الطب > فيروس كورونا COVID-19
الوسواس القهري في ظل جائحة كورونا
ما هو الوسواس القهري؟
الوسواس القهري (Obsessive-Compulsive Disorder- OCD) هو مرض عقلي يتسبب بتكرار الأفكار والأحاسيس (الهواجس) أو/ و الرغبة في فعل شيءٍ ما -مُكرهًا- مرارًا وتكرارًا (1،2)، مما يحفز مشاعرَ القلق والتوتر (2).
ما هي أنواع الوسواس القهري؟
يأتي اضطراب الوسواس القهري بأشكال عديدة، ولكن معظم الحالات تندرج ضمن أربع فئات عامة (1):
التحقُّق: كالتحقق من الأقفال أو أنظمة الإنذار أو الأفران أو مفاتيح الإضاءة، أو التفكير في أنك تعاني حالةً طبيةً ما.
التلوث: الخوف من أي تلوث محتمل لأي شيء ويترافق مع إكراه الذات على التنظيف المستمر.
التماثل والترتيب: الحاجة إلى ترتيب الأشياء بطريقة معينة.
الأفكار الدخيلة: عبارة عن هواجس من الأفكار العنيفة والمزعجة.
ما هي أسبابه؟
أسباب اضطراب الوسواس القهري غير واضحة؛ لكن هناك عدة عوامل مختلفة قد يكون لها دور، بما في ذلك (2):
تاريخ العائلة: من المرجح أن تصاب بالوسواس القهري إذا كان أحد أفراد الأسرة مصابًا به.
اختلال في الدماغ: لدى بعض الأشخاص الذين يعانون الوسواسَ القهري مناطقُ ذات نشاط مرتفع على نحو غير عادي في الدماغ أو مستويات منخفضة من السيروتونين.
أحداث الحياة: قد يكون الوسواس القهري أكثر شيوعًا عند الأشخاص الذين تعرضوا للتنمر أو الإساءة أو الإهمال، إذ يظهر غالبًا بعد حدَث مهم في حياتهم.
شخصية الفرد: الأشخاص الذين لديهم معاييرُ شخصية عالية قد يكونون أكثر عرضةً للإصابة بالوسواس القهري، وكذلك الذين يشعرون بالقلق الشديد أو لديهم شعور قوي بالمسؤولية تجاه أنفسهم والآخرين.
كذلك يُعرف عن كثيرٍ من الأشخاص الذين يعانون الوسواسَ القهري أنَّ أفكارهم وعاداتهم لا معنى لها ولا يفعلونها لأنهم يستمتعون بها؛ بل لأنهم لا يستطيعون الإقلاع عنها وإذا توقفوا يشعرون بالسوء لدرجة أنهم يبدؤون بها مرة أخرى (1)، وغالبًا ما يمتنعون عن طلب المساعدة لشعورهم بالخجل أو الحرج علمًا أنَّه حالة صحية مثل أية حالة أخرى، ومن المُستبعد أن يزول الوسواس القهري دون العلاج والدعم المناسبَين (2).
الوسواس القهري في ظلِّ جائحة كورونا العالمية:
ليس من المُستبعد أن يشعر من يعاني الوسواسَ القهري بالقلق حيال جائحة، فقد أثار الفيروس التاجي (COVID-19) هوسًا بالجراثيم لدى كثيرين (3)، وقد صنفت منظمة الصحة العالمية (WHO) تفشيَ مرض الفيروس التاجي (COVID-19) على مستوى العالم على أنه جائحة، وردًّا على هذا؛ طلب خبراء الصحة العامة في جميع أنحاء العالم من الأفراد والمنظمات اتخاذَ إجراءاتٍ لمنع انتقال هذا المرض والحدِّ منه في مجتمعاتهم مما يخلق تحدياتٍ حقيقيةً للأشخاص الذين يعانون الوسواسَ القهري؛ إذ يجب تحقيق التوازن بين ما هو أفضل لصحة السكان وما هو الأفضل لصحتنا العقلية الفردية (4).
