أسطح خضراء لمدن أجمل

أصبحت زراعة أسطح المباني في المدُن الكُبرى من الظواهر المنتشرة في كثير من دول العالم؛ إذ توفِّر هذه الظاهرة البيئيّة العديدَ من الفوائد للمجتمعات المهتمّة بها. نستعرض معظمها في مقالنا اليوم، علَّها تكون سبباً يُحفِّزنا على استعمالِها.

حفّزت ظاهرةُ ارتفاع درجات الحرارة في المناطق المكتظَّة بالمباني والأرصفة المعروفةِ بالتأثير الحراري للجُزُر الحضَرية الباحثين لإيجادِ حلولٍ طبيعيّةٍ يُمكِن أن تقلِّل درجات الحرارة حتى في الأماكن الأكثر حرارةً عند تطبيقِها بفعاليّة واستعمالِها مجتمِعةً. وفي هذا السياق؛ أظهرَت دراسةٌ من جامعة ولاية (Portland) الأمريكية أن زراعة المزيد من النباتات واستعمال الموادّ العاكسة على الأسطُح الصلبة يمكن أن يساعد على تبريد هذه الجزُر الحضَريّة المميتة (3)، إضافةً إلى إمكانيّةِ تركيب الأسطُح الخضراء (Green roofs) المعروفة بزراعة طبقةٍ من النباتات فوق نظامٍ مانعٍ لتسرُّب المياه على سقفٍ مُسطّحٍ أو منحدِرٍ قليلاً (7).

ويرى الباحثون أنّ مطوِّري السكن ومخطِّطي المدُن يواجهون تحدّياً متزايداً مع زيادة كثافة الأحياء السكنيّة باستمرارٍ(3)؛ مما قد يجعلهم أبطالاً غيرَ مرئيِّين في التصدّي لتلوُّث الهواء. ويقترِح الخبراءُ ضرورةَ وجود مجموعة من الإرشادات الدوليّة الواضحة للمطوِّرين والمدنيِّين لإلزام مخطِّطي المدُن باتِّباعِها عند تنفيذ البنية التحتيّة الخضراء كزراعة الأشجار، والأسطُح الخضراء لزيادة فوائدها إلى الحدّ الأقصى وعكسِ آثار تلوُّث الهواء(1).

تشيرُ الدراسات إلى مُساعدةِ الأسطح الخضراء في المناطق الحضَريّة على امتصاص مياه الأمطار والتقاط الغبار أو الملوّثات في الهواء وتنظيم درجات حرارة هذه المناطق (عن طريق زيادة عمليّاتِ التبخّر أو النتح)؛ وهذا من شأنه تبريد حرارة المدن صيفاً وتدفئتها شتاءً. إضافةً إلى فائدةِ النباتات الخضراء في هذه المناطق في تقليلِ جريان المياه في العواصف (4)، والتخفيف من الضجيج والإجهاد (2)، والحدّ من انتشار الأشعة الكهرومغناطيسيّة، إضافةً إلى زيادةِ التنوُّع الحيويّ (عن طريق حفاظها على مجموعةٍ متنوِّعةٍ من النباتات واللافقاريّات، وتوفيرِها موئلاً لأنواع الطيور المختلفة)(6)، دون إغفالِ أهميّتها الجماليّة، وامتصاصها غاز ثاني أوكسيد الكربون (2) وتخفيفها منه (6)، وتحسينها جودة الهواء (عن طريق خفضِ مستوياتِ غاز الأوزون O3 الذي يدخلُ المباني مع الهواء عبر فتحات تهويتِها) (4,5). كذلك قد يُؤدِّي استخدام الأسطح الخضراء إلى تحسينِ كفاءة الطاقة اللازمة لضبط حرارة المبنى عن طريق العزل الكبير الذي توفرّه للسطح، وهذا يزيد من متانة السطح ويُقلِّل من التشقّقات التي قد تحدُث بفعل تقلُّباتِ درجاتِ الحرارة (6).

إضافة إلى ذلك؛ يمكن لهذه الأسطُح الخضراء أن تجذبَ النحل عندَ زراعةِ أنواعٍ نباتيَّةٍ مُزهرةٍ مُفضّلةٍ للنحل، وهذا ما فعلته مدينة (Utrecht) الهولنديّة عند تزويدها لـ 316 من محطّات حافلاتِها بالأسطح الخضراء المزروعةِ بنباتاتٍ مُزهِرةٍ مثل نباتات إبرة الراعي والهندباء البرّيَّة ذات الألوان الزاهية (2).

ويمكنُ زراعةُ أنواعٍ من السدم اللاذع (Sedum acre) والسدم الأبيض (S. album) والحزازيّات والقرنفليّات (Delosperma) في منطقة مشمِسةٍ خاليةٍ من الصقيع، كذلك يُمكن زراعةُ السرخس الشائع (Polypodium vulgar) في الظروف الجافّة المظلّلة.

وتُزرَع النباتات المعمِّرة الجافّة والأعشاب المزخرَفة من الفصيلة النجميّة والفصيلة الورديّة ووِسادة السيِّدة (Armeria) والقرنفل (Dianthus) وعشب الشوفان الأزرق (Helictotrichon sempervirens) من الفصيلة النجيليّة والعشب المكسيكيّ (Stipa tenuissima)، وبعض أنواع الهليونيّات مثل صفير العنب (Muscari) أو أنواعٍ من الثوم كالثوم الأصفر (Allium flavum)، إضافةً إلى النباتات المقاوِمة للجفاف (8).

علاوةً على ذلك؛ يُمكنُ أن يكونَ استخدامُ الأسطح الخضراء مشروعاً زراعياً حضَرياً؛ مصدراً لزيادة ثقة المجتمع في الاعتماد على الذات، وتحسين مستويات التغذية عن طريق إنشاء نظام غذائيٍّ محلِّيٍّ (6).

أخيراً؛ قد يبدو وجودُ الأسطح الخضراء في مدُنِنا أمراً مُثيراً للاستهجان في البداية، ولكنّنا نحتاجُ اليوم أن يدخُل هذا المشروع حيّزَ التطبيق تدريجيّاً في المدن كلّها، خاصةً بعد أن ثبتت جدواه علميّاً في مواجهةِ كثير من التحدّياتِِ البيئيّةِ المُحدِقَةِ بنا. فما رأيكم قرّاءَنا بالبدء بتطبيق هذا المشروع في أبنيتِكم؟

المصادر:

1. Housing developers could be the secret weapon to improving air quality [Internet]. ScienceDaily. 2020 [cited 29 January 2020]. Available from: هنا

2. These bus stops are a sanctuary for bees [Internet]. World Economic Forum. 2020 [cited 29 January 2020]. Available from: هنا

3. How to reduce extreme heat in city neighborhoods [Internet]. ScienceDaily. 2020 [cited 29 January 2020]. Available from: هنا

4. Green roofs could reduce indoor air pollution [Internet]. ScienceDaily. 2020 [cited 29 January 2020]. Available from: هنا

5. 15. Pilot study on the impact of green roofs on ozone levels near building ventilation air supply [Internet]. Elsevier; 2019 [cited 29 January 2020]. Available from: هنا

6. About Green Roofs — Green Roofs for Healthy Cities [Internet]. Green Roofs for Healthy Cities. 2020 [cited 29 January 2020]. Available from: هنا

7. What is a Green Roof—Technical Preservation Services, National Park Service [Internet]. Nps.gov. 2020 [cited 29 January 2020]. Available from: هنا

8. Green roofs / RHS Gardening [Internet]. Rhs.org.uk. 2020 [cited 29 January 2020]. Available from: هنا