منوعات علمية > ألعاب رياضية
الكاراتيه؛ رياضة وفن وأخلاق
تاريخ الكاراتيه:
الكاراتيه هي إحدى فنون القتال والدفاع عن النفس القديمة؛ ويعود جذور تأسيسها إلى معبد شاولين الصيني Shaolin الذي دُرِب فيه الرهبان قديمًا على رياضة الكونغ فو. بحلول القرن السادس الميلادي انتشرت الكونغ فو في معظم أنحاء آسيا، ووصلت إلى أوكيناوا Okinawa (مجموعة جزر صغيرة ما بين الصين واليابان). والتي حُظِر فيها استخدام الأسلحة حينذاك، مما شجع سكانها على تطوير تقنيات خالية من الأسلحة والتي سُميت بال "الكاراتيه".
كلمة كاراتيه Karate هي كلمة يابانية مركبة من حروف الكانجي؛ "كارا" تعني فارغ و"تيه" تعني اليد؛ أي الكاراتيه هي اليد الفارغة أو المجردة من السلاح. وهو أسلوب يعتمد على اللياقة البدنية والقوى الجسمانية والعقلية معًا دون استعمال الأسلحة التقليدية متضمنًا حركات الركل، والهجوم، والهروب، والرمي. ولا يقف هذا الفن على الحركات الجسمانية بما فيها من عنف وهدوء، إنما يتعداها إلى الفكر ويطوره، وإلى النفس؛ فيربي فيها الثقة والجرأة، ويدعم الشجاعة والتحكم بالمشاعر لدى الأفراد. وأضيفت اللاحقة دو do- التي تعني طريقة أو أسلوب لتصبح Karate-do، فهي أسلوب حياة كامل تتجاوز فن الدفاع عن النفس، إذ تجعل ممارسيها أقوياء جسديًا وأكثر تركيزًا ذهنيًا مع الحفاظ على كامل هدوئهم.
تطور الكاراتيه:
تطورت الكاراتيه على مر السنين، وعلى نحو أساسي في ثلاث مدن في أوكيناوا: (شوري Shuri) حيث تجمع فيها النبلاء والملوك، و(ناها Naha) تمركز فيها التجار ورجال الأعمال، و(توماري Tomari) التي كانت منطقة الصيادين والمزارعين.
ولهذا السبب تطورت أشكال مختلفة من الكاراتيه داخل كل مدينة وأصبحت فيما بعد معروفة باسم Okinawa-Te أو تود Tode. علما أن البلدان الثلاث لا تبعد سوى بضعة أميال عن بعضها، لكن أسلوب تدريب الكاراتيه اختلف في كل منطقة وقد قُسمت الكاراتيه إلى مجموعتين رئيسيتين: Shorin-ryu التي تطورت في شوري وتوماري، و Shorei-ryu التي جاءت من منطقة ناها. وعلى الرغم من أن كلا الطريقتين لديهما الهدف والمضمون نفسه، لكنّ Shorin-ryu تميزت بحركاتها السريعة مع التنفس طبيعيًا؛ في حين أن Shorei-ryu كانت حركاتها أكثر ثباتًا، ويتنفس الممارس في أثناء أدائها بالتزامن مع كل حركة يجريها.
يُعدُ جيتشين فوناكوشي Gichin Funakoshi من أبرز مدربي الكاراتيه ومؤسسيها؛ وقد وُلِد في أوكيناوا عام 1868م، إذ تدرب على تقنيات القتال منذ صغره إلى أن أصبح في نهاية المطاف مدرسًا، وكان يقضي معظم وقته في التدريب على الكاراتيه. فيما بعد وبموجب القانون أصبحت الكاراتيه تُمارس قانونيًا؛ ومع بدايات القرن العشرين عُلِمت الكاراتيه في المدراس عامةً، وكان هناك إقبال كبير عليها من قبل سكان أوكيناو، وطالبت وزارة التعليم من فوناكوشي المجيء لطوكيو وتقديم الكاراتيه لليابان في عام 1922.
لم يستطع فوناكوشي فيما بعد العودة لموطنه؛ إذ كان له انطباع قوي على الجمهور الياباني وسرعان ما انتشر تعليم الكاراتيه في اليابان، وبدأت الجامعات المحلية بالاهتمام بالكاراتيه أيضًا، وأصبح فوناكوشي مدربًا منتظمًا في عددٍ كبيرٍ من مراكزها. وأُنشئت عدة نوادٍ يابانية للكاراتيه التقليدية ومن ثم انتشرت من اليابان إلى جزر هاواي.
أنواع الكاراتيه التقليدية الرئيسة في اليابان:
Shito-ryu: تأسست في عام 1928 ويُركز التعليم في مدارس شيتو-ريو أساسيًا على قوة التكنيك والكاتا (أي الحركات).
Goju-ryu: وُجِدت عام 1930؛ إذ تتميز حركاتها بالقوة والنعومة معًا، فهي تعتمد على إرهاب الخصم والحد من هجومه، وتكون حركات الحجب فيها بطيئة جدًا، ولكن الهجمات سريعة ومتتالية.
Shotokan: وُضِعت عام 1938م، وهي تصف صوت الرياح القوية التي تضرب أشجار الصنوبر؛ ويتميز هذا النوع من الكاراتيه بأداء الحركات والتقنيات القوية جدًا.
Wado-ryu: تُشبّه بالهارموني؛ إذ وُجدت عام 1939م، وتتميز حركاتها بالنعومة والتناغم، وهي مزيج من حركات الجوجوتسو Jujistsu وتكنيكات الهروب من الخصم.
وصول الكاراتيه للعالمية:
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ظهرت رياضة الجودو اليابانية التي اكتسبت شعبيةً أوسع من شعبية الكاراتيه؛ ولكن بحلول ستينيات القرن العشرين بدأ مدرب الكاراتيه فوميو ديمورا “Fumoi Demura” بتقديم أساليب الكاراتيه إلى أمريكا والعالم، وذلك عن طريق أفلامه القوية مثل مسلسل كاراتيه كيد “The Karate Kid”، وجهوده في تعليم الكاراتيه بأسلوبه المميز، فعادت شعبية الكاراتيه إلى سابق عهدها. وتأسست رابطة الكاراتيه اليابانية JKA عام 1955م التي ينتسب إليها في يومنا هذا أكثر من مئة ألف متدرب وقُرابة 300 نادٍ للكاراتيه من مختلف بلدان العالم؛ فالكاراتيه تُدرب اليوم عالميًا بمختلف أنماطها للرجال والنساء والأطفال.
المصادر: