الكيمياء والصيدلة > الآثار الجانبية
فيروس الكورونا المستجد SARS-COV2 وأدوية الضغط، هل من الصحيح إيقاف تناول دواء الضغط الخاص بي أو استبداله؟
أظهر المسح الإحصائي الأوليّ الذي أُجري بعد توصيف حالات مرضى (COVID-19) في الصين انتشارًا كبيرًا لأمراض السكري وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية بين المصابين، الأمر الذي قد تُعزى له المحصلات السيئة التي تؤول لها حالات هؤلاء المرضى؛ إذ كان من اللافت أن نسبة من احتاج منهم عنايةً مركزة أو تهويةً ميكانيكية أو وصل إلى الموت، أعلى بثلاثة إلى أربعة أضعاف مقارنةً ببقية المرضى.
تنتمي الأدوية المنظمة لضغط الدم -التي يعالج بها المصابون- بنسبة كبيرة لزمرة مثبطات جملة الرينين-أنجيوتنسين-ألدوستيرون renin–angiotensin–aldosterone system RAAS، التي تشمل: مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين angiotensin-converting enzyme inhibitors ACE-Is، وحاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2 من النوع 1 (angiotensin II type 1 receptor blockers (ARBs، ومضادات مستقبلات الألدوسترون أو مضادات مستقبلات القشرانيات المعدنية mineralocorticoid receptor antagonists MRAs.
منذ عدة أيام وفي استجابة سريعة نشرتها المجلة الطبية البريطانية BMJ عن طريق الإنترنت، أيَّد كل من الباحثَين Sommerstein و Grani الفرضية القائلة بأن مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE-Is) يمكن أن تشكِّل عامل خطورة للإصابة بـ COVID- 19 عن طريق تحفيزها للأنزيم المحول للأنجيوتنسين 2. وأخذت هذه الفكرة ضجةً إعلامية كبيرة وأثارت مخاوفَ الأطباء والمرضى بشأن تناول مثبطات جملة الرينين-أنجيوتنسين-ألدوستيرون (RAAS) من قبل الأفراد المصابين بـ COVID- 19 ولكن… (1)
لماذا؟ ومن أين أتت هذه الفكرة؟
يستخدم SARS-CoV2 -بنحو مشابه لـ SARS-COV- الأنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 بصفته مستقبلًا لدخول الخلايا الفيروسية؛ ويحفز هذا الأنزيم تحويل الأنجيوتنسين 2 إلى الأنجيوتنسين 1-7 الذي يعمل موسعًا للأوعية ويقي بذلك من الحوادث القلبية الوعائية. (1)
تبين مؤخرًا أن التعبير النسيجي عن الأنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 في كل من القلب والكليتين والرئتين يختلف بين الأصحاء، ومرضى القلب والأوعية الدموية، والمصابين بـ COVID- 19، لكن لا يوجد حتى الآن علاقة واضحة بينه وبين وجود توصيفات معينة للإصابة بـ COVID-19 عند مرضى القلب والأوعية الدموية. وعلى الرغم من احتمالية ارتباط زيادة خطر الإصابة بعدوى COVID-19 بزيادة تراكيز الأنزيم المحول للأنجيوتنسين 2 الناتجة عن تثبيط RAAS، لكن لا توجد حاليًّا أية بيانات تثبت وجود علاقة سببية بين زيادة تراكيز هذا الأنزيم والوفيات المرتبطة بـ COVID- 19. ـ (3)
يجب أن نضع في حسباننا أن الدراسة الإحصائية الصينية التي تستند إليها هذه النتائج لم تشمل جميع مرضى COVID-19 الذين يتناولون ACE-Is أو ARBs؛ إذ يعاني قرابة نصف البالغين الصينيين الذين تتراوح أعمارهم بين 35 و 75 عامًا من ارتفاع ضغط الدم، ولكن أقل من ثلثهم فقط يتلقون العلاج، لذلك وبناء على البيانات والإحصاءات المتاحة حاليًّا، فإن افتراض وجود علاقة سببية بين تناول ACE-I أو ARB والنتائج السيئة في COVID-19 غير منطقي. (1)
من جهةٍ أخرى، أظهرت دراسةٌ أُجريت على الفئران أن الإصابة بـ COVID- 19 أدت إلى انخفاض فعالية الأنزيم المحول للأنجيوتنسين 2، مما سبب إصابة رئوية أكثر شدة وقد أمكن تخفيفها عن طريق إعطاء حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين 2، مما يشير إلى دور وقائي لهذه الزمرة في إصابة الرئة المرتبطة بـ COVID- 19، وتدعم الفرضية التي تنص على أن التنشيط الأولي للـ RAAS عند مرضى القلب والأوعية الدموية "وليس تثبيطها" هو ما يجعلهم أكثر عرضة لإبداء نتائج سيئة. (1 + 3)
إن كون المرضى الذين يتناولون ACE-Is أو ARBs أكثر عرضة للعدوى الفيروسية ولديهم معدل وفيات أعلى يمكن أن يعود في الواقع لكونهم أكبر سنًا، ويعانون ارتفاعًا أكبر في ضغط الدم، و/ أو مرض السكري، و/ أو يعانون من أمراض الكلى.
تعد كل من الزمر الدوائية ACE-Is و ARBs وMRAs حجر الأساس في علاج قصور القلب المشخَّص؛ إذ تستحوذ النسبة الأعلى من البراهين المتعلقة بتخفيض معدّل الوفيات، وتشترك جميعها في تثبيط التأثيرات القلبية الوعائية الضارة الناتجة عن تفاعل الأنجيوتنسين 2 مع النمط 1 لمستقبلات الأنجيوتنسين 2 (1)
لماذا لا يجب علينا إيقاف هذه الأدوية "في حال كان ذلك يخفض إحتمالية الإصابة"؟
يؤدي إيقاف علاج قصور القلب إلى تدهور عمل القلب والفشل القلبي في غضون أيام إلى أسابيع ويقود إلى زيادة محتملة في معدل الوفيات، إضافة إلى أن ACE-Is و ARBs و MRAs هي جزء من الخطة العلاجية المرجعية في تدبير ارتفاع الضغط القلبي عقب احتشاء العضلة القلبية. (1)
في الختام، واستنادًا إلى البيانات المتاحة حاليًّا، ونظرًا إلى الأدلة الدامغة على انخفاض معدل الوفيات المرافِق لأمراض القلب والأوعية الدموية عند العلاج بهذه الزمر الخافضة لضغط الدم، يجب الحفاظ على الخطة العلاجية المتبعة لضبط ضغط الدم والبدء بها عند مرضى قصور القلب أو ارتفاع ضغط الدم أو احتشاء العضلة القلبية وفقًا للمبادئ التوجيهية الحالية المتبعة بغض النظر عن الإصابة بـ COVID- 19؛ إذ إنه من غير المستحسن إيقاف مثبطات RAAS أو التحول الوقائي إلى أدوية بديلة في هذه المرحلة، لأنه قد يزيد الوضع حَرَجًا فيما يتعلَّق بمعدَّل الوفيَّات القلبية الوعائية لدى مرضى COVID-19 ذوي الحالات الحرجة. (1+2)
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا