الموسيقا > موسيقا
الموسيقا لغةً وطريقًا لتعلم اللغات
نشاهد في الفيديو المرفق أعلاه عازف العود العربي "نصير شمة" يشارك عازف القانون التركي "آيتاش دوغان" بانسجام كامل، وقدما ارتجالًا مشتركًا وعزف "آيتاش" تقسيمات عراقية ليجيبهُ "نصير شمة" بتقسيمات عثمانية.
ونستمع هنا إلى ملك آلة البان فلوت "جورج زامفير" الروماني يقدم لحن "أنت عمري" للموسيقار محمد عبد الوهاب و"ألف ليلة و ليلة" للموسيقار بليغ حمدي.
هذا ونجد "نصير شمة" يشارك عازف الغيتار الإسباني "كارلوس بينيانا" ليخلقا مزيجاً فريدَ النكهة لاقى شهرة واسعة.
أيضاً نرى المايسترو اللبناني "أندريه الحاج" برفقة فرقة "تقسيم تريو" التركية بضيافة الفنان العربي "مروان خوري" لتقدم الفرقة معه إحدى أغانيه أول مرة بأسلوب عثماني.
فمن خلال هذه الأمثلة السابقة نرى ما استطاعت الموسيقا تحقيقه من تواصل وما هو إلا محاكاة للغة.
حيث يمكن للموسيقا في كثير من الأحيان أن تثير استجابات عاطفية قوية يمكن التنبؤ بها من أشخاص قد يختلفون باختلاف الثقافة (1).
- لذلك ما زالت الروابط المحتملة بين الموسيقا واللغة تثير اهتمام العلماء المهتمين بطبيعة هذين النوعين من المعرفة وتطورهما واندماجهما في الدماغ (1).
المثير للاهتمام هو أن البوادر الموسيقية الأولية بدأت بالظهور في الفترة التكوينية نفسها التي بدأت فيها اللغة بالظهور. هذا الإرث المشترك يكون قادراً على إبراز التقارب بين التعابير الموسيقية وطريقة التعبير باللغة. في القرون الوسطى كان الأفارقة يعملون بوصفهم موسيقيين في أوروبا مما حقق أهم اندماج للموسيقا الأوروبية، في حين أن النغمة العربية والأوروبية تلامست في العديد من المناطق مع الموسيقا الأصلية منذ العصور السابقة (5).
فكيف يمكن للموسيقا أن تكون طريقاً لتعلم الكلام واللغات؟!
يتشارك المجالان بعض تراكيب العبارة الصوتية (الإيقاعية)، ويمكن أيضًا كتابة كلاهما وتسجيله، وتُعد أوجه التشابه هذه مساعدة للطلاب على تطوير قدراتهم المعرفية واللغوية بطريقة أسهل (3).
أدى الترابط بين الموسيقىا واللغة بالعلماء إلى البحث عن تأثير الموسيقا في أدوات إصلاح عجز الكلام. إذ تُستخدم تقنيات الموسيقا وسيلةً لعلاج ضعف اللغة، من استخدام الأغاني والقوافي والهتافات والعبارات الموسيقية والإيقاع السمعي إلى تلميح الكلام والغناء وتمارين التنفس والتمارين الحركية والفموية (3).
يعتقد أفلاطون أن "التدريب الموسيقي هو أداة أكثر فعالية من أي طريقة أخرى، لأن الإيقاع والانسجام يجدون طريقهم إلى الأماكن الداخلية للروح، التي يثبتون عليها بقوة ... جاعلاً روح المتعلم رشيقة حقاً" (2)
أشارت الدراسات إلى أن الموسيقا تعزز مهارات المرء أكاديمياً، فهي وسيلة اتصال تتخطى جميع الحواجز من لغة، وثقافة، ومعتقدات، وعمر، وجنس وجنسية، وهي جزء من الكائن الحي تمنحه الهدوء والاسترخاء والإلهام والتحفيز (4).
يمكن رؤية الروابط بين الموسيقا واللغة من مستويات تعلم اللغة وهي:
1-علم الأصوات
2-المورفولوجيا (شكل الكلمات لتحديد المعنى والوظيفة النحوية)
3-تركيب الجملة
4-الدلالات والمعاني (4)
إذا كان بالإمكان رؤية الموسيقا بوصفها لغة أيضاً، فيمكن عندئذٍ رسم أوجه الشبه بين عمليات الاكتساب المطبقة في تعلم اللغة وتعلم الموسيقا (4).
إن تعلم لغة جديدة من خلال كلمات أغاني هذه اللغة يحفز الطلاب؛ لأنهم يحددون من هم من خلال ثقافتهم الخاصة ومن خلال الموسيقا التي يستمتعون بها، وتقدم الأغنية تكرار الكلمات والعبارات، وهذا التكرار يمكّن الدماغ من تذكر المحتوى المكتسب. من خلال الموسيقا منهجًا تعليميًا، يتعرض الطلاب على نحو أكبر للغة والثقافة الأجنبية، مما يجعل تجربة التعلم أكثر تكاملاً ويتطور اكتساب اللغة إلى اكتساب الثقافة أيضاً (4).
وبذلك، دائماً تكون الموسيقا لغة مشتركة بيننا، تجمعنا باختلافاتنا المتعددة، نفهمها جميعنا كما وصفها "ستيفي وندر" : "الموسيقا عالم بحد ذاتها، ولغة نفهمها جميعنا".
المصادر:
1- Music and Language: A Developmental Comparison [Internet]. 3rd ed. REGENTS OF THE UNIVERSITY OF CALIFORNIA ALL RIGHTS RESERVED.; 2020 [cited 27 March 2004]. Available from:
صفحة 289، 290، 298.
2- [Internet]. Writingthetrueself.com. 2020 [cited 27 March 2020]. Available from:
صفحة 4.
3- [Internet]. 2020 [cited 27 March 2020]. Available from:
صفحة 209، 210.
4- [Internet]. 2020 [cited 27 March 2020]. Available from:
صفحة 1361، 1362، 1363.
5- [Internet]. 2020 [cited 27 March 2020]. Available from:
صفحة 1، 3، 4، 6.