وقد أوصت المنظمات الصحية الرائدة الموثوقة (بما في ذلك منظمة الصحة العالمية ومركز السيطرة على الأمراض) باتباع هذه الإرشادات باسم الصحة العامة (4):
- اغسل يديك بالصابون والماء مدةَ 20 ثانية على الأقل؛ خاصة بعد أن تكون في الخارج أو في الأماكن العامة، وقبل تناول الطعام، وبعد كلٍّ من السعال والعطس ونفخ أنفك. وفي حال عدم توفر الماء والصابون؛ استخدم معقمَ اليدين الذي يحتوي على 60٪ من الكحول حدًّا أدنى.
- تجنب لمسَ وجهك بما في ذلك عينيك وأنفك وفمك.
- غطِّ فمك في أثناء سعالك وعطاسك؛ إما بمنديل يُتخلَّص منه على الفور، وإما عن طريق احتواء العطاس بمرفقك.
- طهِّر الأسطحَ -التي يلمسها كثيرٌ من الأشخاص- بانتظام، مثل مقابض الأبواب وما إلى ذلك.
- مارس "العزلَ الاجتماعي"؛ الابتعاد عن التجمعات الكبيرة (مثل فصول المحاضرات الكبيرة والأحداث الرياضية والحفلات الموسيقية وما إلى ذلك..).
إذا كنت تشعر بتوعُّك وخاصة إذا كانت الأعراض تشمل الحمى أو السعال أو صعوبةَ التنفس؛ فابقَ في المنزل واتصل بالطبيب على الفور، ولكن يُنصح وبشدة -اعتمادًا على الأعراض- بالاتصال مسبقًا بالطبيب الخاص بك قبل زيارتك لأحد مراكز الرعاية الطبية، فقد يطلبون منك إجراءَ مزيدٍ من الاختبارات أو ينصحونك بكيفية العناية بنفسك في المنزل.
قد يكون من المخيف لنا جميعًا أن نفكر في تغيير حياتنا لمواجهة فيروس جديد -وخصوصًا الأشخاص الذين يعانون الوسواسَ القهري- وقد تسبب هذه الإرشادات مزيدًا من القلق تاركةً مساحة كبيرة لمخاوف الوسواس القهري وسلوكياته للظهور، مما يقتضي تحقيقُ التوازن بين متطلبات الصحة العامة والصحة العقلية.
فما الذي يجب عليك فعله بوصفك شخصًا قد عانيت الوسواسَ القهري أو لا زلت تعانيه؟
1. احرص على متابعة المصادر الموثوقة (وأفضلها منظمة الصحة العالمية/ World Health Organization - WHO)، ثم ضع حدًّا زمنيًّا للمدة التي تقضيها في متابعة هذه المصادر بما في ذلك عدد المرات التي تستشير فيها أحدًا ما يوميًّا (4،5)؛ إذ تبذل وسائل الإعلام قصارى جهدها لتخويفك فلا تدعها تنشِّط وسواسَك القهري وتسمح له بتضخيم المخاطر (5،3).
2. خمس دقائق يوميًّا كافية لمنحك جميع المعلومات التي تحتاجها لإبقاء نفسك وعائلتك على اطلاع وبأمان، قد يكون هذا صعبًا ولكن تجاوُز الحد الزمني الخاص بك يمكن أن يمنح الوسواس القهري فرصةً للتعلق؛ ما يجعل من الصعب جدًّا وضعَ حدود معقولة للتحقق من الأخبار والمعلومات (4).
3. ركِّز على الحقائق التي تخبرك بها هذه المصادر بدلًا من المشاعر التي قد تشعر بها (4).
4. ضع خطةَ أمان أساسية بناءً على توصيات المنظمات الصحية الموثوقة ولا تضف إليها؛ طهِّر الأسطح مرةً واحدة يوميًّا مركزًا على الأسطح التي تُلمَس بتكرار في منزلك، وفكر فيما إذا كان هذا مطلوبًا حقًّا (على سبيل المثال، إذا بقيت في المنزل طوال اليوم ولم يكن لديك زوار؛ فهل تحتاج حقًّا إلى تطهير مقبض الباب هذا؟) ويجب ألا تستغرق هذه العملية أكثر من بضع دقائق يوميًّا (4).
