الاقتصاد والعلوم الإدارية > الأسواق المالية
كيف يُمكن قياس المزاج والعواطف في الأسواق المالية؟
المؤشراتُ الاقتصادية عادةً هي عبارةٌ عن إحصائياتٍ عن الأنشطة الاقتصادية، وتساعد المحللين على دراسة الماضي والتنبؤ بالمستقبل، مثل مؤشر الناتج المحلي الإجمالي، والتضخم، ومؤشر أسعار المستهلكين، ومعدلات البطالة.
من جانبٍ آخر؛ توجد مؤشراتٌ قادرةٌ على القياس الرقمي والتمثيل البياني لعواطفَ، أو مزاجاتٍ، أو آراءِ وتوقعاتِ مجموعة من الناس حيال المعلومات الحالية، ومستقبل الاقتصاد والأسواق المالية؛ فمنها يستطيع المحللون معرفة ماذا قد يكون سلوك المستثمرين؛ وخصوصًا الأفراد والصغار منهم في السوق (لأنَّ قراراتهم قد تكون محكومةً بالعوامل النفسية والعاطفية أكثر من العقلانية منها)، ومعرفة هل هم متفائلون أم متشائمون حيال مُستقبل الاقتصاد والسوق، وهذا يساعد المحللين على التنبؤ بمسار السوق واتخاذ القرارات المُناسبة.
وفيما يلي بعضٌ من المؤشرات التي تُساعد على التعرُّف إلى مزاج المُستثمرين والمتعاملين:
- مؤشر التقلبات (CBOE Volatility Index (VIX
ويُعرف مؤشر VIX بمؤشر الخوف؛ وهو يتحرك تِبعًا لأسعار عقود خِيار البيع "put options" لمؤشر S&P 500 في بورصة شيكاغو للخيارات (CBOE)؛ فعندما يواجه المستثمرون حالة عدم يقينٍ تجاهَ مُستقبلِ قيمة المؤشر أو يتوقعون إنخفاضًا في قيمته؛ قد يتجهون للتحوط بواسطة خيارات البيع، وكلما كانت توقعات المستثمرين أكثر تشائمًا حيال المُستقبل (أي كُلما ازدادوا خوفًا)، يزيد إقبالهم على تلك العقود؛ مما يزيد من أسعارها، وهو ما يُحرك مؤشر الخوف صعودًا.
- نسبة عقود خيار البيع إلى الشراء Put/call Ratio
على نحوٍ مُشابهٍ تقريبًا للمؤشر السابق؛ إذ تحسب عن طريق قسمة عدد عقود خيار البيع على عدد عقود خيار الشراء لسهمٍ أو مؤشرٍ مُعين، وتُقارن النسبة بالواحد الصحيح؛ فعندما تطغى على السوق عمليات بيعية بدافع التحوط ضد حالة عدم اليقين والخوف لدى المستثمرين من المستقبل ترتفع النسبة عن الواحد، والعكس في حالة التفاؤل عندما تنخفض النسبة عن الواحد.
- إحصائيات تداولات صغار المُستثمرين Odd-Lot Trading Statistics
تعرض عدد الأسهم المباعة والمُشتراة في الصفقات التي تنفَّذُ على 100 سهمٍ أو أقل، أي التي يتعامل بها صغار المُستثمرين؛ والذين غالبًا ما تقودهم العواطف والعقلانية المحدودة. فعندما يكونون مُتفائلين يزيدُ إقبالهم على الشراء، والعكس عندما يكونون في حالة من التشاؤم فيزيدون من عمليات البيع. ونجد أنَّ عدد تلك الصفقات الصغيرة شراءً أم بيعًا يكون في أوجه عند الحالات القصوى في السوق، سواءً في حالات الانتعاش والقمم التاريخية، أو في حالة السوق الهابط والركود.
- مؤشر المتوسطات المُتحركة خلال 200 يوم في بورصة نيويورك (NYSE 200-day Moving Average)
يعرضُ هذا المؤشِّرُ كمًّا من الأسهم التي تُتَداوَلُ عند مستوياتٍ سعريةٍ فوق المتوسط المتحرك طويل الأجل (أي متوسط السعر علة مدى 200 جلسة سابقة من تاريخ الجلسة الحالية). مثلًا إذا كان المؤشر يعرض أنَّ 60% من الأسهم تُتَداوَلُ عندَ مستوياتٍ تفوق ذلك المتوسط المُتحرك؛ فإن ذلك يوحي بوجود شهيةٍ للمخاطرة وتفاؤلٍ لدى المُستثمرين في السوق، أمَّا إذا كانت النسبة 80%؛ فيتوقع بأن يكون هناكَ ضغطٌ كبيرٌ من عمليات الشراء.
- مؤشر Volfefe
أطلقه عملاق الصيرفة الأمريكية JPMorgan Chase، وأصل التسمية هو من كلمة “volatility”، أي التقلبات (بالإشارة إلى التي تحصل بعد التغريدات)، وكلمة “covfefe” والتي وردت في إحدى تغريدات "ترامب" المُثيرة للجدل وغير المُكتملة في عام 2017؛ إذ كَتَب كلمة "covfefe" بدلاً من كلمة "coverage". وهو من المؤشرات التي تقيس أثر مواقع التواصل الإجتماعي في نفسية المستثمرين؛ خصوصًا الأفراد الذين يعتمدون تلك المواقع كأحد مصادر للمعلومات التي قد تُلهم قرارات البيع والشراء لديهم، وتنعكس بصورةِ تقلباتٍ قصيرةِ الأجل في الأسواق. وفيه استطاع المحللون تكميم أثر تغريدات الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في عوائد السندات الأمريكية وتوقعات المستثمرين لمستقبلِ المُعدلات في سوق النَقد. وبُنيَ المؤشرُ عن طريق استخدام خوارزمياتِ تَعلُم الآلة ونماذج التقلبات التي بناها المحللون.
- مؤشر ثقة المُستهلك Consumer Confidence Index
مؤشرٌ مَبنيٌّ على استبياناتٍ لخمسة آلاف عائلة، ويُنشرُ في الثلاثاء الأخير من كُلِّ شهر. هدفه التعرُّف على توقعات المُستهلكين حيال وضعهم المالي في المُستقبل بناءً على توقعاتهم وثقتهم بمستقبل الاقتصاد وعالم الأعمال، فإذا كانت توقعاتهم متشائمة عن المُستقبل؛ سيميلون إلى تخفيض استهلاكهم من السلع والخدمات والادخار للمستقبل. في الحالة المُعاكسة عند التفاؤل يميلون إلى تقليل الادخار وزيادة الإستهلاك. ويتكون الاستبيان من خمسة أسئلة: سؤالان متعلقان بالظروف الاقتصادية الحالية، وثلاثةُ أسئلةٍ متعلقةٌ بتوقعات المُستقبل، وكلُّ سؤالٍ يحتمل ثلاث إجاباتٍ فقط وهي: إيجابي، وسلبي، وحيادي. قد يُساعد هذا المؤشر الشركاتِ على تخطيط مستويات المخزون لديها، ففي حالة التشاؤم تميل الشركات إلى تخفيض مستويات المخزون خوفًا من تكدُّسِ البضاعة لديهم. وهناك عدة مؤشرات مشابهة، مثل مؤشر "Consumer Sentiment Index" الذي تُصدره جامعة ميشيغن، ومؤشر "Consumer Comfort Index" الصادر عن بلومبيرغ وغيرهم.
يوجد أيضًا العديد من المؤشرات والإحصائيات التي يُمكن استخدامها للتعرف على مزاج المُستثمرين، مثل تقرير التزام المتداولين The Commitment of Traders Report، و مؤشر New York Stock Exchange High/Low Indicator وغيرها. جميعها قد لا تكون كافيةً لوحدها، لكن يجب استخدامها إلى جانب وسائل التحليل الفني والأساسي لتأكيد المسارات المُستقبلية وتحديد نِقاط الانعطاف في السوق.
المصادر:
هنا.
هنا.