الغذاء والتغذية > الفوائد الصحية للأغذية
الإيكيدنيا.. فاكهة نستقبل الصيف بها
تنتمي شجرة الإيكيدنيا دائمة الخضرة إلى الصين، وتُسمَّى علميًا (Eriobotrya japonica)، لكن لها عدة أسماءٍ أخرى مثل البَشْمَلَة، والمشملة، والمشمش الهندي، وهي تنمو في البيئات شبه الاستوائية، وتتجمع ثمارها الناضجة الصغيرة في عناقيد متفاوتة الألوان؛ تتراوح بين الأصفر والبرتقالي المحمّر، وهي ذات نكهة محببة تمزج بين الحلاوة والحموضة، وقد استُخدِمت إلى جانب أوراقها وبذورها في الطب الشعبي منذ آلاف السنين، وجاءت الأبحاث الحديثة لتدلّل على فوائدها وتحلل ما تكتنزه من قيم غذائية نتعرف إليها معكم فيما يأتي (1,3):
1- فاكهة غنية بالمغذيات: تعد الإيكيدنيا فقيرةً بالسعرات الحرارية وغنية بالمغذيات؛ فكوبٌ واحد من الثمار المقطعة (149غ) يحتوي قرابة 129غ من الماء، و70 سعرةً حرارية فقط؛ منها 18غ من النشويات و1غ بروتين، و3غ من الألياف المنحلّة، ومجموعة من الفيتامينات والمعادن أهمها طليعة الفيتامين A الضروري لسلامة الرؤية وجهاز المناعة ونمو الخلايا، بنسبة تصل إلى 46٪ من حاجتنا اليومية. نجد فيها أيضًا كميات جيدة من فيتامينَيْ B6 وB9 والمغنيزيوم والبوتاسيوم والمنغنيز بنِسَب تغطي 7٪، 5٪، 5٪،11٪،11٪ من احتياجاتنا اليومية على الترتيب، ويشارك بعض هذه العناصر الصغرى في إنتاج الطاقة وتشكيل خلايا الدم، ودعم الاستقلاب وحماية صحة العضلات والأعصاب والعظام. وتحوي أيضًا كميات بسيطةً من فيتامينات C وB1 وB2 وB3 والحديد والنحاس والكالسيوم والفوسفور والصوديوم والزنك والسيلينيوم وعدد من الأحماض الأمينية مثل التربتوفان والأرجينين والتيروزين وأحماض الأسبارتيك والغلوتاميك، والغلايسين والبرولين (1,2,4).
2- مصدر ممتاز للمركبات النباتية Phytochemicals الفعالة حيوياً: إذ تحوي أشكالًا متعددةً منها تتوزع في الثمار والأوراق والأزهار، وتسدي هذه المركبات خدماتٍ متميزةً لجسم الإنسان بسبب قدرتها على محاربة الجذور الحرة الضارة، فقد تفوقت فعالية مضادات الأكسدة الموجودة في الأوراق على 54 نباتًا من أصل 56 نبات طبي صيني آخر. وتمثل الكاروتينوئيدات إحدى أهم مضادات الأكسدة فيها، وهي ذات تأثير وقائي يحمي الخلايا ويقي من أمراض القلب والعين ويعزز جهاز المناعة وتقليل الالتهاب. وتعد الفينولات والفلافونيدات مثالًا آخر عن المركبات النباتية في الإيكيدنيا؛ وهي مضادة للأكسدة والالتهابات والسرطان، وقد تفيد في حالات أمراض القلب والسكري (1,3).
3- تعزيز صحة القلب: ليست مضادات الأكسدة هي الوحيدة التي تعزز صحة القلب، بل يساعد البوتاسيوم والمغنيزيوم على تنظيم ضغط الدم وعمل الشرايين؛ كذلك تقلل الكاروتينوئيدات من تراكم الصفيحات داخل الشرايين مما يقي - كما ذكرنا - من أمراض القلب والوفيات المتعلقة به (1).
4- محاربة السرطان: وقد لوحظت هذه الفعالية في مُستخلَصات عدة أجزاء من الإيكيدنيا مثل القشرة والبذور والأوراق وفي مختلف مراحل تطور المرض؛ سواء كان ذلك في أثناء ظهوره أم انتشارِه أم تشكيل النقائل الورمية؛ وتعود الخصائص المضادة للسرطان إلى حمض الكلوروجينيك والمركبات الفينولية والكارتينوئيدية الموجودة في القشور واللب، وهذا يرتبط مباشرةً بما يؤكد عليه أخصائيو التغذية من ضرورة اتباع الحميات الغنية بالفواكه بسبب فعاليتها في الوقاية من السرطان (1,3).
5- دعم الصحة الاستقلابية: أكّدت الأبحاث الحديثة وجود فائدةٍ لمُستخلَصات بذور الإيكيدنيا وأوراقها في الوقاية من داء السكري بنوعَيْه وضبطهما، فضلًا عن فعاليتها في خفض الشحوم الثلاثية وسكر الدم والأنسولين لدى فئران التجارب. كذلك قلل مُستخلَص أوراق الإيكيدنيا مستويات السكر والكوليسترول الكلي والشحوم الثلاثية لدى الأسماك المخططة (Zebrafish) المصابة بفرط كوليسترول الدم (1,3).
6- محاربة الالتهابات: استخدم الطب الشعبي الصيني أوراق الإيكيدنيا منذ القِدَم لعلاج عدة اضطرابات التهابية مثل السعال والربو والتهاب القصبات المزمن، وقد أثبتت عدة تجارب مخبرية حديثة فعالية أجزاء مختلفة من الإيكيدنيا في محاربة الالتهابات مثل مستخلصات الأوراق والبذور وعصير لب الثمار؛ وتُعزى معظم تلك الفوائد إلى غنى الأوراق بأحماض التريتربين، وخصوصًا حمض الأورسليك، واحتواء الإيكيدنيا على مجموعة واسعة من الفيتامينات والمعادن ومضادات الأكسدة (1,3).
لكن لا لنا من التذكير، فعلى الرغم مما تبعثه النتائج الأولية على التفاؤل، لكن علينا ملاحظة أن جميع الدراسات المنشورة حتى اللحظة كانت باستخدام خلايا معزولة مخبريًا أو على الحيوانات؛ أي إنها لم تُجرى على البشر مباشرةً بعد، لذا ما زلنا نحتاج مزيدًا من الأبحاث عن فعالية مُستخلَصات الإيكيدنيا داخل جسم الإنسان وتحديد إمكانية استخدامها في المستحضرات الصيدلانية (1).
- هل تتشابه جميع أنواع الإيكيدنيا؟
تختلف القيمة الغذائية والتجارية لثمار الإيكيدنيا حسب عدة عوامل؛ أهمها اللون الذي يتدرج أثناء نضجها معطيًا دلالة معينة في كل مرحلة؛ فالثمار الخضراء تتميز بنسبةٍ مرتفعة من الكلوروفيل، في حين تتناقص هذه النسبة مع تحوُّلها إلى اللون الأصفر أو البرتقالي المحمرّ وتزداد عندئذ أصبغة الكاروتينوئيدات التي تتركز في القشرة أكثر من اللب وتشمل البيتا كاروتين الذي يكثر في الثمار الداكنة ذات اللب الأصفر، واللوتين الذي تغلب نسبته في الثمار الفاتحة ذات اللب الأبيض.
أما السكريات، فهي تشكّل - إلى جانب الأحماض العضوية - المكونات الذوابة الأساسية في ثمار الإيكيدنيا الناضجة، وهي المسؤول الأساسي عن مذاق الثمار، لكن تركيبها وكميتها يختلفان عادةً حسب الأصل الوراثي وبيئة الزراعة ودرجة النضج، إذ يكون سكر السوربيتول أكثر في الثمار الفتيّة لكنه سرعان ما يتناقص ليحلّ محلّه السكروز على نحو أساسي، إضافةً إلى الغلوكوز والفركتوز. وتبلغ الأحماض العضوية ذروتها في المراحل الأولى لنمو الثمار وتقل مع اكتمال النضج، وأهمها حمض الماليك ثم الطرطريك والستريك (الليمون) والكينيك والسكسينيك والفوماريك والأكساليك والأسكوربيك (أو الفيتامين C).
كذلك يتفاوت المحتوى من المركبات الفينولية؛ مثل الفلافونون والليغنين والكلوروجينيك، والتي تؤدي أدوارًا مهمًة للنبات تتجلى في الاستجابة الدفاعية ومقاومة الأكسدة وتشكُّل اللون وخمول البذور والموت الخلويّ المُبرمَج، ويتبع ذلك عدة عوامل مثل أجزاء النبات وأنواع الثمار ودرجة نضجها؛ إذ تحتوي البذور النصيب الأكبر من تلك المركبات يليها القشور ثم اللب، كذلك تكون المركبات الفينولية أعلى في الثمار اليافعة ويقل عددها في الثمار الناضجة تمامًا (4).
ماذا عن مدة تخزين ثمار الإيكيدنيا؟
يُفضَّل اختيار ثمار الإيكيدنيا الطازجة وتناولها بأسرع وقت ممكن، فهي سريعة الفساد ولا تتجاوز مدة حفظها عدة أيام في درجة حرارة الغرفة، وذلك بسبب عمليات التنفس وإنتاج الإيثيلين التي تجري داخلها وتؤدي إلى ظهور عدة تغيرات منها تحوُّل لون الثمار إلى البني والجفاف والتصاق القشرة باللبّ والملمس الجلدي وفقدان نكهة الحلاوة وظهور العفن، ويسهم الاحتفاظ بها داخل البراد في تأخير فسادها (4).
إن فاكهة الإيكيدنيا ضيفةً قصيرة الزيارة؛ لذا لا تنسوا استغلال موسمها والاستمتاع بمذاقها الفريد، ويمكنكم إطالة مدة حفظها بتجفيفها أو تجميدها أو تعليبها، أو حتى استخدامها في صناعة المربى إن كنت ممن يفضلون تناولها على مدار السنة (1).
المصادر:
2- [Internet]. 2020 [cited 17 May 2020]. Available from: هنا
3- Liu Y, Zhang W, Xu C, Li X. Biological Activities of Extracts from Loquat (Eriobotrya japonica Lindl.): A Review. International Journal of Molecular Sciences. 2016;17(12):1983. doi:10.3390/ijms17121983 هنا
4. Cai J, Chen T, Zhang Z, Li B, Qin G, Tian S. Metabolic Dynamics During Loquat Fruit Ripening and Postharvest Technologies. Frontiers in Plant Science doi:10.3389/fpls.2019.00619 هنا