5. اغسل يديك بالماء والصابون مدةَ 20 ثانية بعد أن تكون في الخارج أو في الأماكن العامة، وقبل تناول الطعام، وبعد الذهاب إلى الحمام، وبعد كلٍّ من السعال والعطاس ونفخ أنفك. إذا لم يكن الماء والصابون متاحين لك، فاستخدم معقم اليدين الذي يحتوي على 60٪ من الكحول على الأقل (4).
6. خذ فتراتِ راحة واسمح لنفسك بفعل الأشياء التي تستمتع بها (4).
7. حافظ على روتينك اليومي واستمتع به قدر الإمكان (4).
8. إذا كنت حاليًّا في فترة علاج من الوسواس القهري، فتحدث إلى فريقك عن (COVID-19) وكيف يمكنه أن يؤثر فيك؛ من الطبيعي أن تشعر بمجموعة واسعة من العواطف في الوقت الحالي لذا يكون من المناسب التحدث إلى فريق العلاج الخاص بك (4).
9. الأكثر أهمية: كن لطيفًا مع نفسك في هذه الأوقات الصعبة (4،5).
ما الذي لا يجب عليك فعله؟
1. تجنب إغراءَ معرفة كل شيء عن (COVID-19) وابذل قصارى جهدك للالتزام بحد الوقت والتكرار الذي وضعته لنفسك (4).
2. لا تتجاهل الإرشاداتِ من مصادر صحية موثوقة؛ بغض النظر عما إذا كانت تتعارض مع ما تحاول تطبيقه في العلاج أم لا، واعمل مع فريق العلاج الخاص بك لجعل أهدافك تتماشى مؤقتًا مع الوضع الطبيعي الجديد الذي نعيش فيه جميعًا (4).
3. لا تغسل يديك بإفراط؛ لأنَّ ذلك قد يؤدي إلى أذية بشرتك ويقلل من الحماية ضد العدوى، حافظ على مدة 20 ثانية (5،4)، وحاول اتباعَ النصائح الطبية دون السماح لـ (OCD) بتصعيدها.
إذا كنت تخضع حاليًّا للعلاج من مخاوف التلوث؛ فقد تكون النصيحة العلاجية هي عدم غسل يديك على الإطلاق بضعةَ أيام (قبل جائحة كورونا)، ومع ذلك قد تحتاج في الوقت الراهن إلى اتباع النصائح الحكومية المدروسة لغسل اليدين على النحو المُوصى به؛ لذا سيكون التحدي هو عدم السماح لغسيل اليدين أن يصبح مفرطًا، وإذا تمكنت من التحكم في ذلك فستكون قد أتممت تمرينًا علاجيًّا بنجاح (3).
4. لا تدع "العزل الاجتماعي" يسلبك الدعمَ الخاص بك، وابتكر إستراتيجيةً للبقاء على اتصال بالآخرين إذا لم تتمكن من رؤيتهم شخصيًّا (4).
5. لا تدع الوسواسَ القهري يتخذ قراراتِ السفر عنك؛ بل استمع للتحذيرات بشأن ما إذا كان السفر إلى وجهات معينة ضروريًّا أم لا (4).
6. تجاهل كلَّ ما يزعجك؛ من المهم عند تحدي الوسواس القهري أن نحيط أنفسنا بالإيجابية ونحدَّ من كمية التأثيرات السلبية في حياتنا حتى في الأوقات العادية، ولذلك لا تخف من تجاهل القنوات الإخبارية أو إلغاء متابعتها، أو حتى الأشخاص الذين يعطونك طاقةً سلبية (5).
المصادر:
1- (COVID-19) C، Health E، Disease H، Disease L، Management P، Conditions S et al. Obsessive-Compulsive Disorder (OCD) [Internet]. WebMD. 2020 [cited 21 March 2020]. Available from:
2- OCD [Internet]. nhs.uk. 2020 [cited 21 March 2020]. Available from:
3- OCD and Coronavirus | OCD-UK [Internet]. Ocduk.org. 2020 [cited 21 March 2020]. Available from:
4- Resources for the OCD and related disorders community during the COVID-19 outbreak [Internet]. International OCD Foundation. 2020 [cited 22 March 2020]. Available from:
5- OCD and Coronavirus Survival Tips | OCD-UK [Internet]. Ocduk.org. 2020 [cited 22 March 2020]. Available from: