برج‌ ‌النباتات‌ ‌المنبثقة‌ ‌–‌ ‌برج‌ ‌الجدران‌ ‌البيضاء‌

برجٌ مختلط الوظائف (سكن ومكاتب ومحلات تجارية) من تصميم مكتب المعماري الفرنسي Jean Nouvel، ويقع في مركز مدينة نيقوسيا Nicosia القبرصية بجوار ساحة  Eleftheria (1).

يقابل بارتفاعه الذي يصل إلى 67 م أفقية أسوار القرون الوسطى والخنادق المحيطة بالجزء القديم من المدينة، ممَّا يمهِّد لتقديمه معلمًا جديدًا للمدينة (2).

يتميز بجدرانٍ مثقَّبةٍ وشرفاتٍ عريضةٍ مغطَّاة جزئيًّا بالنباتات، وقد بدأ المشروع عام 2007 واكتمل عام 2015، ويُعَدُّ من أطول المنشآت في العاصمة القبرصية؛ إذ يرتفع 18 طابقًا أعلى الأرض (3)، متضمِّنًا طابقين من المتاجر و6 طوابق من المكاتب و10 طوابق من الشقق السكنية (2)، إضافةً إلى ثلاثة طوابق تحت مستوى الأرض تُستخدَم مواقف للسيارات (3).

صُمِّم المبنى ليلائم المناخ المتوسطي القبرصي، إذ يتضمَّن مانعًا طبيعيًّا لأشعة الشمس المباشرة والحادة عبر الواجهة الجنوبية يسمَّى brise soleil (1)، وهو عبارة عن تنسيقٍ شاقوليٍّ للنباتات الخضراء يغطِّي ما يقارب 80% من سطح الواجهة الجنوبية المعرَّضة للقدر الأكبر من أشعة الشمس (2)، ويتضمَّن عددًا من الفتحات التي تنبثق منها النباتات (1). 

تعمل هذه المنظومة مظلَّةً للشمس؛ إذ تظلِّل النباتات على نحوٍ طبيعي الشقق والمكاتب في فترة الصيف، وتسمح بدخول أكبر قدر ممكن من الضوء في الشتاء، وتتكون هذه الواجهة الحية من مجموعةٍ متنوِّعةٍ من النباتات المحلية المتسلقة والتي تتغيَّر باستمرار مع تعاقب الفصول، وتكمل هذه الواجهة النباتية أشجار الزيتون التي يصل عمرها إلى 400 عام والتي تقع أسفل البرج سامحةً له أن يندمج مع المنتزه الأخضر المجاور وينتمي إلى المدينة (2).

وُضِعت على الجانب الجنوبي من البرج الأكثر عرضةً لأشعة الشمس سلسلةٌ من الشرفات تمتدُّ على عرض المبنى وتعج بالنباتات التي تخدم الشقق والمكاتب معًا، أما الجهتين الشرقية والغربية فهي عبارةٌ عن جدرانٍ بيضاء مثقَّبة بفتحاتٍ مربَّعة الشكل مشكِّلةً نمطًا هندسيًّا متكرِّرًا (1)، وتُغطَّى بالزجاج في بعض الأحيان (2)، وتُملأ بالنباتات في أحيان أخرى وخاصةً بالقرب من الحدائق (1).

تحمي هذه الجدران السكان ومستخدمي المكاتب من الضجيج والرياح والشمس، وتخفِّف هذه الفتحات السماكة الكبيرة للجدران وتعمل على التلاعب بالظلال وفق اتجاه الشمس وأوقات اليوم فترسم الحدود بين داخل المبنى وخارجه (2).

وعلى العكس، فإنَّ الواجهة الشمالية بسيطة مع سلسلةٍ من الشرفات المنحنية دون نباتات (1)، وتنفتح بصالاتٍ على المنتزه وخط السماء للمدينة (2).

تؤمِّن سطوح الواجهات الجنوبية والشرقية والغربية شكلًا حيويًّا بواجهةٍ ثلاثية الأبعاد تعطي انطباعًا أنَّ المبنى يتوسَّع ويتقلَّص بسبب دخول وخروج الشرفات بأبعاد وأعماق مختلفة (1).

تتميَّز الشقق والمكاتب بمساحات معيشة في الهواء الطلق من المقرر أن تؤمِّن الراحة في أثناء الفترات الأعلى حرارةً من النهار، وصُمِّمت التيراسات المتتالية والشرفات الشمالية لتحقق الغرض نفسه (1).

ينتهي البرج من الأعلى بشقَّةٍ فوق السطح Penthouse بطابقين duplex، وفناءٍ داخلي بارتفاع طابقين (1)، وهو مستوحىً من العمارة القبرصية التقليدية وتحميه من أشعة شمس الصيف ثلاث مظلَّاتٍ كبيرة (2).

نرى عمومًا أنَّه يمكن للمباني الحديثة أن تحاول حمل طابع المنطقة التي تقع فيها وتلائم سكانها ومناخها السائد باستعمال التصميم المعماري ومواد البناء الحديثة، فهل تعتقد أنَّ المصمِّم المعماري قد وقِّق في مبتغاه في هذا المبنى؟

مصادر المقال:

1.

3.