الفيزياء والفلك > علم الفلك

النجوم المغناطيسيّة العملاقة؛ وحوش كونية غامضة

النجوم المغناطيسيّة (magnetars) هي إحدى أنواع النجوم النيوترونية، تتكون من نوى نجوم فائقة الكتلة بعد انهيارها كاملًا على شكل انفجار مستعر أعظم؛ عادةً تبعث أشعةً سينيةً ساطعةً مستمرةً فضلًا عن تكوينها لأقوى المجالات المغناطيسية المعروفة في كوننا (1). 

نجم مغناطيسي (صورة تخيلية)

يعود اكتشاف النجوم المغناطيسية إلى أوائل التسعينات من القرن الماضي مع دراسة علماء الفلك آنذاك لانهيار النجوم فائقة الكتلة -تلك التي تفوق كتلتها كتلة الشمس بثمانية أضعاف أو أكثر- على هيئة انفجارات مستعر أعظم، تكوِّن الطبقات الخارجية للنجم وقود تلك الانفجارات، أما النوى الداخلية فتبقى لتتحول لاحقًا إلى نجوم نيوترونية.

تختلف هذه النجوم عن بعضها فمنها النجوم النابضة (pulsars)، وبعضها الآخر يبعث مجالاتٍ مغناطيسيةً فائقةَ الكثافة إضافةً إلى رشقاتٍ من الأشعة السينية وأشعة غاما وهي النجوم المغناطيسية (2).

نجم نيوتروني 

اعتقد العلماء سابقًا أن النجوم المغناطيسية تكتسب مغناطيسيتها في أثناء مرحلة انفجار المستعر الأعظم نتيجة الدوران العنيف في أثناء تكوين النجم النيوتروني الذي يؤدي إلى حركات داخلية مضطربة تضخّم المجال المغناطيسي في ظاهرة تسمى "تأثير الدينامو" (dynamo effect). حظي هذا التفسير بالقبول عبر السنوات الماضية، إلا أن بحثًا جديدًا تناول رصد وتحليل بقايا عدة انفجارات مستعر أعظم قادت إلى ظهور نجوم مغناطيسية، وقارن بين انبعاثات الحقول المغناطيسية وانبعاثات الأشعة السينية ليخلص لاحقًا إلى ظهور نتائج تدعم أنموذج الأصل الأحفوري (fossil field origin) دون استبعاد أنموذج الدينامو؛ بُنيت فكرة الأنموذج الجديد على أن ليس لكل النجوم العادية قوة الحقول المغناطيسية نفسها؛ لذا من الممكن أن تكون النجوم المغناطيسية هي الشكل النهائي لنجوم تتمتع أصلًا بحقول مغناطيسية قوية، وعليه تكون الحقول المغناطيسية للنجوم المغناطيس أحافير للحقول المغناطيسية للنجوم الأصلية (2). 

سديم السرطان (هو بقايا لنجم فائق الكتلة كان موجودًا في مجرتنا درب التبانة) 

اكتشف العلماء قرابة 23 نجمًا مغناطيسيًّا عن طريق الإشعاع الكهرومغناطيسي الصادر منها ويبعد أقربها عنّا قرابة 9000 سنة ضوئية ويُعتقد بوجود كثيرٍ منها متخفيةً في ممرات الغبار الكوني لمجرتنا، وكان أكبر انبعاث كهرومغناطيسي رُصد في كانون الأول (ديسمبر) من عام 2004؛ إذ أرسل هذا النجم المغناطيسي طاقةً في عُشْر ثانيةٍ تفوق ما أرسلتهُ الشمس في خلال 100,000سنة. ولو كان على بعد عشر سنوات ضوئية لقضى على طبقة الأوزون مخلفًا دمارًا واسعًا على كوكبنا، ولكن هذا الوحش يبعد عنّا قرابة 50000 سنة ضوئية في كوكبة القوس constellation Sagittarius واسمهُ SGR 1806–20، يُوصف بأنه أكثر الأجسام المرصودة مغناطيسية على الإطلاق (3). بعض الأجرام من الأفضل أن تبقى بعيدة!

لم تترجح كفة الأنموذج الجديد بعدُ، ولو رُجحت فسيكون هناك كثيرٌ من الأسئلة المتعلقة بالنجوم ذات الحقول المغناطيسية الكثيفة وسبب وجودها، وهو فعلًا ما يجعل رحلة الحصول على حلٍّ للغزِ الوحوش المغناطيسية طويلة وما تزال في بدايتها.

روابط من مقالاتنا القديمة:

هنا

هنا

هنا

هنا

المصادر:

1- هنا

2- هنا

3- هنا