الهندسة والآليات > المحركات
مفهوم جديد، محرك جديد، مستقبل جديد!
تُكلّف رحلة الفضاء الواحدة أكثر من 1500 طن من الوقود بحسب تقديرات وكالة ناسا، أي ما يعادل وزن الحوت الأزرق 15 مرة (1).
يبدو أنَّ هذه التكلفة الهائلة ستنخفض في المستقبل القريب، فقد ظهر نوع جديد من المحركات يعدُ بتبديد كثير من الصعوبات أمام رحلات الفضاء.
ما تلك المحركات؟
محركات الدوران الانفجاري (Rotating Detonation Engine RDE): هي محركات منتجة لقوة دفع عن طريق تحكم ذاتي؛ إذ تستمر عملية تفاعل الاحتراق مدفوعة بموجات صدم داخل غرفة الاحتراق (2).
ما المميز في تلك المحركات؟
تتميز هذه المحركات ليس فقط بكفاءتها العالية في استهلاك الوقود؛ بل بخفة وزنها، وسهولة بنائها أيضًا، وذلك مقارنةً بما يماثلها من المحركات التقليدية (1).
كيف تعمل هذه المحركات؟
تتكون محركات الدوران الانفجاري من أسطوانات متحدة المركز؛ يمرُّ الوقود بين هذه الأسطوانات، وعند الاشتعال يُشكل الإطلاق السريع للحرارة موجة صدمة ودفقة من الغاز ذات ضغط ودرجة حرارة عاليين، وبسرعةٍ تتجاوز سرعة الصوت (1) (بسرعة تصل إلى 2-3 كم في الثانية (3)).
يمكن الاطلاع على هذا الفيديو لمزيد من التفاصيل. هنا
حقوق الفيديو: James Koch/University of Washington
أمّا المحركات التقليدية تحرق الوقود، الأمر الذي يؤدي إلى توليد طاقة في الجزء الخلفي من المحرك؛ لخلق قوة دفع كافية للانطلاق، كما أنَّها تستخدم الكثير من الآلات لتوجيه عملية الاحتراق والتحكم بها، بحيث يولد الجهد اللازم لدفع المحرك، على عكس محرك الدوران الانفجاري، الذي تقوم موجة الصدمة فيه بكل شيء دون أي مساعدة من أجزاء المحرك الأخرى (1).
اُعتمِدت هندسة المحرك بحيث يوجه الميتان الغازي والأكسجين إلى فجوة حلقيّة ضيقة من خلال مجموعة من حاقنات الوقود الدافع، وعند إشعال الشرارة لحظة مرور هذا المزيج؛ يتحول بسرعة إلى عدد من موجات التفجير التي تدور محيطيًا (2).
تحدٍ صعب
واجه الباحثون تحدٍ صعب للغاية في أثناء تعاملهم مع هذه المحركات، فقد لاحظوا عدم استقرارها وصعوبة التنبؤ بنشاطها بعد عدة تجارب مختلفة (1،2).
النموذج الرياضي
واجه الباحثون هذا التحدي بطريقة غير تقليدية، إذ طوروا نموذجًا رياضيًا يوضح كيفية عمل هذه المحركات، فعن طريق المعلومات التي يوفرها لنا هذا النموذج الرياضي سوف يستطيع المهندسون لأول مرة تطوير اختبارات لتحسين هذه المحركات الجديدة وجعلها أكثر استقرارًا.
يقول Koch مُعلقًا: "حاولت إعادة صياغة النتائج بالنظر إلى نمط التكوينات بدلًا من طرح الأسئلة الهندسية التقليدية، كي أحصل على الأداء الأكفأ للمحرك؛ وبالفعل نجحت هذه الطريقة (1)."
التجربة
طوَّر الباحثون محرك دوران تجريبي بحيث يمكنهم السيطرة على معاملات متغيرة في التجربة، مثل: الفراغات بين الأسطوانات، وسجلوا عملية الاحتراق التي تحتاج إلى 0.5 ثانية فقط بكاميرا فائقة السرعة بمعدل 240 ألف إطار في الثانية الواحدة، حتى يتاح لهم رؤية ما يحدث بالتصوير البطيء (1).
ما أهميَّة هذا النموذج؟
سمح هذا النموذج للباحثين أن يحددوا لأول مرة إذا ما كان هذا المحرك مستقرًا أم لا، كما سمح لهم أيضًا بتقييم مدى أداء أي محرك معين بوضوح (1).
الهدف من النموذج
يوضح Koch الهدف من النموذج، بقوله: "كان هدفي الوحيد هو إعادة إنتاج سلوك النبضات التي رأيناها (في التجربة)، والتأكد من أن نتائج النموذج مماثلة لنتائج التجربة، لقد استطعت التعرف إلى القوانين الفيزيائية المسيطرة وكيفية تداخلها. أستطيع الآن أخذ ما حصلت عليه من معلومات وجعلها أكبر، وبعد ذلك يمكننا التحدث عن تصنيع محرك أفضل (1)."
يبدو أننا أمام رحلات فضاء أكثر بتكاليف أقل وكفاءة أعلى في المستقبل، ويعود الفضل كله لهذه المحركات والنموذج الرياضي الذي طوره James ورفاقه.
متى تتوقعون استخدام هذه المحركات عمليًا في رحلات الفضاء؟
المصادر:
1- McQuate S. Simple, fuel-efficient rocket engine could enable cheaper, lighter spacecraft [Internet]. UW News. 2020 [cited 13 March 2020]. Available from: هنا;
2- Koch J, Kurosaka M, Knowlen C, Kutz J. Mode-locked rotating detonation waves: Experiments and a model equation. 2020.
3- [Internet]. 2020 [cited 13 March 2020]. Available from: هنا