الطب > معلومة سريعة
الجراحة العصبية الوظيفية Functional Neurosurgery
الجراحة العصبية الوظيفية "Functional Neurosurgery" هي مجموعة من الإجراءات الجراحية التي تجرى للتخفيف من أعراض اضطرابات الجهاز العصبي المركزي المختلفة، وتتضمن استهداف جراحي دقيق للبِنى التشريحية من أجل تعديل أو تعطيل النشاط العصبي المرضي للنوى أو الأعضاء العصبية التي تحدث عن طريقها تلك الاضطرابات؛ ومن ثَمَّ فإن القصد من الجراحة هو تقليل الأعراض وتحسين نوعية حياة المريض (1).
وتقع تلك البنى العصبية المستهدفة عادةً في المناطق تحت القشرية في عمق الدماغ، وذلك فإن هناك حاجة إلى تقنيات مجسمة للوصول إلى هذه المناطق بدقة وأمان، ولدى الوصول إلى الهدف الدماغي عبر المسبار والتحقق من موقعه بالطرائق الشعاعية أو الفيزيولوجية؛ عندها يتضمن الإجراء العلاجي إما استئصال الآفة باستخدام ترددات راديوية، وإما عبر الغرس الدائم لأقطاب تحفيز عميقة للدماغ التي توقف النشاط المرضي(1).
وتتطلب الجراحة العصبية الوظيفية جهودًا منسقة من فريق متعدد الاختصاصات بما في ذلك أطباء أعصاب، وجراحيّ عصبية، ومختصي أشعة عصبية وفيزيولوجيا عصبية(1,2).
وتُعدُّ الجراحة العصبية الوظيفية مجالًا سريع التطور يركز على العلاج لمجموعة واسعة من الاضطرابات العصبية(2)، وقد أحدثت ثورة في علاج الاضطرابات الحركية منها(1):
- تشنج الوجه النصفي "Hemifacial Spasm ": يتميز بحدوث حركات وجه مفاجئة وغير منضبطة، ويُعزى إلى وجود أوعية دموية تضغط على العصب المعصِّب لعضلات الوجه، ويوجد عديد من العلاجات غير الجراحية؛ كالعلاجات الدوائية أو الحقن الموضعي للذيفان الوشيقي، ولكن يبقى العلاج الجراحي المتضمن إزالة الضغط عن العصب هو العلاج المفضل لتشنج الوجه النصفي؛ على الرغم من وجود المضاعفات التي تشمل نقص السمع والدوار؛ إذ إن 70% من المرضى تتحقق لهم راحة طويلة الأمد مع هذا الإجراء.
- خلل التوتر العضلي المعمم " Dystonia": هي اضطرابات تتميز بحركات التوائية غير إرادية لأحد أطراف الجسم أو الجسم بأكمله، ويستهدف العلاج الجراحي لخلل التوتر الكرةَ الشاحبة " Globus Pallidus"؛ إذ يمكِّن الإجراء الجراحي من تعطيل منطقة معينة منها أو وضع محفز عميق للدماغ لتعطيل هذه البنية وظيفيًّا، وقد أظهرت كلتا التقنيتين نجاحًا في علاج خلل التوتر العضلي(3).
- داء باركنسون " Parkinson disease": داء باركنسون غير المستجيب على المعالجة الدوائية أو لدى المرضى الذين يعانون حدوث مضاعفات شديدة (3)؛ إذ تراجع العلاج الجراحي لداء باركنسون تراجعًا كبيرًا بعد إدخال علاج بديل فعال "الدوبامين" على مدى عقود على الرغم من عديد من الآثار الجانبية الطويلة الأمد كالحركات اللاإرادية، ولكن أدت الحاجة إلى علاج الحالات المتقدمة إلى تجدد الاهتمام بأساليب الجراحة العصبية؛ إذ أُعيد بدايةً استخدام الإجراءات الجراحية الاستئصالية كبضع الكرة الشاحبة، ولكن في الآونة الأخيرة ظهر التحفيز الكهربائي العميق للدماغ الذي يعد المفضل حاليًّا على الإجراءات الأخرى بسبب قابليته للعكس والتعديل(1).
- الرعاش الأساسي "Tremor ": يمكن أن يظهر الرعاش بأشكال عديدة، وتستجيب جميع أنواع الرعاش للتحفيز الكهربائي العميق عن طريق وضع المسبار في منطقة عميقة من الدماغ بالقرب من المهاد، وتتراوح فعالية العلاج بين 70-89% ومعدل مضاعفات 3%(3).
وتتضمن الاضطرابات الأخرى المعالجة عبر الجراحة العصبية الوظيفية عديدًا من الاضطرابات النفسية (الوسواس القهري الاكتئاب) ومتلازمات الألم المزمن (ألم ما بعد السكتة – الألم الشبح) وبعض أنواع الصرع النادرة (1,2).
قد شهدت الجراحة العصبية الوظيفية نموًّا سريعًا على مدى السنوات القليلة الماضية؛ إذ أدى فهم المناطق الدماغية المرتبطة بهذه الأمراض إلى جانب تطور التقنيات الجراحية وتكنولوجيا التصوير الشعاعي بما في ذلك الرنين المغناطيسي والعلاج بالليزر والموجات فوق الصوتية المركزة إلى تطور طرائق جديدة للحد من الإجراءات الغازية لعلاج هذه الاضطرابات(2).
المصادر: