الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة
تشرنوبل… لمَّا تنتهِ الكارثة!
في مساء يوم السبت 26 نيسان (أبريل) من عام 1986؛ كان التاريخ على موعدٍ مع إخفاقٍ بشريٍّ قتلَ وشرَّدَ مئات الآلاف وهزَّ أوروبا بأكملها، فقد كان للإشعاعات الخطيرة التي انطلقت من المحطة النووية القريبة من مدينة تشرنوبل الأوكرانية نتائج في قمة الخطورة على البشر والحجر. لم تشفع الدراما الرائعة التي قُدِّمت في مسلسل تشرنوبل العام الماضي في تحديد تداعيات تلك الكارثة بالكامل، فاليوم مع اقتراب النيران من المحطة؛ تتعالى أصوات الإنذار في كل مكان من احتمالية تدهور الأوضاع بينما يحاول المئات من رجال الإطفاء السيطرة على الحرائق.
كانت الأخطاء البشرية -المتُمثِّلة في الإخلال بإجراءات التشغيل وعدم كفاءة أنظمة الأمان- من الأسباب الرئيسة لوقوع الكارثة الأكبر في تاريخ الصناعة النووية البشرية، في مفاعل تشرنوبل النووي الذي يبعد قرابة 130 كم عن مدينة كييف، ويقع بالقرب من الحدود البيلاروسية. وكان النصيب الأكبر من المواد المشعة التي انتشرت بواسطة الرياح -في ظلِّ الظروف الجوية المتغيرة في المنطقة- نهايةَ شهر نيسان (أبريل) من عام 1986 من نصيب روسيا وأوكرانيا وروسيا البيضاء، في حين انتشر قرابة 20% من الإشعاعات إلى أوروبا (1).
واليوم بعد ما يقارب الأربعة وثلاثين عاماً من الحادثة؛ تعود تشرنوبل إلى الأضواء بعدما رصدت الأقمارُ الصناعيةُ التابعةُ لوكالة ناسا الفضائية عديداً من حرائق الغابات حول المنطقة المحظورة من المدينة المنكوبة. والجدير بالذكر أن الحرائق في تلك المنطقة لا تعدُّ حدثاً غريباً، ولكنَّ شدَّتَها قد ازدادت مع مرور السنين بعد نمو الغابات وتعافي المراعي (2).
وتتلخص المخاوف الحالية في إمكانية حمل الرياح وأعمدة الدخان المنبعثة من الحرائق للمواد الضارة المشعة عبر القارة الأوروبية؛ في حين أشار المركز العلمي والتقني للسلامة النووية والإشعاعية التابع للحكومة الأوكرانية (SSTC NRS) إلى إمكانية مرور الغيوم المحتمل تلوثها على طول الحدود الشمالية لأوكرانيا؛ إذ يوجد ثلاث مناطق حرائق فردية في منطقة الاستبعاد المحيطة بالمفاعل النووي المنكوب (1). ولكن ماذا لو غيرت الرياح اتجاهها؟
أما انتشار الإشعاعات؛ فوفقاً للقياسات التي أجراها خبراءُ إدارة التأهب للطوارئ ومراقبة الإشعاع (SSTC NRS Emergency Preparedness and Radiation Monitoring Department) في الموقع؛ كان معدل جرعة إشعاع غاما في حدود 0.1 ميكرسيفرت/ ساعة، وهو ما يتوافق مع الخلفية الإشعاعية العادية؛ ويعني هذا أن النيران لم تؤثر حتى الآن في الوضع الإشعاعي في المناطق القريبة من الحرائق (4).
لا يمكننا الحكم حالياً على مستقبل انتشار الحرائق في المنطقة؛ ولكن يبدو أنَّ لفت الأنظار إلى الكارثة المحتملة قبل قدوم الصيف وموسمه الجاف هو أمرٌ ضروريٌّ قبل خروج الأمور عن السيطرة وتجاوزها نقطة اللاعودة.
المصادر:
1. Balonov، M.، 2013. The Chernobyl accident as a source of new radiological knowledge: implications for Fukushima rehabilitation and research programmes. Journal of Radiological Protection، [online] 33(1)، pp.27-40. Available at:
[Accessed 14 April 2020].
2. Earthobservatory.nasa.gov. 2020. Fires Burn In Northern Ukraine. [online] Available at:
[Accessed 14 April 2020].
3. State Scientific and Technical Center for Nuclear and Radiation Safety of the State Nuclear Regulatory Committee of Ukraine (2020، April 9) Fires in Chornobyl Exclusion Zone Continue. [online] Available at:
Accessed April 9، 2020.
4. State Scientific and Technical Center for Nuclear and Radiation Safety of the State Nuclear Regulatory Committee of Ukraine (2020، April 7) Prompt Message on Radiological Situation in Kyiv and Suburbs. [online] Available at:
Accessed April 9، 2020.