المليسة.. عشبة الحب

المليسة أو الترنجان المخزني Melissa officinalis؛ هي إحدى نباتات العائلة الشفوية Lamiaceae التي ينتمي إليها النعناع أيضًا، ويضم الجنس النباتي Melissa خمسة أنواع من الأعشاب المعمرة موطنها أوروبا، وآسيا الوسطى، وإيران. وينمو نبات المليسة طبيعيًا في المناطق الرملية ذات التربة المعتدلة المائلة للحموضة، لكنها قد تتمكن من النمو أيضًا في الأراضي الرطبة وعلى ارتفاعات تتراوح بين مستوى سطح البحر وصولًا إلى المناطق الجبلية المرتفعة، وهو ما ساعد على انتشارها في كثيرٍ من أنحاء العالم (5،6).

تُعرف المليسة بأسماء مختلفة أخرى، مثل بلسم الليمون Lemon balm، وبلسم العسل Honey balm، وبلسم النحل Bee balm، ويعود ارتباط تسميتها الشديد بالنحل والعسل إلى الإغريق الذين كانوا يعتقدون بوجود علاقة قوية بينهما نتيجة قدرة النبتة الشديدة على جذب النحل، ومن هنا كانت تسميتها بـ Melissa التي تعني "النحلة" باليونانية (2،4،6).

أما عن تسميتها ببلسم الليمون، فيُعزى ذلك إلى رائحتها الزكية التي تشبه رائحة الليمون (1) وتعود تلك النكهة والرائحة المميزة إلى عدد من المركبات الكيميائية التي تدخل في تركيب زيتها العطري بنسبة كبيرة مثل السيترال Citral والسيترونيلال Citronellal، فضلًا عن عدد من المواد الكيميائية الأخرى التي تساهم برائحتها العطرة مثل الجيرانيول Geraniol (ذي الرائحة الشبيهة بالورد)، واللينالول Linalool (ذي الرائحة الشبيهة بعطر اللافندر). ويّذكر أن العلماء تمكنوا من التعرف على أكثر من 100 مركبٍ كيميائي في المليسة (2،6).

بين الاستخدامات الشعبية والاكتشافات المعاصرة:

يعود تاريخ المليسة إلى عام 300 قبل الميلاد، وقد ذُكرت في عديد من المخطوطات الطبية بسبب استخداماتها في الطب التقليدي (6). وكان الطبيب والفيلسوف الفارسي ابن سينا من الأشخاص الذين أشادوا بفوائد المليسة وتأثيراتها المهدئة واستخداماتها لعلاج الاكتئاب واليأس (6)، وهو ما يوافق ما ذكره براونشفايغ في كتابه "التقطير" في العام 1530 بخصوص فوائد زيت المليسة العطري وتأثيراته القوية في الذاكرة وإنعاشها (1).

وعن استخدامات المليسة الشعبية، فقد اعتمد عليها القدماء لعلاج الأرق والحمى والصداع النصفي واضطرابات المعدة والأمعاء وآلام الأسنان إضافةً إلى الوهن العصبي، واستُخدم زيتها العطري بكثرة للاستنشاق عن طريق التبخير بهدف الاسترخاء والتخلص من الاكتئاب والتوتر العصبي والتهاب القصبات المزمن. كذلك استعملت مرهمًا موضعيًا لتخفيف أعراض الروماتيزم والتقرحات الجلدية وآلام لسعات الحشرات والأورام الناتجة منها (3،4)، وقد أصبحت اليوم تدخل في صناعة بعض المراهم الجلدية أيضًا (1).

وقد أشارت التجارب على حيوانات التجارب إلى احتمال وجود فعالية في خفض نسبة الشحوم والكوليسترول في الدم، وقد تكون لها فوائد متعلقة بالضغط وصحة القلب فضلًا عن قدرتها على تحسين حالة الحروق والندبات لدى حيوانات التجربة أيضًا (3،4). كذلك تبين أن للمليسة قدرة على إخماد الجذور الحرة ووقف نشاطها المخرب للخلايا (2).

ويُذكر أن مركبات المليسة تمتلك العديد من الاستخدامات الصيدلانية بسبب مكوناتها التي تمنحها فعاليةً مضادة للأكسدة والالتهابات والأحياء الدقيقة مثل البكتيريا والفطور إضافةً إلى فيروس الهربس (2). لكن تأثيراتها ما زالت تحتاج مزيدًا من الدراسات على البشر للتأكد من صحتها.

المركبات الفعالة:

تحتوي المليسة على الفيتامين C ذي الفعالية المضادة للأكسدة، إضافةً إلى الثيامين (فيتامين B1)، إضافةً إلى الكثير من العناصر المعدنية التي يحتاجها جسم الإنسان مثل الحديد والزنك والبوتاسيوم والمغنيزيوم (1). وتتميز أيضًا بغناها بالبوليفينولات والتربينات وبعض الأحماض مثل حمض الروزمارينيك Rosmarinic acid وحمض الكافييك Caffeic acid المتميزين بفعالية مضادة للأكسدة (2،6)، وهذا ما يجعلها من النباتات العطرية المفيدة من الناحية الصحية والغذائية.

الاستخدامات الغذائية:

هنالك عدد كبير من التطبيقات الغذائية للمليسة، إذ يمكن أن تستخدم في الطهي وتنكيه اللحوم، كذلك يمكن أن تستخدم أوراقها الطازجة في السلطات والشوربات والصلصات، إضافةً إلى منح المثلجات نكهةً محببةً تجمع طعم الليمون والنعناع معًا (1). من جهةٍ أخرى، يمكن استخدام المليسة في الشاي ومنقوع الأعشاب وحتى الشاي المثلج أو غيره من المشروبات الباردة (4).

وأخيرًا، هل كنتم تعلمون أن المليسة تسمى أيضاّ عشبة الحب، وقد عدها الإغريق والرومانيون مقدسةً، حتى إنها كانت تستخدم في معبد الآلهة الرومانية القديمة ديانا بسبب ما كانوا يرون فيها من قدرة على الشفاء وإيجاد الحب الحقيقي، حتى شاع تقليد إرفاقها مع رسائل الحب (4،6).

المصادر: