مكونات غذائية لحماية الطرق التنفسية!

الرئتان في خطر! فنحن محاطون بكثيرٍ من العوامل الضارة التي تسبب تدهور وظائفها وتعرضنا لخطر الإصابة بالأمراض المرهقة للجهاز التنفسي، وبالطبع ليس هنالك أسوأ من حرمان خلايا جسمنا من الأوكسجين!

فكيف يمكننا أن نساعد رئتينا على البقاء بصحة جيدة في ظل المخاطر الصحية والضوضاء البيئية والسكانية والصناعية التي نعيشها؟

لا يغفل أحد عن أهمية صحة الجهاز التنفسي لاستمرارية وجودة الحياة، فهو منفذ الأكسجين إلى الجسم، والمسؤول عن تنقية الدم، ومنع دخول العوامل الممرضة من الكائنات الحية الدقيقة إليه، لكنه معرّض إلى كثيرٍ من المؤثرات الأخرى التي قد تعرض وظائفه للتدهور والضعف، مما يجعلنا عُرضةً للأمراض المختلفة.

وعلى الرَّغم من عدم وجود نظامٍ غذائي محدد لكل مرضٍ تنفسي بعينه، لكن الدراسات تمكنت من تحديد بعض المكونات الغذائية التي تمتلك تأثيراتٍ مهمةً تخفف أعراض أمراض الجهاز التنفسي، وبذلك تحسّن وظائف الرئتين وعملها.. ويتميز النظام الغذائي المتوسطيّ بغناه بالأطعمة النباتية والأسماك والتي تبيَّن أنها يمكن أن تقي الأطفال من أعراض الحساسية والصفير والربو. في حين وُجد أن النظام الغذائي الغربي - بما يحتويه من أطعمة مكررة ومصنعة وكمياتٍ كبيرة من اللحوم والملح - يرتبط بزيادة خطر الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن COPD، وزيادة نوبات الربو لدى البالغين، وارتفاع خطر الإصابة به لدى الأطفال، كذلك يزيد ارتفاع محتواها من الدهون من سوء التهاب المسالك التنفسية. 

 ومن أهم الأغذية المفيدة عمومًا لصحة الجهاز التنفسي:

 الفواكه والخضار:

يمكنها أن تحمي وظائف الرئة من التدهور وتخفف الصفير المرافق للتنفس وتقليل تواتر النوبات لدى المصابين بالربو، وتقي من تفاقم مرض الانسداد الرئوي المزمن. إذ تتميز بمحتواها من مضادات الأكسدة التي تحمي الشعب الهوائية من الآثار الضارة للإجهاد التأكسدي الناجم عن أنواع الأكسجين التفاعلي ROS الناجم عن التعرض لتلوث الهواء، والتي تؤدي عادةً إلى التهابات في المسالك التنفسية، وتوجد أيضًا في المكسرات والزيوت النباتية والنبيذ الأحمر والشاي الأخضر.

كذلك تحتوي على الكاروتينوئيدات مثل الليكوبين الذي يقلل بعض أعراض الربو ومرض الانسداد الرئوي المزمن، والبيتا-كاروتين الذي يرتبط بتحسين وظيفة الرئة ويوجد في البطاطا الحلوة والخضار الخضراء، والفلافونوئيدات التي تتوفر بكثرة في التفاح والنبيذ والشوكولا والشاي والقهوة والتي تقي من سرطان الرئة وتضيق الشعب الهوائية (1,2).

أما مركب مركب N-acetyl cysteine؛ وهو أحد مضادات الأكسدة القوية، فيمتلك دورًا في حلِّ المخاط في الجهاز التنفسي والذي يمكن أن يسبب عدم الراحة للمريض، ويوجد في البروكلي والفلفل الأحمر والبصل (3).

كذلك توفر الخضار والفواكه مجموعةً واسعة من الفيتامينات منها C وD وE التي تمنع نشاط العوامل الالتهابية، وتعزز الاستجابة المناعية فتقلل احتمال الإصابة بمرض الانسداد الرئوي المزمن COPD والربو، وقد تبين أن نقص الفيتامين D وE في فترات الحمل يمكن أن يؤثر سلبًا في صحة الجهاز التنفسي لدى المواليد في سنواتهم اللاحقة (1-3).

أما العناصر المعدنية فيمتلك بعضها تأثيرًا وقائيًا لأمراض الجهاز التنفسي، مثل المغنيزيوم الموسِّع للشعب الهوائية لدى مرضى الربو، والسيلينيوم والبوتاسيوم اللذان يسبب انخفاضهما في أثناء الحمل زيادةَ الصفير لدى المواليد وزيادة احتمال الإصابة بالربو (1)، كذلك يرتبط نقص الحديد والزنك بزيادة معدلات التهابات الجهاز التنفسي (2).

الأسماك ودهون الأوميغا-3:

ارتبط تناول الأسماك بصحة الرئتين والجهاز التنفسي إثر ملاحظة انخفاض معدل الإصابة بالربو لدى سكان الإسكيمو، وذلك على عكس المناطق التي تتصف بارتفاع استهلاك سكانها من دهون الأوميغا-6 (2)؛ ويرتبط ذلك بما تتميز به دهون الأوميغا-3 من خصائص مضادة للالتهابات، وكابحة للجذور الحرة. وعلى الرغم من تضارب نتائج الأبحاث بخصوص علاقة الأسماك بأمراض الجهاز التنفسي، لكنَّ معظمها يؤكد علاقتها بتحسين وظيفة الرئة وخفض خطر الاصابة بالربو والأزيز (1) وخاصة لدى الاطفال، كذلك يحمي تناولها في وقت مبكر من الحياة من الإصابة بالتهاب الأنف التحسسي لاحقًا (2). ومن المعتقد أن تتمتع مكملات الأوميغا-3 بتأثير مشابه إذ تبين أنها حسَّنت تضيُّق الشعب الهوائية بعد ممارسة الرياضة لدى الرياضيين (2).

 تأثير نقص التغذية والسمنة:

تنخفض قدرة مرضى الربو على التحكم بالمرض كلما كان وزنهم أقل من الطبيعي، كذلك يلاحظ انخفاض الوزن الشديد في المراحل المتقدمة من الانسداد الرئوي المزمن COPD ويرتافق بالهزال العضلي، فيزيد نسبة الوفيات بهذا المرض. وينصح باتباع تمارين إعادة التأهيل التنفسي منخفض الكثافة والحصول على المكملات الغذائية اللازمة إلى جانب نظام غذائي عالي الطاقة غني بالعناصر الغذائية الفعالة مثل الكرياتينين في اللحوم، والسلفورافان في البروكلي، والكركمين في الكركم، مما يسمح بإعادة وزن الجسم إلى المجال الطبيعي ويسمح بتخليق بروتينات الجسم وأنسجته ويحسِّن مستويات الأوكسجين في الدم الشرياني (1).

أما السمنة فترتبط ارتباطًا وثيقاً بالربو وسوء أعراضه، فضلًا عن زيادة الالتهابات في الجهاز التنفسي والشعب الهوائية. كذلك ترتبط سمنة الحوامل بارتفاع احتمال إصابة المواليد بالربو، وتنشيط الاستجابة المناعية وزيادة احتمال الإصابة بالتهاب الجهاز التنفسي والشعب الهوائية (1).

وأخيرًا، يتضح حسب المعايير السابقة ضرورة زيادة تناول الفواكه والخضروات الطازجة والأغذية الغنية بالعناصر الغذائية الفعالة حيويًا ومضادات الأكسدة، وذلك لتفادي عوزها في الجسم وتأمين مناعة جيدة تجاه أمراض الجهاز التنفسي، مع ضرورة إيلاء الانتباه اللازم لحالات انخفاض الوزن الناجم عن سوء التغذية من جهة، والبدانة من جهةٍ أخرى.

المصادر: