الكيمياء والصيدلة > صيدلة سريرية
البحث عن دواء لـCOVID-19؛ أين وصلنا؟
ما زال العالم يواجه ارتفاع أعداد الحالات المصابة بمرض فيروس كورونا المستجد 2019 (COVID-19)، الذي يدفع أنظمة الصحة العالمية إلى حدود تحملها القصوى، مع محصلة وفيات وصلت إلى 30039 حتى لحظة كتابة هذا المقال(1). وربما نشهد واحدة من أسرع العمليات لإيجاد علاج يوقف فيروس كورونا المستجد الآن؛ العلاج الذي قد ينقذ حياة المرضى ذوي الحالات الحرجة ويحمي مقدمي الرعاية الصحية وأولئك الذين يمتلكون اختطارًا مرتفعًا لالتقاط العدوى، ويخفض فترة بقاء المرضى في أسرّة المشافي(2).
أعلنت منظمة الصحة العالمية WHO يوم 18 آذار/مارس 2020 عن دراسة سريرية عالمية ضخمة باسم (SOLIDARITY) لمقارنة العلاجات المختلفة للـ COVID-19؛ بحيث يمكن للمشافي التي تعمل تحت ضغط الجائحة حتى المشاركة بها(3).
وهناك تجارب أخرى عديدة في طريقها، إذ يوجد 12 علاجًا محتملًا على الأقل في طور الاختبار(2) و239 نتيجة عند البحث في قاعدة بيانات التجارب السريرية www.ClinicalTrials.gov عن "COVID-19" (4)، ومن ضمن العلاجات السابقة الذكر أدوية مستخدمة ضد فيروس نقص المناعة البشري HIV والملاريا، ومركبات تجريبية أثبتت فعاليتها ضد طيف واسع من الفيروسات في التجارب على الحيوان، والبلازما الغنية بالأضداد من المتعافين من المرض.
ومن الممكن أن تثبت استراتيجيات علاجية مختلفة فعاليتها؛ لكن التحدي يكمن في معرفة الوقت الأمثل من سير المرض لاستخدام الأدوية(2).
تتضمن التجربة تقديم الرعاية المعيارية المعتمدة محليًّا؛ أو واحد من أربعة علاجات دوائية للمرضى، وعشوائيًّا، وسيكون على الأطباء تسجيل يوم مغادرة المريض للمشفى أو وفاته، ومدة بقائه في المشفى، وإن كان قد احتاج الأوكسجين أو أجهزة التهوية (المنافس).
هذه التجربة ليست معماة؛ أي إن المرضى سيكونون على دراية بأنهم يتلقون أحد الأدوية المرشحة للعلاج؛ ما قد يسبب تأثيرًا وهميًّا (تأثير الدواء الغفل Placebo Effect*) لكن هذا سيوفر الوقت؛ إذ إن التجربة تُجرى في وقت قياسي (2).
وتهدف منظمة الصحة العالمية والآخرين إلى إعادة توجيه الأدوية المصرح بها سابقًا لعلاج أمراض أخرى عوضًا عن تطوير مركبات جديدة واختبارها من الصفر؛ إذ تكون هذه الأدوية آمنة من جهة، وتوفر هذه العملية كثيرًا من الوقت من جهة أخرى.
ويُنظر -أيضًا- في أمر الأدوية التجريبية التي أعطت نتائج جيدة في الدراسات الحيوانية ضد فيروسي الكورونا المميتين الآخرين (المتسببان بـ الـSARS و الـMERS)، مع التركيز على المركبات المتوافرة بكميات كافية لعلاج عدد كبير من المرضى.
وقد اختارت الـWHO لهذه التجربة المضاد الفيروسي ريمديسيفير remdesivir وعلاج الملاريا الكلوروكين chloroquine (أو قريبه الكيميائي الهيدروكسي كلوروكين hydroxychloroquine) ومشاركة لأدوية الـHIV اللوبينافير lopinavir والريتونافير ritonavir وهذه المشاركة الأخيرة مع الإنترفيرون بيتا interferom-beta، ويعمل كل علاج منها على إيقاف الفيروس بآلية مختلفة ولكل واحد سلبياته(2).
1- الريمديسيفير remdesivir
دواء طورته شركة Gilead Sciences لمكافحة الإيبولا والفيروسات التي تشابهها، ويعمل على إيقاف تضاعف الفيروس عن طريق تثبيط الأنزيم الفيروسي RNA polymerase.
وعلى الرغم من أنه لم يساعد مرضى الإيبولا عند اختباره في الفاشية في جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 2019؛ فقد أظهر فعالية في تثبيط فيروسات الـMERS والـSARS في الدراسات المخبرية والحيوانية سابقًا. يُعطى الدواء عن طريق الحقن الوريدي، وقد استعمل على مئات المصابين بـCOVID-19 في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا تحت ما يُعرَف بالاستعمال التعاطفي أو الموسع**.
ويعد هذا الدواء هو الدواء الأقوى بين الأدوية المطروحة الأخرى، وهو -كمعظم أدوية علاج الأخماج الحادة- أكثر فعالية عند استخدامه مبكرًا، الأمر الذي قد يشكل تحديًا؛ إذ إنه من غير الممكن إعطاؤه للمرضى الذين يظهرون أعراضًا خفيفة؛ فهو مكلف ويُعطى عن طريق الحقن الوريدي، فضلًا عن أن 85% من المصابين لن يحتاجوا الدواء أصلًا لأنهم لن يصابوا بأعراض شديدة.
2- الكلوروكين chloroquine والهيدروكسي كلوروكين hydroxychloroquine
لاقى هذا العلاج انتباهًا ضخمًا بسبب النتائج الإيجابية لدراسات صغيرة الحجم، ويعمل هذان الدواءان على تخفيض حموضة الوسط في الحُجيرات التي تستخدمها الفيروسات لدخول الخلايا، وقد اقترحت الدراسات المخبرية أن الكلوروكين قادر على تعطيل الفيروس لكن الجرعات المطلوبة لذلك عالية وقد تسبب سمية شديدة. وتجدر الإشارة إلى أن الباحثين قد جربوا هذا الدواء على العديد من الفيروسات سابقًا ولم ينجح أبدًا عند استخدامه في البشر.
نتائج استخدام الكلوروكين عند مرضى COIVD-19 غير واضحة تمامًا، فقد أبلغت مجموعة من الباحثين الصينيين عن فوائد الكلوروكين في رسالة لمجلة BioScience بعد علاج 100 مريض به، لكنهم لم يشاركوا أي بيانات في الرسالة. وقد أفادت دراسة فرنسية أن الهيدوركسي كلوروكين قد نجح في تخفيض الحمل الفيروسي في المسحات الأنفية (وقد أظهر فعالية أفضل بمشاركة الأزيترومايسين) لكن التجربة التي نشرت في مجلة international Journal of Antimicrobial Agents لم تكن معشاة randomized ولم تبلغ عن النتائج السريرية كنسب الوفاة.(2)
ومع هذا؛ فقد أصدرت الـ FDA إذن استخدام هذا الدواء بتاريخ 28 آذار(مارس) 2020؛ ولكنه استخدام طوارئ EUA فقط، وبإشراف طبي حصرًا؛ إذ إن له الكثير من الآثار الجانبية السيئة، يرجى الاطلاع على الرابط الآتي لمعرفة التفاصيل:
هنا.
3- اللوبينافير lopinavir والريتونافير ritonavir
قد يكون هذا العلاج هو الأقل حظًّا في النجاح في هذه التجربة، فهو يعمل على تثبيط أنزيم البروتياز الخاص بالـ HIV؛ الأنزيم المسؤول عن تقطيع سلاسل البروتينات الطويلة في أثناء تركيب الفيروسات الجديدة.
ولم تكن التجربة الأولى ضد COVID-19 مشجعة في ووهان في الصين؛ إذ لم يلاحظ أي فرق معتبر بين المجموعة التي تلقت الرعاية المعيارية لوحدها والمجموعة التي تلقت الرعاية المعيارية مع العلاج، وقد عزا الباحثون في التجربة ذلك إلى سوء حال المرضى والبدء المتأخر بالعلاج.
4- اللوبينافير lopinavir والريتونافير ritonavir مع الإنترفيرون بيتا
الإنترفيرون هو جزيئة تتدخل في تنظيم رد الفعل الالتهابي، وأظهر في التجارب الحيوانية لدى أحد أنواع القردة فعاليته في تخفيض حدة المرض ضد MERS، لكن استعماله لدى مرضى COVID-19 قد يكون خطرًا إذا ما أُعطِي في مراحل المرض المتقدمة وقد يزيد الضرر النسيجي عوضًا عن المساعدة (2).
وستتوفر المزيد من المعلومات من تجربة أوروبية من قبل الهيئة الوطنية للصحة والأبحاث الطبية INSERM؛ التي ستختبر العلاجات الأربعة ذاتها شاملة الهيدروكسي كلوروكين دون الكلوروكين؛ إضافة إلى جمع البيانات الحيوية كغازات الدم وصور الرئة (5,2).
وهناك العديد من التجارب على أدوية أخرى؛ منها المصرح لاستخدامات أخرى مسبقًا ومنها التجريبي، كالأدوية التي تقلل من الالتهاب كالستيروئيدات القشرية وغيرها، إضافة إلى امتلاك مضادات الفيروسات الأخرى فرصة جيدة أيضًا، فضلًا عن علاجات تعزيز المناعة كنقل البلازما ممن أصيبوا بالفيروس وتماثلوا للشفاء(2).
ما نمر به أزمة لا شبيه لها، والجهود المبذولة لتسريع عملية إيجاد علاج لجائحة COVID-19 تدعونا لاحترام الطريقة العلمية لإيجاد الحل. وتقديرًا لهذه الجهود نرجوا منكم عدم اعتماد الاستطباب الشخصي بأي من الأدوية المذكورة هنا؛ أو في أي مكان آخر ما لم تُقدم لك من الطبيب في منشأة للرعاية الصحية.
*تأثير الدواء الغفل: هو الاستجابة الصحية الإيجابية الناتجة عن توقع (شعور) المريض أن المداخلة العلاجية المقدمة له سوف تساعده (6).
**الاستعمال التعاطفي أو الموسع: هو الاستعمال الفردي لمريض لمنتج طبي تجريبي لغرض غير ذلك الذي أجريت التجارب السريرية لأجله؛ ويكون لعلاج الحالات الخطرة والمهددة للحياة (7).
المصادر:
1- Coronavirus [Internet]. Who.int. 2020 [cited 30 March 2020]. Available from
2- Kupferschmidt K, Cohen J. Race to find COVID-19 treatments accelerates. Science. 2020;367(6485):1412-11413
3- WHO Director-General's opening remarks at the media briefing on COVID-19 - 18 March 2020 [Internet]. Who.int. 2020 [cited 30 March 2020]. Available from هنا;
4- Search of: COVID-19 - Search Details - ClinicalTrials.gov [Internet]. Clinicaltrials.gov. 2020 [cited 31 March 2020]. Available from
5- Launch of a European clinical trial against COVID-19 [Internet]. Newsroom | Inserm. 2020 [cited 28 March 2020]. Available from هنا
6- Internet]. Nccih.nih.gov. 2020 [cited 28 March 2020]. Available from]
7- Compassionate Use | Gilead [Internet]. Gilead.com. 2020 [cited 28 March 2020]. Available from
8- Emergency Use Authorization [Internet].U.S food and drug administration 2020 [cited1.April.2020] available from