الاقتصاد والعلوم الإدارية > اقتصاد
تجنب أم تهرب ضريبي؟!
لا يفضل كثيرٌ من الناس دفع الضرائب، ولكن الضريبة هي القانون، ومن الواجب تأديتها بالتكليف الحقيقي الذي يعكس الواقع. وعند الحديث في هذا المجال؛ يجب التفريق بين مصطلحي التجنب الضريبي "tax avoidance" والتهرب الضريبي "tax evasion" اللذَين غالباً ما يخلط الناس بينهما على الرغم من الاختلاف الكبير، ويُعدُّ الأول قانونيّاً، أما التهرب الضريبي فهو غير قانوني. فبماذا يختلف التجنب الضريبي عن التهرب الضريبي؟
أولاً: التجنب الضريبي:
هو التخفيض القانوني للضرائب، باستخدام النظريات والأساليب المسموح بها في قانون الضرائب، عن طريق طرح جميع الخصومات المشروعة من الوعاء الضريبي وتحقيق وفورات ضريبية من خلال إستراتيجيات معينة؛ إذ إنه فعل شرعي لتقليل الضرائب من خلال الأساليب القانونية المعتمدة من مصلحة الضرائب.1
كيف تؤدي الشركات التجنب الضريبي؟
هنالك العديد من الأساليب التي تمارسها الشركات للتخفيض القانوني للضريبة، ومن أكثرها انتشاراً:
- تبني إستراتيجية تأجيل الضريبة لتأخير موعد تسديد الضريبة إلى موعد لاحق؛ مما يسمح للاستثمار بالنمو دون أيّ آثارٍ ضريبيّةٍ حالية، أو استثمار المبالغ الضريبية المؤجلة، مثل استخدام الحسابات المؤجلة الضريبة كصناديق التقاعد وتحويل نسبة من رواتب العاملين قبل الضريبة إلى حساب الاستثمار، أيضاً التأمين بأنواعه؛ إذ تخفض هذه الحسابات المبلغ الخاضع للضريبة تخفيضاً مشروعاً.2
- الاستفادة من الإعفاءات الضريبية من خلال التأهيل المجتمعي، كتوظيف عمال من ذوي الاحتياجات الخاصة.
- تحقيق ائتمان ضريبي (Tax Credit) تمنحه الحكومات حافزاً لدعم أنشطة معينة، فعلى سبيل المثال شراء سيارات موفرة للطاقة، أو اعتماد سلسلة التوريد الخضراء، أو أنشطة البحوث والتطوير.3
- تبني ما يسمى بـ "الدروع الضريبية"؛ وهذه الدروع مخصصة الوقاية من الضرائب المرتفعة.
- الاستفادة من الثغرات الضريبية؛ وهي "تقنية تسمح للشخص أو الأعمال التجارية بتجنب نطاق القانون أو التقييد دون انتهاك القانون مباشرة"، مثل تخفيض الاستهلاك. 1
التهرب الضريبي (الاحتيال الضريبي) هو ممارسات غير قانونية فيما يخص الضرائب ويمكن الإشارة إليه كونه "عملَ خداعٍ أو تحريفاً بالدخل أو النفقات". ويتمثل بعدم دفع الضرائب المستحقة عن قصد أو عدم الإفصاح عن الدخل أو وضع مصاريف غير مسموح بها قانوناً.
إن معظم حالات التهرب الضريبي تحدث في ضريبة الدخل، وهذا لا ينفي ارتكاب التهرب الضريبي في ضرائب المبيعات الحكومية وضرائب الرواتب والأجور؛ إذ يمكن ممارسة التهرب على جميع أنواع الضرائب.1 وأي شخص تثبت إدانته بممارسة التهرب الضريبي قد يواجه غرامات كبيرة، أو السجن، أو كليهما.متى يحدث التهرب الضريبي؟
يوجد غموض كبير بشأن الممارسات التي تصنف تهرُّباً ضريبيّاً، ولكن هناكَ ممارسات واضحة تقع تحت هذه المظلة؛ ومن أهمها:
- عند عدم الإبلاغ عمداً عن الدخل الحقيقي أو عدم تقديم بيان ضريبي أساساً، مثلما يحدث في حال الإفصاح عن دخل أقل مما هو مثبت من خلال التقارير أو عدم الإبلاغ عن مصدر الدخل، ناهيك عن تقديم معلومات كاذبة إلى مصلحة الضرائب عن الإيرادات والمصاريف التشغيلية، وإخفاء الأصول نقلها.1
- الاحتفاظ بسجلين ماليين (نوعين من الدفاتر: أحدهما للشركة والأخر للدوائر الحكومية) أو إدخال إدخالاتٍ خاطئةً عمداً في الدفاتر والسجلات، وتسجيل النفقات الشخصية كنفقات تجارية أو إدارية أو تشغيلية وتخفيضها من الوعاء الضريبي.1
- ما عن التهرب الضريبي في ضريبة الرواتب والأجور فمن أساليبه تقديم بيان ضريبة رواتبَ وأجورٍ خاطئٍ لا يعكس الرواتب والأجور الحقيقية لموظفي الشركات من خلال تأجير العمالة، أو دفع رواتب الموظفين نقداً، أو تسجيل الموظفين في الدوائر الرسمية كالتأمينات الاجتماعية بمبالغ أقل من رواتبهم الحقيقية، وعمل نوعين من عقود العمل واحد بقيم قليلة للدوائر الحكومية والآخر بقيم مرتفعة، وعدم الإبلاغ عن بعض التعويضات والمكافآت أو كلها.4
على الرغم من أن التهرب الضريبي قد يبدو متعمداً؛ إلا أن المكلفين قد يخضعون لغراماتٍ وعقوبات من مصلحة الضرائب على الإستراتيجيات الضريبية غير القانونية بنظرها التي يمكن أن يفعلها البعض عن جهل.
لذا إن أفضل طريقة للحيلولة دون الحصول على تكليف ضريبي غير عادل هي معرفة قوانين الضرائب الخاصة بضرائب الدخل وضرائب الرواتب والأجور، ويعدُّ الإلمام المهني بأصول مسك الدفاتر المالية ووجود دورة مستندية فعالة عاملاً كبيراً في تجنب التدقيق والتكليف المُبالَغِ فيه من قبل مصلحة الضرائب.1 تجنباً للوقوع في شِراك التهرب الضريبي، يمكن اللجوء إلى خبير ضريبي أو محاسب قانوني صادق وحذر لمساعدتك في إعداد البيان الضريبي أو تدقيقه. ويمكن له أيضاً أن يبعدك عن الممارسات الخاطئة.
أشهر حالات التهرب الضريبي:
- Walter Anderson؛ هو الرئيس التنفيذي السابق للاتصالات الذي أخفى أرباحه من خلال استخدام الأسماء المستعارة والحسابات المصرفية الخارجية والشركات الوهمية. حكم عليه بالسجن تسع سنوات واسترداد مبلغ 200 مليون دولار.5
- Al Capone؛ الذي طالما ارتبط اسمه بأفعال غير قانونية، أما العمل الذي آل إليه في السجن هو التهرب الضريبي، فحتى الأعمال غير القانونية تخضع لضريبة دخل بحسب تعديل القانون الضريبي السادس عشر في عام 1916، وبسبب التهرب من دفع الضرائب المستحقة عليه حكم على كابوني بالسجن 11 سنة إضافة إلى تكليفه ضريبياً والعديد من الغرامات.5
واتهِمتِ العديد من الشخصيات بتهمة التهرب الضريبي وحوكمت أيضاً؛ ومن أبرزها: Donald Trump وWesley Snipes وLeona Helmsley وغيرهم.
المصادر: