الهندسة والآليات > التكنولوجيا الطبية
العباءة الخلوية
في بادرة ليست قديمة من نوعها؛ استطاع علماء من جامعة تكساس-أوستين تطوير نوع جديدٍ من الأغشية الترشيحية فائقة الكفاءة والقابلة للاستخدام ضمن تطبيقات مختلفة؛ مثل فلترة الماء وإزالة الملوثات من السوائل.
لكن ما الذي يُميِّز هذه التقنية عن مثيلاتها؟
في تصريح مانيش كومار (أستاذ الهندسة المساعد في كلية كوكريل في جامعة تكساس) مع مجلة "Nature Materials" قال: إنَّ التقنية سهلةُ الإنتاج وذات كفاءة أعلى من نظيراتها المعتمدة في الوقت الراهن، الأمر الذي بإمكانه توفير الطاقة والتكلفة والوقت اللازم لإنتاجها.
تظهر الأغشية الجديدة نسبة كثافةٍ أعلى من نظيراتها فيما يخص المسام إضافةً إلى إمكانية إنتاجها على نحوٍ أسرع قد يصل في غضون ساعات مقارنة بالأغشية الحالية التي قد تستغرق بضعة أيام.
حتى الآن، كانت فكرة إنشاء أغشية ذات أسس بروتينيةٍ باستخدام التكنولوجيا المنتشرة حاليًّا أحد أكبر العوائق التي واجهت العلماء؛ نتيجة استهلاكها كثير من الوقت دون الوصول إلى نسبة البروتين المطلوبة.
إذًا ما الخصائص الجديدة التي تتمتع بها هذه الأغشية؟
أثمرت الجهود المبذولة والشراكة القائمة بين علماء جامعة تكساس وبنسلفانيا وكنتاكي وجامعة نوتردام، إضافةً إلى شركة "Applied Biomimetic" عن إنتاج غشاء فلترة قائم على وجود البروتين ومسام يتراوح قطرها بين 0.5-1.5 نانومتر؛ إذ يُعدُّ قطر المسام الواحد أكبر بقليلٍ من قطر جزيء الماء والذي يبلغ 0.275 نانومتر [4] وأصغر بعشرات آلاف المرات من قطر شعرة الإنسان التي تتراوح بين 80 ألف إلى 100 ألف نانومتر.[3]
إضافةً إلى ما سبق، تُعدُّ الأغشية المصنوعة نوعًا من التقليد البيولوجي والتي تتميز بقدرتها على محاكاة الأنظمة أو العناصر الطبيعية، وتُقلِّد أداء الأغشية الخلوية في نقلها جزيئات الماء والمواد الغذائية؛ إذ تبلغ الكثافة المسامية 10-100 ضعفٍ عن نظيراتها التقليدية مع احتفاظها بأبعادها النانوية، الأمر الذي يسمح لها بالإبقاء على الجزيئات المطلوبة.
تقنيةٌ بهذا النوع كيف أُنشِئت؟
حسب آخر الأبحاث التي نُشِرت؛ شُكِّلت مسام عاليةُ الكثافة في صفائح بوليميرية غير بيولوجيةٍ تميزت بأسسها البروتينية ضمن الغشاء وفق شكل مشابهٍ لعدسة عين الإنسان.
صُنِّعت الأغشية بثلاثة أساليب مختلفة؛ إذ أظهرت النتائج انتقائية حادة وفريدة من نوعها، إضافةً إلى إمكانية التحكم بحجم القنوات البروتينية ضمن ثلاثة مقاساتٍ مختلفة؛ الأمر الذي أتاح للعلماء مجالًا أوسع للتحكم ببنية الغشاء ووظيفته.
في تصريح لـ يو مينغ تو (أحد طلاب الدكتوراه في جامعة أوستن وأحد رواد البحث):
"في الماضي، كانت محاولات صنع الأغشية الحيوية أقل ممَّا هي عليه الآن، أمَّا الآن فقد أظهر عملنا تحسُّنًا ملحوظًا في الإنتاج بنسبة 20-1000 مرةً مقارنة بالأغشية التجارية، إضافةً إلى ذلك؛ أصبح من الممكن تحقيق نسبة فصل للجزيئات أعلى من نظيراتها التجارية؛ مثل إمكانية فصل السكريات والأحماض الأمينية عن الجزيئات المرتبطة بها من المضادات الحيوية والبروتينات والفيروسات، ومن ثَمَّ وُجِد أنَّ الإنتاجية العالية للأغشية كانت بفضل الكثافة العالية للمسام البروتينية".
إذ يقول كريشنا كومار أحد المشاركين في البحث:
"هذه أوَّل مرةٍ تُحقَّق فيها أغشية حيويةٌ تبدأ بأبعاد جزيئية حتى الوصول إلى أداء عالٍ على نطاق الأنسجة الخلوية؛ إذ حاول العلماء والمهندسون -لفترةٍ طويلة- إيجاد الحلول لاكتشاف الطبيعة وفهمها وها هم قد فعلوها، أمَّا الخُطوات التالية فهي تتمثل بإمكانية صُنع أغشية أكبر حجمًا والقدرة على تخزينها واستعمالها في المجالات الصناعية".
برأيك عزيزي القارئ، هل ستتمكن هذه التقنية من السيطرة على بعض الأمراض، وحلِّ المشكلات البيئية وتوفير المياه النظيفة مستقبلًا؟!
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا