الغذاء والتغذية > الفوائد الصحية للأغذية
السمَّاق أسرارٌ كثيرةٌ في حبات صغيرة
من منا لا يستخدم السمَّاق عندما يريد مذاقًا حامضًا للطعام، أو لونًا أرجوانيًّا، أو مثلًا لنغني أطباقنا وندعمها؛ فالسمَّاق يضمُّ داخله منجمًا مهمًّا لمضادات الأكسدة القوية وعديدًا من الفوائد الغذائية.
لتعرف المزيد عن هذه الفوائد؛ تابع مقالنا الآتي.
اكتُشف السمَّاق (Sumac) في المناطق المعتدلة والمدارية، إذ ينمو في جميع مناطق البحر الأبيض المتوسط (4)، وينتشر بكثرة في إسبانيا، وتركيا، وأفغانستان، وجنوب إيطاليا (3). ويعود إلى عائلة (Anacardiaceae) المزهرة (3)، وجنس (Rhus) الذي يحتوي على أكثر من 250 نوع من النباتات (4)، واسمه اللاتيني (Rhus coriaria L)؛ وهو عبارة عن شجيرةٍ ذاتِ ثمارٍ توتية الشكل متراتبة بشكلٍ مخروطيّ، ومنها نوعٌ سام ثماره بيضاء اللون، وينمو في الأراضي الرطبة، ويجب عدم تناوله(1).
يأتي من ثمارها الحمراء توابل السمَّاق ذات الاستخدام الواسع في الدول العربية وتركيا (4)، وفي إيران ضمن الأطباق الغنية (3)، كذلك يمكن تحضير شاي مغذٍّ من ثمارها بنقعها ليلةً كاملةً بماء بارد وتصفيتها ثم التحلية، والتمتع بمشروبٍ غنيّ بمضادات الأكسدة والفيتامينات وخصوصًا فيتامين C (1).
استخدمه الهنود الأمريكيون في الطب القديم لعلاج نزلات البرد والحمى، وبمزجه مع الطينِ خليطًا يوضع على الجروحِ المفتوحة (1). وقد لُوحظت آثارُه الخافضة لدهون الدم في الطب الفارسي التقليدي؛ إذ يُستخدم علاجًا بالأعشاب (4) بسبب خصائصه المضادة للأكسدة، والخافضة لسكر الدم، ولآثاره المضادة للبكتيريا، والفطريات، والالتهابات، والأورام، والفيروسات (1،4)، وأيضًا لكونه مضادًّ تخثر، ولدوره الحيوي في انخفاض كريات الدم البيضاء (4)، إضافة إلى استخداماته في علاج الالتهابات، والإسهال والربو (1). كذلك يدعم غِنى السمَّاق بأحماض الفينول استخداماته الفلكلورية بوصفها توابل، وفي الحفاظ على الطعام، وفي تنظيف الجروح (4). وقد أكدت الأبحاث والتجارب على الحيوانات تلك الفوائد التي أشار بعضها إلى وجود إمكانيةٍ واعدة لعائلة نبات السمَّاق لتوفير منتجاتٍ حيوية قابلة للتجديد (3).
علمًا أنَّه تندر الدراسات على البشر، إذ تكاد تعد دراسة تشاكرابورتي (Chacraborty) وزملائه الدراسةَ البشرية الوحيدة (5) التي أثبتت غنى السمَّاق بمضادات الأكسدة القوية التي تقي من تلف الحمض النووي، مُرّجحةً ذلك لوجود مركب حمض الغاليك (Gallic Acid) ذي الخصائص المضادة للأكسدة القوية (4). إضافة إلى وجود كثير من مضادات الأكسدة القوية الأخرى كالتانينات ذات التأثير المضاد للسرطان (3،4)، وحمض التانيك (Tannic Acid) الذي يزيل الجذور الأكسجينية O-2 بفعالية، وكذلك الفلافونيئدات، وأحماض الفينول، والفوستين (fustin)، وحمض الكوماريك (p-coumaric acid)، والكبريتين (sulfuretin)، والبيوتين (butein)، والكومبيفرول (kaempferol)، والكيرسيتين (4). وبوصفها مستخلصًا؛ فهي تثبط مستويات الجذور الحرة داخل الخلايا وإن كانت ضمن تراكيز منخفضة، وقد أُثبت ذلك مخبريًّا ضمن خلايا منعزلة ومعرّضة للإجهاد التأكسدي (3،4).
وأكَّدت كثير من الدراسات قوةَ تأثير السمَّاق كونه مضادًّا للأكسدة:
فمثلًا وجدت دراسةٌ -أجريت على مرض السكري في الفئران- أنَّ مستخلص نبات السمَّاق يرفع مستويات أنزيم فوق أكسيد الديسموتاز (superoxide dismutase) (SOD)، والكاتالاز (CAT) -وهي مضادات أكسدة قوية ينتجها الجسم- دون تغيير مستويات الإنسولين (3).
خلصت دراسةٌ قارنت بين مجموعة أشخاص تناولوا السماق ومجموعةٍ لم يتناولوه (41 مرضى سكري جرى تقسيمهم عشوائيًّا) لقدرة السماق على زيادة القدرة الكلية لمضادات الأكسدة وتعزيزها (3).
وتتشابه نتائج الدراسة نفسها بتجارب عديدة بشأن انخفاض مركب Malondialdehyde (MDA) –الذي ينتج عن أكسدة الدهون ويُعدُّ مؤشرًا عن الإجهاد التأكسدي-، ويرجح ذلك لوجود مادة الكبريتين (sulfuretin) في السماق (3).
أكَّدت الأبحاث أهميةَ السمَّاق في الحماية من الجذور الأكسجينية وتثبيط الإجهاد التأكسدي؛ إذ أظهرت نشاطًا كبيرًا بوصفها مضادَّ أكسدة مهمٍّ ضدَّ الجذور الحرَّة وبيروكسيد الدهون (3).
وقد تباينت نتائج الدراسات بخصوص تأثير السمَّاق في نسبة السكر في الدم؛ فمثلًا أشارت إحدى الدراسات على الجرذان إلى انخفاض نسبة غلوكوز الدم بعد الطعام وعلى المدى الطويل (بعد 21 يومًا) لتكون أقلَّ بنسبة 26% عند تناول جرعات السمَّاق في فترة الدراسة، ولم يُلاحَظ ذلك في دراسةٍ أخرى على الأرانب، وأيضًا لا تتوفر أية دراساتٍ على الإنسان (4).
ووفقًا لنتائج الاختبارات؛ توجد احتمالات عدة للآلية المسببة كتثبيط هضم أو امتصاص الكربوهيدرات، وتعديل إفراز الأنسولين أو عمله، أو لاحتواء السمَّاق على فلافونوئيدات وأحماض فينولبة عدة كحمض الغاليك (Gallic Acid)، وميثيل غالات (Methyl Gallate)، وكيمبفيرول (Kaempferol)، وكيرستين (Quercetin) لخاصيِّتها في تعديل مستوى السكر في الدم (4)، ولقدرتها على تقليل تلف الأنسجة الناتج عن الإجهاد التأكسدي؛ مما يؤدي إلى الحفاظ على وظيفة الخلية وبذلك الحماية من تطور مقاومة الإنسولين في مرضى السكري النمط الثاني، ثم إنَّ اتباع نظام غذائي غنيّ بمضادات الأكسدة يرفع حساسية الإنسولين، وبذلك منع تطور مرض السكري النمط الثاني (3).
من جانبٍ آخر؛ ينخفض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية وانخفاض مستويات الكولسترول الضار (LDL) لوجود مواد فعَّالة في السمَّاق وأهمها الكيرستين quercetin (3). وانخفاض مستويات الشحوم الثلاثية والكولسترول الكلّي في الجسم، وذلك وفقًا لدراسةٍ قارنت مستويات الدهون قبل بَدء مجموعة أفراد بتناول السماق وبعد تناولهم إياه في فترة الدراسة، وتوصلت إلى قدرة السماق على إحداث تغيرات إيجابية لمستويات البروتينات الشحمية في الجسم (4).
ومن العوامل الأخرى التي يُحاربها السمَّاق ويقلل خطر الإصابة بأمراض القلب هو (CRP) البروتين الارتكاسي-C، الذي لطالما ارتبط ارتفاعه بالسمنة، ومقاومة الأنسولين، وفرط سكر الدم؛ لذا يُرجح انخفاضه لقدرة السمَّاق على إنقاص مستوى الإنسولين، وذلك بسبب تأثير مركبَي الكبريتين (sulfuretin) والفوستين (fustin) في هذا البروتين الارتكاسي (3).
ولهذه المركبات الكيمائية فائدة أثبتتها دراسةٌ مدتها ثماني أسابيع تناولت تأثير السمَّاق في ارتفاع ضغط الدم؛ إذ يمكنها أن تقلل ارتفاع ضغط الدم، وخصوصًا مركبات الفلافونئيدات كاللوتولين، والأبجينين، والكيورستين (2)، وما يزال هناك حاجةٌ إلى مزيد من الدراسات للتأكد من فوائد السمَّاق على البشر.
المصادر والدراسات المرجعية: