدوث النزف. ولا يُنصح أن يستهلكه الذين يتناولون عقار الأسبرين أو مميعات الدم الأخرى إلا في حال تصريح الطبيب بذلك.
- الشاي الأخضر
يعود مصدر الشاي الأخضر إلى أوراق نبات Camellia sinensis، وقد ربطت أبحاث عديدة استهلاكه بالعديد من الفوائد الصحية كالمساعدة على خسارة الوزن. ويمتلك الشاي الأخضر خصائص مضادة للأكسدة قد تكون السبب خلف هذه الفوائد الصحية، فعلى سبيل المثال؛ تقترح دلائل بحثية قدرة مركب يوجد في الشاي الأخضر على تعطيل التفاعلات المسببة للالتهاب في المفاصل. وبينت دراسات أخرى قدرته على الحد من الالتهاب لدى المصابين باضطرابات استقلابية. ويمكن شرب منقوع الشاي الأخضر حارًا أو باردًا، ويمكن تناوله بشكل كبسولات أو تطبيق الكريمات الحاوية عليه على الجلد.
وقد تمتلك أعشاب أخرى كالزعتر thyme ولحاء الصفصاف الأبيض white willow bark والبخورfrankincense والريزفيراتول resveratrol خصائص مضادة للالتهاب كذلك، لكن لا توجد دراسات كافية عن فاعليتها. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الدراسات التي تُجرى في هذا النطاق تستخدم جرعات عاليةً مركزة على شكل مستخلصات، ويجري أحيانًا عزل مركبات محددة -كمركب الكركمين من الكركم- وإجراء الدراسات عليها، مما يعني أن الآثار قد تختلف نتيجة عند تناول أشكال أخرى من العلاج العشبي.
- القرفة تعد القرفة نوعًا من البهارات التي تضاف إلى المنتجات المخبوزة لإضفاء النكهة عليها، لكنها أكثر من مجرد إضافة لذيذة إلى أطباق حلوياتنا! إذ تحتوي على العديد من مضادات الأكسدة مثل البوليفينولات polyphenols التي تساعد الجسم على محاربة العدوى وإصلاح الأنسجة التالفة، وقد تساهم في تخفيف الانتفاخات إضافة إلى خفض مستوى الكولسترول الكلي والكولسترول الضار LDL والشحوم الثلاثية. ويمكن إضافتها إلى القهوة أو الشاي أو رشها على حبوب الإفطار، وقد جرى استعمالها أيضًا مادة طبيعية حافظة للأغذية. أما فيما يتعلق بالجرعة اليومية الفعالة فهي تقدر بقرابة 1-6 غرام أو ما يعادل 0.5-2 ملعقة صغيرة من قرفة.
- الفلفل الأسود يطلق البعض على الفلفل الأسود لقب "ملك البهارات"، وقد أُعطي اهتمامًا خاصًا نظرًا إلى نكهته المميزة وخصائصه المضادة للأكسدة والبكتيريا والالتهابات. ويعد piperine المركب الأكثر فعالية في الفلفل الأسود، إضافة إلى مركبات أخرى مهمة كالزيوت الطيارة، و oleoresins والمركبات شبه القلوية alkaloids. وقد أظهر الـ piperine قدرة على تخفيف الشعور بالغثيان والصداع وعسر الهضم، إضافة إلى خصائصه المضادة للالتهاب. وتدعم بعض الدراسات مزج الفلفل الأسود مع الكركم كما ذكرنا آنفًا- للحصول على الامتصاص الأمثل للكركم وبالنتيجة استفادة أكبر للجسم منه.
مخاطر محتملة
يمكن أن يسبب تناول الأعشاب آثارًا جانبية ومضاعفات مثلما يحدث عند استهلاك الأدوية. وبما هيئة الغذاء والدواء الأمريكية FDA لا تُنظم استهلاكها، فقد تتفاوت مكوناتها الفعلية وجودتها، مما يعني كذلك قلة المعلومات الموثوقة التي يمكن الاعتماد عليها فيما يتعلق بسلامة هذه المنتجات. لكن وفقًا للمركز الوطني للصحة المتممة National Center for Complementary and Integrative Health فإن الأصناف آنفة الذكر في مقالنا تعد بصورة عامة آمنة للاستهلاك، على الرغم من احتمالية حدوث بعض الأعراض الجانبية التي قد تشمل:
- مشكلات في الجهاز الهضمي.
- مشكلات في الكبد.
- إحساس بانزعاج في المعدة.
- حرقة الفؤاد.
- الإسهال.
- الغازات.
- مشكلات في النوم.
ومن المحتمل كذلك أن يتداخل بعض هذه الأعشاب مع أدوية محددة، فعلى سبيل المثال يمكن أن يتداخل الشاي الأخضر مع أنواع محددة من الأدوية الحاصرة لمستقبلات بيتا beta-blockers -وهي أدوية تستخدم في علاج بعض الأمراض القلبية الوعائية- وينبغي استشارة الطبيب عن التداخلات المحتملة في حال كان المستهلك يتلقى علاجا ما.
المصادر: