داخلَ عالَم ديفيد فينشر

في السينما كل مخرج يخلِقُ عالمَه الخاص به. عند مشاهدة أفلامه، تشعر كأنك تأخذ نزهة تبدأ بفضاء مخيلته؛ إذ تتمازج الصور والألوان، وتنتهي بين تلافيف دماغه، إذ تختبئ بذور أفكاره التي يبدأ فيها كل شيء. لندرك عند ظهور شاشة النهاية وانتهاء النزهة أنَّ تلك الألوان والبذور هي ما تجعلنا -رغم اختلاف القصص-  قادرين على تمييزه من نظرة واحدة.

إن كنت من هواة مشاهدة الأفلام التي تبقيك على حافة مقعدك، وتأسر كافة حواسك للتفاعل مع أصغر التفاصيل، فلا بدَّ من أن اسم ديفيد فينشر (David Fincher) مألوف بشدة، إن لم يكن موضع تقدير وإعجاب!.. ولا بد من أنّك تتوق لمعرفة من أين بدأ، وما أدواته السينمائية المفضلة للتلاعب بأعصابنا؟

فلنتعرف إليه وعلى أدواته في هذا الألبوم

ديفيد فينشر، هو مخرجُ فيديوهاتٍ موسيقية وأفلامٍ أميركيّ تميّز أسلوبه بالإتقان والميل إلى الأجواء الداكنة وتوجت مسيرته حتى الآن بترشيحي أوسكار بالاضافةِ إلى جائزتي (Golden Globe) و(BAFTA) جميعهم عن فئةِ أفضل مخرج سينمائيّ (1).

عَمِل فينشر -وهو لايزال في سن المراهقة- مصوراً مساعداً في استديو لوكاس للمؤثرات الخاصة، وفي منتصف الثمانينيات بدأ بإخراج الإعلانات التجارية (1) لشركات مثل بيبسي Pepsi (3) ومن ثم فيديوهات موسيقية للعديد من النجوم أمثال مادونا (1).

حملت فيديوهات فينشر الموسيقية سماتٍ سينمائية نبّأت بخطواتهِ التالية، فقد دخل المجال السينمائي عام 1992 بفيلم (Alien3) ذي الميزانية الهائلة والتقييم المنخفض، تلاه (Se7en) ليناقضه بمزانيته المحدودة ونجاحه المبهر، واتضحت به معالم بصمة فينشر السينمائية (1).

كرست أعماله على الشاشتين الكبيرة والصغيرة اسمه ليصبح مرتبطاً بأفلام الإثارة والأجواء القاتمة والإجرامية التي يبنيها بأسلوبه السينمائي المدروس ويعززها بالتفاصيل الصغيرة التي عُرفَ عنه هوسه بها، ففي كل لقطةٍ وكلِ عمل يسعى إلى المثالية (2).

سينماتوغرافي: 

يستخدم فينشر في معظم أعماله اللقطات الواسعة ليعرض من خلالها بيئية الشخصيات ومحيطهم، ونادراً ما يلجأ للقطات القريبة إلا للإضاءة على تفاصيل مهمة، كمان فعل في المشهد الأخير من (se7en) (2).

الألوان:

استخدم فينشر اللون لنقل الحالة الشعورية للشخصية أو كإيحاءٍ بصريّ، فنلاحظ الألوان الأحادية عندما تكون الشخصيات خدرة عاطفياً، ويغلب اللونان الأصفر والأزرق فِي المشاهد الليلية الداخلية لبعث شعورٍ بعدمِ الارتياحِ والقلق (2).

الموقع:

يشكلُ الموقع في أفلام فينشر المتمثل بالمحيط الفيزيائي للشخصية وكيف تشغل هذا الفراغ عنصر أساسيّاً لتعريف المشاهد على شخصيات الفيلم بصرياً، كما في فيلمه (The Game) حيث حرص على استغلال المساحات لأهداف درامية (2).

المونتاج  والصوت:

المونتاج أداة سحرية في السينما لاختصار الزمان والمساحات، لكن عند فينشر يتعدى ذلك ليصبح عاملاً أساسيّاً في تطور الشخصية والحدث إلى جانب تصميم الصوت الذي من خلاله يمكّن المشاهد من أن يسمع ويشعر بما لا يرى (2).

من أهم أعماله:

(1995) Se7en سيفين

(1999)Fight Club نادي القتال

(2010) The Social Network الشبكة الاجتماعية

(2011)The Girl With The Dragon Tattoo الفتاة ذات وشم التنين

(2007) Zodiac زودياك (2)

(2017) Mindhunter صائد العقول (3)

المصادر: