الغذاء والتغذية > الوزن واللياقة
لماذا يزداد وزننا مع التقدم بالعمر؟
تمثل البدانة وباء متزايد الانتشار حول العالم وتعد مشكلةً صحيةً خطيرةً تهدّد البشرية لأنها تزيد خطر حدوث العديد من الأمراض، مثل داء السكري نمط 2 وأمراض القلب والسكتات الدماغية وبعض أنواع السرطانات. ويعدّ إبقاء الوزن ضمن الحدود الطبيعية تحديًا متزايد الصعوبة كلما تقدم المرء بالعمر وذلك لأسباب عديدة سنذكرها في هذا المقال.
يترافق تقدم السن مع الكثير من التغييرات التي تحدث في أجسامنا، مثلًا ينخفض معدل الاستقلاب (معدل حرق السعرات الحرارية خلال فترات الراحة) في الجسم مع تقدم العمر،ويجب على المرء أن يتمرّن بمعدل أكبر للمحافظة على كتلته العضلية. لذا وحتى إن بقي المسن يتناول الكمية ذاتها التي كان يتناولها من الطعام في سنوات شبابه سيجد أن وزنه يميل للزيادة. ويؤدي الفقدان التدريجي للكتلة العضلية مع تقدم السن الذي يدعى Sarcopenia بدوره إلى نقص معدل حرق السعرات وهو أحد أسباب زيادة الوزن مع التقدم بالسن، إذ يخسر المسن قرابة 1% من كتلته العضلية كل عام، وكلما نقصت الكتلة العضلية نقص معدل الاستقلاب.
وقد يعود سبب هذه الزيادة جزئيًا إلى نقص معدل النشاط والحركة -بغض النظر عن كمية التمارين الرياضية- مع التقدم بالعمر بالمقارنة مع ما كانت عليه في عمر الشباب. إضافة إلى أن التغيرات في مستويات هرمونات التستوستيرون لدى الرجال والأستروجين والبروجيسترون لدى الإناث تؤدي دورًا مهمًا أيضًا فيما يخص زيادة الوزن هذه، ويحدث هذا الأمر لدى الجنسين إلا أنه أكثر وضوحًا لدى الرجال، إذ تتركز هذه الزيادة في منطقة البطن، فيما تتوزع في مختلف الجسم لدى الإناث. وعلى الرغم من أن هذه الزيادة في الوزن تدريجية وليست حادة أو شديدة إذ إنها لا تتجاوز 1 باوند سنويًا إلا أنَّ لها تأثيرًا تراكميًا مع مرور عشرات السنوات.
وقد لا تكون جميع الأسباب المذكورة سابقًا كافية لتفسير جميع الحالات، فقد كشفت دراسة حديثة أجريت في معهد Karolinska في السويد السبب الكامن وراء ذلك. ووفقًا للدراسة المذكورة التي نشرت في مجلة Nature Medicine فإن تناقص التحول الدهني lipid turnover في الأنسجة الشحمية المرافق لتقدم العمر يسهّل عملية اكتساب الوزن حتى في حال عدم ترافق تقدم العمر مع تناول الشخص كميةً أكبر من الطعام أو نقص التمارين الرياضية.
إذ تبيّن عن طريق دراسة الخلايا الشحمية لدى 54 رجلًا وامرأة على مدى أكثر من 13 سنة نقصًا في التحول الدهني في النسيج الشحمي (معدل تخزين وإزالة الدهون في الخلايا الشحمية) بغض النظر عما إذا كانوا قد اكتسبوا أو فقدوا وزنًا بنحو عام في خلال الفترة المدروسة.
وحسب الدراسة، فإن أولئك الذين لم يعوضوا هذا النقص بتناول كميةٍ أقل من السعرات قد كسبوا وزنًا بمعدل وسطي 20%. وراقب الباحثون التحول الدهني لدى 41 امرأة ممن خضعن لجراحات إنقاص الوزن وكيف أثر معدل التحول الدهني لديهن في قدرتهن على الحفاظ على نقص الوزن في السنوات 4 إلى 7 التالية للجراحة. وقد أظهرت النتائج أن من كان لديهن معدل تحول منخفض قبل الجراحة فقط قد نجحن في زيادة التحول الدهني والحفاظ على الوزن المفقود لامتلاكهن قابلية أكبر لزيادة التحول الدهني بالمقارنة مع من كانت لديهن معدل تحول مرتفع قبل الجراحة.
وتظهر نتائج هذه الدراسة للمرة الأولى أن العمليات التي تحدث في نسيجنا الشحمي تنظم تغيرات وزن الجسم المرافقة لتقدم العمر بطريقة مستقلة عن العوامل الأخرى مما يفتح مجالًا جديدًا لمعالجة البدانة في زمن أصبح زيادة الوزن والمشكلات الصحية المرتبطة به تحديًا عالميًا. وتدعم نتائج هذه الدراسة دراسات سابقة كانت قد وجدت أنَّ إحدى طرائق تسريع التحول الدهني في النسيج الشحمي هي التمارين الرياضية وأن زيادة المجهود البدني يحسن النتائج طويلة الأمد لجراحة البدانة.
المصادر: