الطب > فيروس كورونا COVID-19
(COVID-19) والجراحة
أعلنت منظمةُ الصحة العالمية في الحادي عشر من آذار (مارس) أنَّ مرض (COVID-19) هو جائحة وحالة طارئة دولية؛ فقد أدى هذا التفشي السريع إلى عبء غير مسبوق على فعالية الأنظمة الصحية واستمراريتها بسبب الزيادة الكبيرة في أعداد المصابين بالتزامن مع الخطر الوشيك لنقص القوى العاملة الصحية (1).
وقد أوصت الكلية الأمريكية للجراحين (ACS) والمركز الأمريكي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) بتأجيل الإجراءات الجراحية غير الطارئة بسبب الضغط الكبير على المستشفيات والقلق من أنّ الإجراءات الجراحية غير الطارئة قد تساهم في انتشار الفيروس، ثُم إن الاستخدام غير الضروري للموارد والمعدات الطبية قد يتسبب في مُشكلاتٍ في إدارة الزيادة المحتملة في أعداد المصابين (2,1).
تُعَدّ هذه التوصياتُ توصياتٍ عامةً، ويجب على المستشفيات والجراحين مراجعة جميع الإجراءات الجراحية غير الطارئة بعناية لتحديد كيفية التعامل مع شتّى أنواع العمليات الجراحية؛ إذ إن ما يقارب نصف الحالات غير الطارئة في وقت معين قد تكون مسببًا لمشكلات في المستقبل القريب ما لم تُعالَج (1).
لكن؛ ما الحالات غير الطارئة؟
إن الحالات غير الطارئة -على عكس الحالات الطارئة أو الاسعافية- هي الحالات التي لا يؤدي تأجيلها إلى أذى أو تهديدٍ لحياة المريض أو أحد أعضائه؛ هناك العديد من العمليات الجراحية غير الطارئة، مثل: جراحة استبدال المفاصل أو العمليات التجميلية أو عمليات انقاص الوزن أو العقم وغيرها، ومن الممكن تأجيل هذه العمليات دون خطر على حياة المريض.
إن بعض العمليات مثل العمليات الجراحية لإزالة السرطانات أو بعض العمليات القلبية أو بعض حالات الفتوق لا تعدّ طارئةً؛ ولكنّ إجراءَها ضروري لتفادي الأذى للمريض، ليُجرى ذلك وفقًا لرأي الطبيب ومناقشة العلاجات الأخرى البديلة، ويُقيّمُ كلٌّ من الطبيب والمريض أيضًا المخاطرَ الرئيسة لدى المريض في حال القدوم إلى المستشفى أو المركز الصحي في أثناء فترة الوباء (2).
كذلك يعتمد إجراء الجراحة المؤجلة لاحقًا على السرعة التي تحل بها أزمة (COVID-19)، وحالة المريض الصحية وحاجته إلى إجراء الجراحة بعد إعادة التقييم (2).
لماذا يجب تأجيل العمليات الجراحية؟
- تُعَدُّ الحاجة إلى هذا التأجيل ملحة؛ إذ تتطلب الإجراءات غير الطارئة معدات حماية شخصية مثل الكمامات (الأقنعة الطبية) والقفازات، ومقدّمو الرعاية الصحية بأشدِّ الحاجة إليها للعناية بمرضى الوباء.
- قد يكون لدى هذا المريض أو أقربائِه أو لدى أحد مقدمي الرعاية إصابة غير مُشخَّصَة بـ (COVID-19).
- هنالك حاجة كبيرة إلى مقدمي الرعاية الصحية من أجل رعاية المصابين بـ (COVID-19).
- تحتوي غرف العمليات على أجهزة التنفس الاصطناعي التي قد تكون ضرورية لدعم مرضى الفيروس (2).
لكن؛ ما التوصيات في حال حاجة مريض مصاب بـ (COVID-19) إلى إجراء عمل جراحي؟
يجب تأجيل العمليات الجراحية لجميع مرضى (COVID-19) حتى زوال الإصابة لديهم إن أمكن (3)، لكن؛ في حال عدم القدرة على التأجيل:
- يجب إشراك الحد الأدنى من مقدمي الرعاية الجراحية؛ ففي حال تعرض عدد كبير منهم للمرضى المصابين، يزيد ذلك من احتمال إصابتهم وبذلك يتطلب عزلهم وتفاقم النقص والحاجة إليهم (3,4).
- يجب التعامل مع جميع المرضى المشتبه بإصابتهم بـ (COVID-19) والمحتاجين إلى تدخل جراحي على أنهم مصابون حتى يثبت خلاف ذلك، فمن المهم ارتداء معدات الوقاية الشخصية قبل مقابلة المرضى (3,4).
- من المهم أيضًا حماية المرضى الآخرين غير المصابين بـ (COVID-19) من خلال الفصل وتطبيق معدات الحماية في خلال جميع الإجراءات أو عند النقل ضمن المستشفى (3).
- تخصيص غرف عمليات لمرضى (COVID-19) من أجل العمل الجراحي العاجل، ويجب أن تكون الأقرب إلى مدخل المستشفى، وأن يُنقَل المريض إليها بأقل وقت ممكن وضمن مسار محدد وبعيد عن المرضى الآخرين، وفي حال حاجة المريض إلى العناية المركزة؛ يجب الأخذ بعين النظر الحد الأدنى من أفراد النقل وتزويدهم بمعدات الحماية المطلوبة (3,4).
- تقليل المعدات المستخدمة ضمن غرفة العمليات ليُستخدَمَ الضروري منها وفقًا لكل حالة على حدة، وتحضير المعدات والمواد الجراحية المطلوبة على نحو استباقي، ويجب استخدام حاويات مخصصة للنفايات الطبية والأدوات التي يمكن التخلص منها (3).
- يجب تقليل مخاطر التلوث المرتبطة بالعينات المرسلة إلى مخابر التشريح المرضي (3).
- يجب تطهير غرفة العمليات بعد كل إجراء وإعطاء الأولوية للأدوات التي اسُتخدِمت وأيضًا تطهير جميع المناطق التي قد مر بها المريض، والتخلص من جميع الأدوات التي يمكن التخلص منها (3).
قد يحدث لدى بعض المرضى -في فترة ما بعد الجراحة- حمى أو إحدى المضاعفات الرئوية المعروفة مثل الالتهاب الرئوي المعدي أو وذمة الرئة؛ مما يؤدي إلى تحدٍّ تشخيصي، لذا؛ من المهم إجراء العديد من الاختبارات لتحديد المسبب، ومن المهم وضع التشخيص الصحيح في حال الإصابة بـ (COVID-19) بغية اتخاذ الإجراءات الصحية لعلاج المريض ومنع انتشار العدوى (5).
وفي الختام؛ يمكن القول إن (COVID-19) يعقِّد الإجراءات المطلوبة، لذا؛ من الضروري تقييم مخاطر إجراء العمليات الجراحية غير الطارئة وفوائدها بعناية اعتمادًا على شدة الوباء وتوافر الموارد (5)، ويجب وضع خطط دقيقة للإجراءات الجراحية وحالات الطوارئ التي قد تحدث لدى مرضى (COVID-19)، وينبغي للمستشفيات وضع خطط متعددة وتدريب العاملين المعنيين (3).
المصادر: