الطبيعة والعلوم البيئية > زراعة

الزنبق - التوليب Tulip

يقولُ هولنديٌّ: "تحملُ كلُّ زهرة توليب وعداً.. وعداً بعالمٍ حيٍّ بالألوان والفرح". وتقولُ الطبيعة أن أناقة زهرة التوليب ورائحتها تجوبُ أنحاء العالم واعدةً بالحب؛ ذلك الحب الذي نسعى أن يصلَ كثيراً منه إليكم عبر مقالنا الآتي عن خصائص هذه الزهرة وطريقة زراعتها.

تشتهر هولندا عالمياً بأنها بلد أزهار الزنبق أو التوليب (Tulip)، إلا أن أصول هذه الزهرة وأنواعها المختلفة تعودُ إلى عهد الإمبراطورية العثمانية، حيث عُرِف التوليب باسم (Lale)، ولكن يُعتقَد أن الاسم الحديث اشتُقَّ من الكلمة التركية (tülbend) التي تعني (الشاش) أو (القطن)، وتعودُ أصول هذه الكلمة إلى الكلمة الفارسيّة (dulband) التي تعني (مستدير)، فتُشير إلى شكل زهرة التوليب المشابه عمامة السلاطين (1). 

تشغلُ مزارع التوليب اليوم نصف مساحة مزارع أزهار الزنبق (قرابة 180 كيلومتر مربع) في هولندا، في حين كانت تقتصرُ زراعة هذه الأزهار النادرة عام 1600م على الأثرياء فقط، وعُدَّت من رموز طبقة الأرستقراطيين الأوروبيين، حتى انتشر هوس شرائها، ووصل سعر زهرة التوليب الواحدة عام 1624 إلى ما يزيدُ على 2250 دولار أمريكي. ولكن على الرغم من مظهرها الشديد الأناقة؛ لم تعُد حكراً على الأرستقراطيّين، بل أصبحت واحدةً من أزهارِ الربيعِ الأكثر انتشاراً (2)، واستُعمِلَت أزهارها الحمراء في العصر الفيكتوري وسيلةً للتعبير عن الحبّ، فأصبحت لاحقاً خياراً شائعاً للاحتفال بيومِ القدِّيس (Valentine). 

ينتمي نباتُ التوليب إلي الفصيلة الزنبقية (Liliaceae) ويتبعُ الجنس (Tulipa) الذي يضمُّ 109 أنواع، وينمو طبيعياً في جميع أنحاء أوروبا وآسيا وفي حدائق جميع أنحاء العالم عموماً والحدائق البريطانية خصوصاً (1)، وتتلوّن أزهارُه بجميع الألوان تقريباً عدا اللون الأزرق، في حين تتباينُ أشكالُ الأزهار بين فنجانيّةٍ على شكل دمعةٍ أو على شكل وعاء، أو كأسية أو أشكال نجمية، وتتألف كلّ زهرةٍ من ستِّ بتَلاتٍ تشبه الأوراق الزهريّة قد تكون مهدَّبةً أو مُجعَّدةً يختلفُ موعد إزهارِها تبعاً للنوع، في حين تتلوّن الأوراق القاعدية بالأخضر المُزرَقّ أو الأخضر الرمادي وتأخذُ شكلاً بيضوياً عريضاً، أو شريطياً  طويلاً ورفيعاً لدى بعض الأصناف (3). 

يمتدُّ موسم الإزهار من نهاية شهر كانون الأول (ديسمبر) إلى بداية شهر أيار (مايو)، وتُستَعمَل عموماً أبصالٌ بطول 12 سم وما فوق، أو أبصالٌ يتراوحُ طولها من 11 سم إلى 12 سم للإزهار المتأخِّر (4).

ينمو التوليب على نحو أفضل في التربة الخصبة الجيدة التصريف وتحت أشعة الشمس المباشرة، والمحمية من الرياح القوية، ولا تُفضِّل مجمل أنواعه الظروفَ الرطبة وخصوصاً الأنواع الألبية التي تتطلَّب تصريفاً ممتازاً، عدا بعض الأنواع؛ مثل: (Tulipa sprengeri) و(T. sylvestris)  و(T. tarda) التي تُفضِّل تربةً أكثرَ احتفاظاً بالماء مع ظلٍّ جُزئيٍّ.

يُنصَحُ قبل الزراعة بخلط الموادِّ العضوية في التربة لتحسين التربة الطينية والرملية؛ ممّا يجعلُها أكثر ملاءمةً لنموِّ التوليب، كذلك يُمكن أن يُساعدَ الحصى الخشن أيضاً على تحسين قوام التربة الطينيّة، ويُفضَّل أن تميل التربة  إلى القلويّة بسبب حاجةِ التربة الحامضيّة إلى إضافةِ الكلس إليها (5).

ينمو التوليب على نحو أفضل في الشتاء الرطب البارد، والصيف الدافئ الجافّ، وتزرع الأبصال على عمق (4-6) سم، أما في التربة الطينية الثقيلة؛ فتُفضَّل الزراعة على العمق الأقلِّ مع مساحةٍ فاصلةٍ بين الأبصال المزروعة تعتمد على حجم النبات (من 2 سم إلى 5 سم) عموماً.

وقد يُزرع التوليب بوصفه من النباتات المُعمِّرة أو الحوليّةٍ. عند زراعته نباتاً مُعمِّراً؛ يجبُ إزالةُ سوق الأزهار التالفة بعد الإزهار مباشرةً، مع الحذر من عدم إزالةِ أوراق النبات حتى تصفرّ، ونظراً إلى تراجُع إنتاجيّة النبات كثيراً بَدءاً من السنة الثانية -غالباً-؛ فيُفضِّل العديدُ من المزارعين زراعةَ التوليب الهجين خصوصاً نباتاً حَوليّاً (3).

يُحذََرُ من زراعة التوليب في الأصُص الخارجية أو أحواض الزراعة المرتفعة أو في الصناديق الزجاجية تجنّباً لتعريضِ النبات لارتفاع درجاتِ الحرارة ودوراتِ التجمُّد والذوبان المُتكرِّرة التي قد تُفشِل نمو الجذر وتدمِّر بُنيتَه، نتيجةً لتجمّدها أو تعفُّنها بسببِ سوء تصريف المياه؛ لذا يعدُّ توفير درجة حرارة باردةٍ ثابتةٍ شتاءً مع تصريفٍ جيِّدٍ للمياه شرطاً لإنتاج بنيةٍ جذريّةٍ جيّدةٍ تسمح بنموّ أوراق النبات وإنتاج الأزهار ربيعاً، وتُزرَع كلُّ بصلةٍ في التربة مع توجيهِ طرفها المُدبَّب إلى الأعلى وقاعدتِها قاعدة الجذر إلى الأسفل. وعموماً؛ يُغطَّى الجزء العُلويّ من كلٍّ منها بـسماكةِ 3 سم إلى 4 سم من التربة، مع الحرص على عدم قطع النموّات الموجودة التي تختلفُ وتتعلّق بالنوع، والحذَر من وضعِ أيّ جسمٍ أسفل حفرة الزرع  لتفادي احتمال احتراق الجذر.

وننبه لأنه قد لا تنجح زراعة التوليب في بعض المناطق نظراً إلى عدم توفّر بيئةٍ باردة شتاءً بما يكفي أو توفّرها مُدَّة قصيرة أو توفُّر حرارة مرتفعة غير ملائمة، فتوضعُ عندئذٍ أبصالُ التوليب في بَرَّاد (وليسَ الثلّاجة) مدّةَ (10 - 14) أسبوعاً قبل الزراعة، بهدفِ محاكاة شروط المناخ المثالي لتشكيل بنيةٍ جذريّة داعمةٍ لنموّ الأزهار وتشكُّلها.

وتجدُر الإشارة إلى أن تشكُّل الأوراق القزِمَة أحياناً أو عددٍ قليلٍ من الأزهار يشيرُ إلى بنيةٍ جذريّةٍ غير ناضجة بسبب الحرارة العالية أو فترة التبريد غير المكتملة أو نقص قلويّة التربة (6).

المصادر:

1.Tulip information from Flowers.org.uk [Internet]. Flowers.org.uk. 2020 [cited 28 February 2020]. Available from: هنا

2.Tulips - Garden.org [Internet]. Garden.org. 2020 [cited 28 February 2020]. Available from: هنا

3.Tulipa (group) - Plant Finder [Internet]. Missouribotanicalgarden.org. 2020 [cited 28 February 2020]. Available from: هنا

4.Tulipa - an overview | ScienceDirect Topics [Internet]. Sciencedirect.com. 2020 [cited 28 February 2020]. Available from: هنا

5.Tulips / RHS Gardening [Internet]. Rhs.org.uk. 2020 [cited 28 February 2020]. Available from: هنا

6.Tulip Horticultural Tips [Internet]. Vanengelen.com. 2020 [cited 28 February 2020]. Available from: هنا