الغذاء والتغذية > الفوائد الصحية للأغذية
هذا ما نحتاجه في الأزمات!.... أطعمة ذات صلاحية طويلة
كما هو الحال في جسم الإنسان، يمتلك الطعام آليات ذاتية لحماية نفسه، ولكن هذه الآليات للأسف قد لا تصمد طويلًا تجاه التغيرات والظروف الخارجية. إذ كانت وما زالت طرائق حفظ الطعام لفترة طويلة تشغل الباحثين في هذا المجال وقد يعود السبب في ذلك إلى البحث الدائم عما يريح الإنسان. فحفظ الطعام لفترة طويلة دون فساد أمر مهم جدًا عند حدوث الكوارث والأزمات، وهو وسيلة مريحة للمسافرين والرحالة (1).
وكما ذكرنا سابقًا فإنَّه لا يقتصر حدوث الفساد لطعام معين على عوامل خارجية فقط وإنما على عوامل داخلية أيضًا، فقد يكون للمادة الغذائية قشرة قادرةٌ على حمايتها، وهو ما نصادفه في الموز والمكسرات على سبيل المثال؛ إذ تعمل جدارَ حمايةٍ من الميكروبات في الوسط الخارجي، لكنَّها لا تؤمن حماية كافية مما يحدث في داخلها، إذ يمكن لدرجة الحرارة المحيطة والغازات الطبيعية التي يطرحها الموز مثلًا أن تزيد من احتمال فساده وتسهِّل تعرضه للأحياء الدقيقة، وعلى العكس نجد اللحوم الغنية بالبروتينات موطنًا مثاليًّا لنمو الميكروبات، إلا أنَّ حفظها في المجمد يَحُول دون ذلك؛ أي إن العوامل الخارجية يمكن أن تتدخل في حفظها، ونلاحظ عدم فساد الأطعمة الغنية بالسكر مثل المربى أو الفواكه المجففة عند حفظها بدرجة حرارة الغرفة ويعود السبب في ذلك إلى ارتباط السكر بالماء الحر الذي تحتاجه الفطور والخمائر لنموها، الأمر ذاته يحدث في اللحوم المقددة التي تكون مملحة ومحتواها من الرطوبة قليلٌ للغاية (3).
وفي المقال الآتي سنتناول أمثلةً عديدة عن بعض أنواع الأطعمة التي يمكن حفظها لفترة طويلة :
الحبوب: تتميز الحبوب الكاملة بفترة صلاحية أطول من صلاحية المنتجات المكررة (كالخبز السريع التلف)، وتساعد الحبوب الكاملة على الوقاية من مرض السكري من النوع الثاني وأمراض القلب وبعض أنواع السرطانات. وتتميز الحبوب مثل الأرز والشوفان والشعير بفترة صلاحية طويلة تزيد على العام الواحد، شريطة حفظها في مكان جاف بعيد عن الرطوبة ومغلق بإحكام (1,2).
البقوليات المعلبة والمجففة: تتميز بغناها بالألياف والبروتين والفيتامينات والمعادن وخصوصًا المغنيزيوم (2). ووفقًا للمواد المستخدمة في التعبئة يمكن حفظ البقوليات المعلبة بدرجة حرارة الغرفة لمدة 2-5 سنوات، في حين تزيد المدة إلى أكثر من 10 سنوات للأصناف المجففة (1). تحفظ 3-4 أيام بعد فتح العبوة في البراد (4).
المكسرات والبذور الطازجة، وزبدة المكسرات: سناك مميز فهو خفيف الوزن وغني بالمغذيات كالبروتين والألياف والدهون (1,2). تختلف مدة حفظها باختلاف أنواعها ويمكن أن تصل إلى عامٍ كاملٍ أو أكثر في حال تجميدها (2)، فعلى سبيل المثال يمكن حفظ الكاجو بدرجة حرارة 20م لمدة ستة أشهر، في حين لا تتعدى مدة حفظ الفستق الحلبي الشهرَ الواحد عند حفظه بدرجة الحرارة السابقة نفسها، أما بالنسبة إلى بذور اليقطين فيمكن أن تبقى طازجة لمدة ستة أشهر عند حفظها بدرجة حرارة الغرفة.(1).
أما زبدة المكسرات فهي مصدر ممتاز للدهون الصحية والبروتين والمعادن ومضادات الأكسدة الفينولية التي تحمي الجسم من أضرار الجذور الحرة (5). تؤثر درجة حرارة التخزين في فترة صلاحيتها لكنَّها تبقى فترة جيدة نسبيًّا في درجة حرارة الغرفة؛ إذ يمكن لزبدة الفول السوداني التجارية أن تبقى صالحة للأكل لمدة 9 أشهر عند تخزينها بدرجة حرارة الغرفة، في حين تقل هذه الفترة إلى ثلاثة أشهر فقط لزبدة الفول السوداني الطبيعية أي الخالية من المواد الحافظة عند التخزين بدرجة حرارة 10م وشهر عند الدرجة 25 م. ويمكن حفظ زبدة اللوز بدرجة حرارة الغرفة لمدة سنة، وزبدة الكاجو لمدة ثلاثة أشهر بحرارة الغرفة (1).
الفاكهة والخضار المجففة: بعكس حالتها الطازجة التي تمتلك فترة صلاحية قصيرة، تتمتع الخضار والفاكهة المجففة بفترة صلاحية طويلة تتراوح بين سنة للفاكهة، وستة أشهر للخضار عندما تُخزَّن بنحو صحيح بدرجة حرارة الغرفة. يمكن شراؤها جاهزة أو يمكن تجفيفها بالفرن في المنزل ومن ثم تغليفها مفرغةً من الهواء واستعمالها لاحقًا إما وجبة خفيفة أو بإضافتها للحساء في حال عدم توافر الطازج منها (1)، وتعد مصدرًا مهمًا للألياف لكنها مرتفعة المحتوى من السكريات والسعرات الحرارية لذا يجب استهلاكها باعتدال (2).
اللحوم المعلبة مثل لحم الأسماك ولحم الدواجن: من المعروف أنَّ هاتين المادتين سريعتا الفساد، لكن يمكن حفظ الأصناف المعلبة منها دون تبريد وبدرجة حرارة الغرفة لمدة خمس سنوات (1,2,4). ويمكن أن تُباع المأكولات البحرية معبأة بأكياس التغليف المرنة (وهو نوع من التغليف المصنَّع من رقائق بلاستيكية مرنة التي تؤمِّن تعبئة معمقة للعديد من المواد الغذائية) وتكون صالحة لمدة ثمانية عشر شهرًا، في حين يجب قراءة فترة الصلاحية لمنتجات الدَّجاج واللحوم المعبئة بهذه الأكياس (1). وتتميز هذه الأغذية بكونها مصدرًا مهمًا للبروتين كذلك تمنحنا الأسماك أحماض الاوميغا 3 الضرورية للجسم (2).
الخضار والفاكهة المعلبة: عملية التعليب تطيل من العمر الافتراضي للأغذية، ويعود السبب في ذلك إلى أنَّ الحرارة المستخدمة في أثناء التعليب تقضي على الأحياء الدقيقة، إضافة إلى عملية قفل المعلبات التي تحمي المحتوى من التلوث بالجراثيم (1)، وعلى الرغم من فعالية الحفظ بهذه الطريقة إلا أنَّ مدة الحفظ تختلف باختلاف المادة الغذائية المعلبة، ومثال ذلك: تكون مدة حفظ الأغذية منخفضة الحموضة مثل البطاطا والجزر والشوندر والسبانخ؛ سنتين إلى خمس سنوات بدرجة حرارة الغرفة، في حين تقل إلى سنة أو ثمانية عشر شهرًا للأغذية عالية الحموضة مثل الكريفون والتفاح والخوخ والأناناس وكذلك الأمر بالنسبة إلى الخضراوات المعبأة بالخل مثل مخلل الملفوف أو الخضراوات المخللة. ويُفضّل شراء الفواكه المعلبة بالماء أو بـ 100% عصير طبيعي عوضًا عن تلك المعبأة بشراب سكري كثيف، أما بالنسبة إلى الخضار فيفضَّل شراء المعلبات قليلة الصوديوم (1,2,4).
اللحم المقدد: تعد اللحوم مصدرًا مهمًا للمغذيات والبروتين، وهذا ما دفع الناس إلى محاولة حفظها بطرائق مختلفة بهدف منع فسادها، وتعد طريقة التمليح والتجفيف من أشهر تلك الطرائق وأقدمها. وفي وقتنا الحالي، يوجد أنواع عديدة من اللحم المقدد التجاري سواء كان لحمًا بقريًّا أم دجاجًا أم حتى سمك السلمون والذي تضاف إليه المواد الحافظة والمنكهات. ويمكن حفظ هذا اللحم المقدد المصنَّع تجاريًّا مدة عام كامل، في حين تنخفض المدة إلى شهرين كحد أعلى للحم المقدد منزلي الصنع. من الناحية الصحية يُفضَّل الابتعاد عن المواد الغذائية الغنية بالسكر أو المواد الحافظة والمكنهات (1,2).
ألواح البروتين أو الغرانولا: سناك ممتاز عندما نوفق باختيار صحي؛ أي عندما نختار الأنواع الغنية بالشوفان والمكسرات والفواكه المجففة والفقيرة بالسكر والمواد المضافة. غالبًا يمكن حفظها بدرجة حرارة الغرفة لمدة عام كامل مع ملاحظة أنَّه يجب قراءة المغلَّف لمعرفة تاريخ انتهاء الصلاحية (1).
الشوربات المعلبة أو المجففة: اختر أنواع الشوربات المعلبة ذات المحتوى المنخفض من الصوديوم والغنية بالمكونات الصحية كالخضار. يتميز الحساء المعَّلب بأنَّه منخفض الحموضة لذا يمكن حفظه بدرجة حرارة الغرفة لمدة خمس سنوات، باستثناء الحساء الحاوي على البندورة إذ تكون مده حفظه 18 شهرًا. أما الحساء المجفف فتكون مده حفظه سنة مع قراءة المغلَّف الخاص به (1,4).
الحليب المعقم والمجفف: سواء كان من مصدر حيواني أم من مصدر غير حيواني مثل حليب اللوز وحليب جوز الهند، عادة يجب علينا حفظ الحليب الطازج بالتبريد أيامًا معدودةً فقط. لكن بعض المنتجات تصنع بطرائق مخصصة لإطالة فترة صلاحيتها مثل تجفيف الحليب أو تعبئته بالطرائق العقيمة UHT، وقد بينت إحدى الدراسات أن مدة حفظ المنتجات المصنعة بالطريقة العقيمة Aseptic تصل إلى تسعة أشهر عند حفظه بدرجة حرارة 4- 20 م (6). أما حليب الصويا المعلب فمدة حفظه هي عشرة أشهر (1)، أما حليب جوز الهند المعلب فيمكن أن يبقى صالحًا مدةً تتراوح بين 1-5 سنوات، إذ إن محتواه المرتفع نسبيًا من بالدهون المشبعة يسمح بتقليل معدل تعرضه للتزنخ، لكن يجب الحذر من استهلاكه بسبب محتواه هذا (1,2). يمكن استخدام الحليب المجفف؛ إذ تُقَدَّر فترة صلاحيته ما بين ثلاث إلى خمس سنوات وربما أكثر عند تخزينه في مكان بارد ومظلم (1,2).
الشوكولا الداكنة: يمكن حفظها 4-6 أشهر إضافية بعد انتهاء تاريخ الصلاحية المدوَّن عليها شريطة حفظها في مكان بارد وجاف (2).
مسحوق البروتين: بمصدريه سواء بروتين مصل حيواني أم نباتي فقد تصل مدة حفظه إلى خمس سنوات (2).
العسل: يحوي مضادات حيوية طبيعيًا لكنه عالي المحتوي بالسكر.. ويساعد محتواه المنخفض من الرطوبة على تخزينه لسنوات عديدة (2).
زيت الزيتون وزيت جوز الهند والسمن: توجد عدة عوامل تساعد على إمكانية حفظ السمن فترةً طويلة أهمها محتوى السمن من الدهون المشبعة (التي تقاوم تفاعلات التزنخ) إضافةً إلى انخفاض محتواها من الرطوبة. كذلك الأمر بالنسبة إلى زيت جوز الهند، الذي يمكن أن يُحفظ فترة طويلة بدرجة حرارة الغرفة. أما زيت الزيتون فيجب أن يُحفظ مدة سنة أو أكثر شريطة أن يكون ذلك في مكان بارد ومظلم، وذلك بسبب غناه بالدهون غير المشبعة التي تتزنخ سريعًا (2).
الخل والنبيذ: يمكن بفضل حموضته أن يبقى فترةً طويلة شريطة حفظه في مكان جاف وبارد وإغلاقه بإحكام. أما النبيذ فتختلف فترة حفظه حسب طريقة تصنيعه وإنتاجه، وتتراوح بين 1-3 سنوات للنبيذ التجاري لكنها يمكن أن تصل إلى عشر سنوات (2).
الملح والأعشاب المجففة والتوابل: يمكن حفظها سنوات عديدة دون أن تفسد وذلك بسبب انخفاض محتواها من الرطوبة، لكن ذلك يكون شريطة الحفاظ عليها في مكان جاف. كذلك الأمر بالنسبة إلى الملح الذي يعد بيئة غير مناسبة لنمو الأحياء الدقيقة الأمر الذي يحول دون فساده (2).
وعمومًا كلما ارتفع محتوى الغذاء من الرطوبة قلَّت فترة صلاحيته وزاد احتمال فساده سريعًا، فضلًا عن كون هذه الأغذية تحتاج ظروفًا تخزينية خاصة قد لا تكون متوفرة في بعض الحالات الطارئة، لذا يفضل اللجوء إلى المواد التي لا تفسد سريعًا التي تكون حساسيتها للحرارة منخفضة.
المصادر: