علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث
الخوف من الفشل
إن الخوف من الفشل أحد أقوى القيود التي تعيق تقدمنا نحو الأمام، وقد يؤثر في ثقتنا بأنفسنا لنصبح غارقين في خيال تتحقق فيه الأحلام دون مواجهة صعوبات، ولكن الأفضل دومًا يكمن في مواجهة الواقع بدل الهروب منه، وذلك من خلال معرفة أعمق لماهية الخوف من الفشل وكيفية التغلب عليه، انطلاقًا من معرفة أسبابه.
يُعدُّ شعور العار الناتج من الإخفاق (The shame of failure) سببًا رئيسًا لظهور الخوف من الفشل، فنحن نهتم بشدة بألا نظهر مظهرَ الفاشلين أمام المجتمع والأصدقاء وحتى الأهل؛ لتفادي تخييب الآمال المعلقة علينا، إذ أظهرت دراسات عدة أن الأفراد الذين يعانون خوفًا كبيرًا من الفشل كانوا يسجلون شعورًا أكبر من العار، من أولئك الذين يخافون من الفشل بدرجة أقل. وفي حالات أخرى كان لقربهم من الأهل والأم خاصةً دورٌ في تعزيز الشعور بالعار، فكانوا يميلون إلى إخفاء التجارب الفاشلة عن أهلهم، وإخبارهم بالتجارب الناجحة فقط (1).
وفي التعليم الأكاديمي، تنتشر ظاهرة الخوف من الفشل انتشارًا واسعًا بين الطلبة، وتؤثر سلبيًا ليس في درجاتهم فقط بل في حياتهم الاجتماعية والعاطفية أيضًا، إذ يؤدي التقييم بمختلف أنواعه إلى ازدياد التوتر والقلق المسبب للخوف من الإخفاق (2).
ومن الوسائل التي يمكن أن تقلل من هذا الخوف:
1- إيجاد مصدر داخلي للهدوء: ويمكن ذلك من خلال تمارين التأمل، إذ أجريت مقابلات قبيل الاختبار كشف فيها المشاركون عن شعورهم بالقلق والارتباك والمشاعر السلبية قبل الموعد النهائي، وغالبًا ما أدى ذلك إلى إضعاف قدرتهم على الدراسة والمشاركة على نحو كامل في حياتهم اليومية، إضافة إلى الشعور بالإحباط والخوف من الفشل.
وقد أُجري اختبار ممارسة التركيز على التنفس والأحاسيس الجسدية من قبل معظم المشاركين، بوصفه وسيلةً مفيدةً لتنظيم حالات التفكير السلبي من مشاعر الخوف والإحباط والعار، بمعنى آخر؛ تحويل تفكيرهم من الخوف النفسي إلى التركيز على إحساس جسدي لمنع تفاقم الأفكار السلبية (2).
2- مشاركة صعوبة التجربة: ساعدت مشاركة التجربة لدى الطلاب مع طلاب آخرين يعانون المشكلةَ نفسها وحديثهم عن الجهد المبذول، على تخفيف الشعور بالوحدة تجاه القلق من الأداء.
كذلك يمكن للمشاركين مناقشةُ مخاوفهم وإيجاد صدىً في تجارب الآخرين بعد معرفة أن معاناتهم مشتركة، مما يجعلهم أكثر انفتاحًا للحديث عن مشاعرهم الكامنة، فيشعرون أنهم أكثر طبيعية، إضافة إلى تعرّفهم إلى الخوف من الفشل بوصفه صراعًا إنسانيًّا طبيعيًّا يصادف الجميع (2).
3- تحويل الخوف إلى شغف التعلم: وذلك عن طريق استكشاف طرائق جديدة للتعامل مع عملية التعلم الأكاديمي، إذ وصف العديد من المشاركين في إحدى الدراسات أن إستراتيجياتهم التعليمية وتصوراتهم في دراساتهم تأثرت أكثر بسلوك الخوف والتجنب، وقد وجد كل منهم طريقتَه الخاصة للتعامل معه (2).
4- زيادة شعور تقبّل الذات عند مواجهة الصعوبات (المرونة): علينا أن نعي عدمَ قدرتنا على التحكم بالمواقف التي قد تعترضنا، لذلك علينا أن نكون أكثر مرونةً ونتعلم القبول عند مواجهة المواقف الصعبة، إضافة إلى ترك مساحة داخلية أكبر للسماح للمشاعر السلبية أو الأحاسيس غير السارة أن تأتي وتذهب، وأن نكون أكثر وعيًا بالطبيعة المتغيرة للحالات الذهنية السلبية (2).
وفي النهاية، يؤدّي كلٌّ من ضبط شعورنا بالخوف من الفشل وتعلم المرونة دورًا محوريًّا، إذ يدفعُ "التعميمُ المفرطُ للإخفاق" الأشخاصَ الذين يملكون تقديرًا منخفضًا للذات إلى استنتاج أنهم أقل ذكاءً وكفاءةً من غيرهم، ومن عجيب المفارقات هنا أن أفضل طريقة لبناء الثقة بالنفس هي اتخاذ التدابير اللازمة بعد الفشل، وربما في كل مجال من مجالات الحياة، فلا ينبغي لنا أن نقبل الفشل فحسب؛ بل أن ننطلق منه بقوة ليتحوّل إلى طريق للنجاح (3).
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا